البلد في طور المَحَاق ..!

 

 

 

بِقَلَم العميد مُنذِر الايوبي*

بعد ان ثَبُت ليل امس بالوجه العلمي والشرعي ان قمر التربيع الثالث 3rd Quarter من الشهر الثامن قارب “المحاق” New Moon و هو آخر اطوار القمر ومنتهاه، في انمحاق نوره اختفائه اذ تقترن الشمس والقمر معآ في نقطة واحدة من الاحداثيات السماوية؛ ثبت ايضآ نهار امس بالوجه الاخلاقي والانساني انمحاق نور الوطن بعد اقتران اولي الامر من ارباب السلطة والاوليغارش مع زعماء قبائل المصارف والتجار والصيادلة واصحاب الافران والمخابز ومحطات المحروقات ومستوردي المواد الغذائية “دون تعميم” في نفس النقطة من احداثيات الفساد والافساد والشراكة في الجرم..!
بدت الحقيقة صادمة مروعة رغم توقعها، سلسلة لا تنتهِ، لا بل دائرة كحجر الرحى تطحن اجساد الناس واموالهم دون رحمة؛ استيراد ف دعم ف تخزين ف تغيير مدد الصلاحية ف كسب حرام ثم توزيع المردود على استراتيجية معتمدة من اسفل الى اعلى Bottom-up بالتوازي مع حماية مشتركة منظمة من اعلى الى اسفل Top-Down..!
كان مؤلمآ تواطؤ الناس على الناس؛ بين الحقيقة والخيال، ترحم اطفال اهل البلد والبؤساء على “روبين هود” Robin Hood وعصابته “الرجال المبتهجين” Merry Men الذين حاربوا الظلم فكانوا يسرقون اموال الاغنياء لاطعام الفقراء..
تجرأ الوزير مشكورآ بمؤازرة فاعلة من الجيش والامن على الدهم والمصادرة. لكن في الاحوال الطبيعية علة التأخر ذات وجهان الرضى اولآ كون ماحصل افضل من الا يحصل ابدا، والتأنيب ثانيآ لفشل في ادارة الزمان والتوقيت كبح تمادي الجرم. من هذا المنطلق يفرض الواقع تعويضآ عن العلة انزال عقاب شديد فوق المعتاد على المجرمين المرتكبين كون الضحايا بالالاف، “وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ” ..!

تاليآ؛ يتساءل العامة اين هم ومن هم..؟ ما اعلن من اسماء عرفت وما جهل منها ل خشية وما بقي مجهولا جميعهم يجهدون لمحاولة المقايضة بالكفارة للتحلل من الجرم.. بعض من بعضهم ادرج على متن محاضر، اخرين غادروا او تواروا اما القلة فلا ذنب لهم على ما تواتر.. لا ملفات محيرة او فك طلاسم، الحقائق على كل شفة ولسان تبقى على ذمة الرواة ان استنكف المعنيين عن بيانات تكشفها..!

“كما تكونوا يولى عليكم” اخطر ما في هذا القول انه صورة صادقة لحال الشعب والمأساة.. تجسيد لواقع وخيارات سبقت يفترض تصحيحها مستقبلآ، اذ دوام الحال من المحال والمؤمن لا يلدغ من جرح مرتين..
في المعادلة المستحيلة الفرار ليس رغبة بالتحرر ولا دخول السجن ارادي بعد اعتراف؛ قد يرتدي الانسان ثوب السجناء وهو خارج القضبان دون ان يدري ؛ لا فرق أٰ كان على حق او ضلال، ان اعتنق مبدأ او انكر آخر، ان استعبده المال او عبده..!
خِتامَآ؛ لتشابه المعاناة وتكرر التجارب الانسانية ليس هنالك ارقى واجمل واشد وقعآ وقناعة من عبارات الناشط الاميركي “مارتن لوثر كينغ” : « بألإصرار الصبور والراسخ سوف نمضي قدماً إلى أن تتحول كل وديان اليأس إلى قمم للأمل، وإلى أن يتحول كل جبل من جبال الغرور واللاعقلانية إلى تلة وضيعة بعملية التسوية التي ديدنُها التواضع والشفقة؛ إلى أن تتحول أماكن الظلم القاسية إلى سهل ناعم من التساوي في الفرص؛ وإلى أن يتم تصحيح أماكن الإجحاف الملتوية بآلية تقويم أساسها حكمة بعيون نيّرة »..

———————–

بيروت في 25.08.2021