لقاء نتنياهو – قابوس . الابعاد والاهداف.

بِقَلَم ألعَميد منذر ألأيوبي*

 

 

جَهدَ ألكيان الصهيوني خلال القرن ألماضي و بداية ألألفية ألثانية إلى إنتزاع شرعيته كدولة في محيط عربي كبير فَلامَسَ المُعتقدات الدينية لدى أليهود و الغرب عامة معتمدآ ما وَرَدَ في أسفار العهد القديم بالعبرية — سِفر ألتَكوين: 18-15 حيث يذكر عهد الله مع إبراهيم : في ذَلِكَ الْيَوْمِ عَقَدَ اللهُ مِيثَاقاً مَعْ أَبْرَامَ قَائِلاً: «سَأُعْطِي نَسْلَكَ هَذِهِ الأَرْضَ مِنْ وَادِي الْعَرِيشِ إِلَى النَّهْرِ الْكَبِيرِ، نَهْرِ الْفُرَاتِ” .

كما تمكن من تثبيت شرعيته بِإعتراف ألأمم ألمتحدة به كدولة عضو ضمن حدود آمنة
” القراران ألدوليان ٢٤٢ – ٣٣٨” .. وصولآ إلى علاقات مع الدول العربية مُقَنَعَة و مُعلَنَة ضمن سياسة التطبيع التي إنتهجها سواء بالترغيب أو الترهيب — تَغريدة الشيخ حمد بن جاسم مؤخرآ عبر حسابه على تويتر “قناعته” بأن للإسرائيليين الحق في أن يعيشوا في أرضهم بأمان .. إلخ” — عَفد إتفاقيات السلام ألمنفرد “مصر-ألأردن” — إفتتاح مكاتب تجارية متبادلة “سلطنة عُمان-قطر-البحرين” ..
دَلَفَ رئيس وزراء ألعدو بنيامين نتنياهو إلى داخل ألطائرة ألرئاسية الرابضة على المدرج 08R/26L في مطار مسقط ألدولي مُنهيآ زيارة رسمية مُعلَنَة إلى سلطنة عُمان عائدآ إلى إسرائيل ،، إستَوى على مقعده متبادلآ إبتسامات عميقة مع رئيس جهاز ألموساد ألإسرائيلي “يوسي كوهين” و مستشاره لشؤون ألأمن ألقومي “يوفال روتيم” !! فمرحلة ألتطبيع مع ألدول العربية باتت قاب قوسين أو أدنى من مراحلها ألنهائية !!
ببساطة ليس من الضرورة ألتساؤل حول أهداف الزيارة و إن تسابق المُحللين و المراقبين إلى معرفة ما هو غير مُعلن في كواليس “قصر ألبَركة” حيث مقر السلطان قابوس و لقاءِه رئيس وزراء ألعدو ..
ألبيان الصادر عن ألرئاسة العُمانية دون تأخير و طائرة نتنياهو ما زالت تُحلق في أجواء بعض دول الخليج قاصدة “مطار أللد” تَضمن عناوين عريضة “روتينية” إذا صح التعبير : ناقش التعاون الثنائي بين البلدين، تبادل وجهات النظر في ألقضايا ألإقليمية و الدولية ذات ألإهتمام ألمشترك، دفع عملية السلام في الشرق ألأوسط ألخ ..

