“لوموند” : رياض سلامة … المشعوذ الذي أفلس لبنان

كتب بنجامان بارت في صحيفة “لوموند” الفرنسية مقالاً بعنوان : “رياض سلامة الساحر الذي صار مشعوذاً وأفلس لبنان”.

وجاء في المقال : في سن التاسعة والستين، بات محافظ مصرف لبنان المركزي رياض سلامة الذي تمتع طويلاً بهيبة قوية، يعتبر متآمراً في نظر مواطنيه، بعدما صارت هندساته المالية سبباً في تسريع الأزمة في بلاد الأرز.

 

بعد ثلاثين عاماً، أدت الترقيعات الذكية والابتكارات المشينة وانعدام الشجاعة إلى ولادة وحش. ويتحمل رئيس مصرف لبنان المسؤولية عن هذه الكارثة مع الطبقة السياسية المعروفة بإهمالها وفسادها

إنه الرجل الذي عشقه اللبنانيون ويريدون حرقه الآن.

وجسد محافظ البنك المركزي في لبنان منذ ما يقارب ثلاثة عقود أحلام التجديد في حقبة ما بعد الحرب الأهلية، عندما وفرت الليرة اللبنانية قدرة شرائية للبنانيين حسدتهم عليها شعوب المنطقة. واليوم، يرتبط سلامه نفسه بإفلاس الدولة وانهيار العملة الوطنية، حيث انخفضت قيمتها بنسبة 60٪ مقابل الدولار.

مشعوذ
وفي نظر اللبنانيين الذين تبدو مدخراتهم مهددة بالتبخر، تحول “ساحر” سنوات التسعينات والعقد الأول للألفية، مشعوذاً مبتدئاً. فقد سرعت هندساته المالية التي أتاحت للبنان تحدي قوانين الجاذبية المالية، أزمة مالية عملاقة، إذ بلغ 68 مليار دولار حجم خسائر المصرف المركزي والمصارف الخاصة.

وقال الاقتصادي شربل نحاس، وزير الاتصالات والعمل الأسبق ومدير بنك سابق: “رياض سلامة لاعب بوكر رائع”.

ولكنا بعد ثلاثين عاماً، أدت الترقيعات الذكية والابتكارات المشينة وانعدام الشجاعة إلى ولادة وحش. ويتحمل رئيس مصرف لبنان المسؤولية عن هذه الكارثة مع الطبقة السياسية المعروفة بإهمالها وفسادها.

أمين صندوق النظام
ومع ذلك، وبوصفه العقل المدبر للسياسة النقدية ولزم منصبه في ظل الحكومات ال11 المتتالية، فإن مسؤوليته في الكارثة أكبر من غيره.

وقال سيبيل رزق، مدير السياسة العامة في منظمة “كلنا إرادة” غير الحكومية: “إنه أمين صندوق النظام، المضخة المالية التي أبقت كل هؤلاء الأشخاص في السلطة”. ولفت إلى أن دور المصرفي في مواجهة عميل متعثر، هو إخباره، والانسحاب إذا لم ينصت، ولكنه لم يفعل.
ولم يجب رياض سلامة على الأسئلة التي أرسلتها له “لوموند”.

رفيق الحريري
هو مولود في كفردبيان، وهي قرية في الجبال المارونية، وصل إلى رأس المؤسسة النقدية عام 1993 إذ كان في الثالثة والأربعين. كان سابقاً في بنك ميريل لينش للأعمال، ويدين بتعيينه لصديقه رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري. وساعده على تنمية الثروة التي جمعها في أعمال البناء في السعودية.

الديون
لفت بارت إلى أن الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990) كانت قد انتهت للتو، وبدأت عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية عندما بدأ لبنان يحلم بأن يصبح محوراً لمنطقة استقرت أخيراً. ولتسريع إعادة الإعمار، راهن الحريري بدلاً من تطوير القاعدة الضريبية على الدين.

وأشار بارت إلى أنه بعد موجة من التكهنات التي أدت إلى انخفاض الليرة وسقوط رئيس الوزراء السابق، بدأ هجوم منسق، وفقًا لبعض المراقبين لتقديم سلامه كمنقذ للعملة الوطنية، والفارس الأبيض الذي سيدافع عن سعر الصرف الليرة ويحمي الودائع، وبالتالي سيسمح للبنوك المحلية بإقراض الدولة.

هالة سلامة
وكانت هالة سلامة تضخمت بعد انهيار عام 2008، بذريعة أنه استطاع حماية الليرة اللبنانية من أعاصير 2005 (اغتيال رفيق الحريري) و 2006 (حرب إسرائيل وحزب الله) وإبقاء لبنان بمنأى عن عاصفة الرهن العقاري. وفي حينه، أمطرت عليه الجوائز الدولية كـ”أفضل مصرفي مركزي في العالم” و “أفضل مصرفي مركزي في الشرق الأوسط”، حتى أنه ينسب إليه طموحات رئاسية.

تحويلات المغتربين
ومع اعتبار لبنان ملاذاً آمناً، بدأت التحويلات المالية من الشتات تتدفق إليه. ويتذكر دان قزي: “وصل 20 مليار دولار بين عامي 2006 و 2010. ولو أجري استطلاع في حينه ، لقال 99% من السكان أن سلامة قديس. ولكن ماذا فعلنا بهذا المال؟ أبراج مكاتب مبهرجة وزيادة الرواتب في القطاع العام”.

ويضيف بارت أن السراب بدأ يتبدد بدءاً من 2014. فبسبب الحرب في سوريا ، وتراجع أسعار النفط، وتراجع العلاقات بين الخليج وبيروت، تباطأ تدفق رؤوس الأموال. ولمواصلة ضخ الأموال، وبالتالي تمويل الدولة قام سلامه بتبديل سندات الدين المعقدة للغاية بين المصارف ومصرف لبنان.