إلا أن التفاصيل حيث “مقر ألشياطين” يَعُجُ بالكثير !! في ألشُق ألإيراني : إنَ تأسيس تعاون أمني صَلب و تواجد عسكري إسرائيلي في أقصى شمال السلطنة محافظة “مَسندم” التي تُطِل جِبالها علىى “مضيق هرمز” (( المنطقة الصالحة للملاحة تقع في الجانب العُماني )) يؤمن إستراتيجيآ ألإشراف ألمباشر على منافذ البترول ألخليجي و ألمضيق . كما يؤدي بالتالي إلى ألإقتراب من ألشواطيء ألإيرانية “٣٤ / ٥٠ كلم عرض مضيق هرمز” في رَدٍ مباشر على إقتراب القوى ألإيرانية و حزب الله من الحدود ألإسرائيلية في سوريا ..
إن إسقاط الطيران ألإسرائيلي ألطائرة ألروسية
“إيل ٢٠” كَبَل يٍدَي إسرائيل لجهة مواصلة إستهدافها القوى الحليفة لِإيران داخل سوريا رغم إبعاد روسيا هذه القوى مسافة ١٠٠ كلم عن الحدود مع الجولان المحتل ،، مما حَتَمَ إيجاد قناة إتصال مع ألإيرانيين في محاولة لتخفيف ألتوتر و ألعداء ، فعلاقة السلطنة مع طهران جيدة “والدة ألسلطان قابوس إيرانية” ،، كما أن مَسقَط سبق و نجحت وسيطآ في مباحثات بين ألرئيس ألأميركي باراك أوباما و الرئيس ألإيراني حسن روحاني أدت إلى ألإتفاق ألنووي بين إيران و دول (٥+١)..
و ربما كانت زيارة كبير مساعدي وزير الخارجية ألإيراني حسين جابر ألأنصاري مع وفد مُرافق سلطنة عُمان و لقاءه وزير الخارجية يوسف بن علوي قبل وصول نتنياهو تصب بشكل غير مباشر ضمن هذا الاتجاه ..!
في ألشق ألفلسطيني : سَبَقَ زيارة نتنياهو إلى عُمان ببضعة أيام زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس في محاولة لأقناع السلطان قابوس ألقيام بدور الوسيط فيما يتعلق بإلتزام إسرائيل مبادرة السلام
و حل الدولتين و من ثم ألتطبيع و العلاقات الديبلوماسية و التجارية ،، في حين يَهَدُف نتنياهو إلى التطبيع الكامل و إنجاز ما سُمي صفقة القرن
و نسف مبادرة السلام العربية القائمة على أساس ألأرض مقابل ألسلام ..!
إن الإستراتيجية ألإسرائيلية في الدائرة ألإقليمية هي ألتطبيع ألكامل و إنتقال العلاقة مع الدول العربية إلى ألعَلنية بما يؤدي إلى إضعاف ألموقف ألفلسطيني و إنهاء القضية ،، وفي هذا ألإطار سُجِل مؤخرآ مشاركة فرق رياضية إسرائيلية عدة مباريات في دولة ألإمارات ،، زيارة مسؤولين إسرائيليين بشكل رتيب سلطنة عُمان و إمارة ألبحرين ثُم زيارة وزيرة الثقافة “ميري ريغيف” إمارة أبوظبي يرافقها منتخب ألجيدو الأسبوع ألماضي ..
مع ألإشارة إلى أن وزير ألنقل ألإسرائيلي “يسرائيل كاتز” سيزور عُمان الاسبوع القادم للمشاركة في مؤتمر النقل العالمي حيث سيقدم مبادرة تحت عنوان “مسارات للسلام الإقليمي” وهي شبكة سكك حديدية تمتد من البحر المتوسط إلى الخليج ..
من السُخريَة بمكان أن التطبيع قائمٌ على قدم و ساق في ظلِ خلاف مستحكم بين حركة حماس من جهة و فتح و السلطة الفلسطينية من جهة أخرى حيث سيزور وفد أمني مصري قطاع غزة في مسعى لِإجراء مصالحة داخلية بين ألأطراف الفلسطينية ..! مما يوحي بتكامل أدوار بين الوسيط ألمصري و الوسيط العُماني و دائمآ في إطار صفقة القرن و إنهاء الصراع و تحقيق ألإستقرار ألأمني ألإقليمي وفقآ لمفهوم ألإستراتيجية ألإسرائيلية ..
في ألشق أليمني : إسرائيل معنية إستراتيجيآ بما يحصل في اليمن إذ أن مضيق باب المندب هو ألممر البحري الرئيسي للسفن التجارية الاسرائيلية و بوابة الدخول إلى البحر ألأحمر ،، و قد جاء قرار وزير الدفاع ألأميركي “جايمس ماتيس” بوقف إطلاق النار في اليمن خلال ٣٠ يومآ و الدخول في مفاوضات جادة لِإنهاء ألحرب نقطة دفع ريما ‫لوساطة مسقط‬ فوضعيتها ألجيو سياسية تعزز حياديتها ،، حيث تلعب العاصمة العُمانية دورآ وسيطآ في ألأزمة اليمنية لا سيما و ان ألحدود الجغرافية بين البلدين بطول ٣٠٠ كلم‫ مما يؤكد إدراجها على جدول مباحثات قابوس-نتنياهو و الرغبة في إقرار إشراف دولي على ألمضائق بما يُريح و يطمئن إسرائيل إلى حدٍ ما .. ‬
موقع سلطنة عُمان ألجغرافي الهام بوقوعها بين بحر العرب، بحر عمان، والخليج العربي. دولة الإمارات، السعودية، اليمن، مضيق هرمز و إيران ربما أَسبَغَ عليها دور الوسيط لكن ليس مع ألعدو ألإسرائيلي فهذا إستسلام إن لم نقل أكثر .. !!

*كاتب و باحث في ألشؤون ألأمنية و ألإستراتيجية.