الانقلاب المتوخى يطفئ المحن ويحقق الامنيات…

بقلم : عباس صالح*

فيما يشبه أحلام اليقظة تبدى أمام مخيلتي ذلك المنقذ الرعديد. ظهر كبطل يشبه المخلوقات الآتية من كوكب آخر ، هو  من  طينة الرجال النادرين، إستقامة ووعياً وحدة ذكاء وترفعا وكبرياء.
رأيته بهندامه الرسمي الكامل. يملأ الشاشات في لحظة تحول تأسيسية نادرة ، ستذكرها كل التواريخ، على اعتبارها لحظة إضاءة كونية .
لدى ظهوره المهيب، أنصت العالم كله واللبنانيين المقهورين المعذبين أصغوا باهتمام لبيانه الاول وهو يتلى على مسامعهم وتتساقط كلماته عليهم ، كرذاذ من الثلج يتساقط على الملهوفين في قيظ آب.
قال في ما قاله: أيها اللبنانيون، نعلمكم أننا ثلة خارجة من صميم الوجع ومن لجة المعاناة وقلب المحنة، لقد قررنا تعليق الدستور اللبناني، ووقف العمل بمندرجاته كافة، وتشكيل حكومة انقلاب، مهمتها تهديم المزارع والممالك القائمة،وتفكيك الحظائر  الطائفية، وإعادة الأنسنة إلى نفوس المواطنين، ولا سيما أولئك الذين بالغوا في التوحش. وبناء وطن يشبه ألاوطان، وفرض سيادة القانون على كل شبر من أشبار أرضه.
ويتابع: أيها اللبنانيون، على اختلاف انتماءاتكم وولاءاتكم الخارجية والداخلية، نحن اليوم نخاطب فيكم الوجدان لتساعدوننا على ان نستعيد جميعاً كرامتنا الانسانية التي استبيحت وشرفنا الذي أُهين ومُرِّغت به الارض تحت أقدام تلك العصبة اللئيمة التي تحكم البلاد بتفريق أهلها وتمزيق وحدتهم، وتتقاسم خيرات الوطن فيما بينها بالقسطاس كأنها غنائم حربية، وعندما يختلفون على القسمة فيما بينهم يلجأون إليكم لتقتتلوا وتتناحروا، وتقدمون دماءكم وارواح أبنائكم على مذابح تحاصصهم وجشعهم.
ويقول : أيها اللبنانيون، تعرفون جميعاً ان تلك العصبة اللئيمة قد بغت وتمادت في غيها وطغيانها، وبالغت في إحتقار إنسانيتكم وسحق آدميتكم وتغييب عقولكم، وآن لنا ان نهب هبة رجل واحد فنكسر كل تلك القيود المصطنعة، ونسقط عنهم الحصانات الوهمية الواهية، ونأتي بهم صاغرين مجردين إلى محاكم الميدان التي ستستعيد منهم حكماً، ومن أزلامهم وتوابعهم وفروعهم كل ما سرقوه من أموالكم، وكدسوه، قبل ان تحاكمهم بتهم قتل أعماركم وإذلالكم وإعدام مستقبل اولادكم في وطنهم.
ويضيف: أيها اللبنانيون، إنها فرصتكم النادرة، لبناء وطن على أُسُس واضحة متينة وقوية وآليات ثابتة تمكنكم من ان تستعيدوا من خلالها كل اموالكم وجنى أعماركم من بطون سراق الهيكل ولصوصه، كما تمكنكم من استعادة أمجادكم كبلد ابداع وإشراق فريد بمزاياه ومتميز بثرواته وغنى موارده عى كافة المستويات، ولا سيما الانسانية منها والطبيعية.
ومن هنا تأتي دعوتنا لكل الطاقات اللبنانية النبيلة للمشاركة مع بناة الوطن الجديد، وتقديم كل ما يمكنهم في سبيل تحقيق هذا الهدف السامي، كما ندعو كل دول العالم وحكوماته لمؤازرتنا في هذه الورشة التنظيفية لإعادة بلدنا الى خارطة الكون، ليلعب رغم صغره، أدواره المحورية في إضافة اضاءات انسانية ساطعة الى كل مشاريع صناعة المستقبل المشرق للبشرية.
ثم يقول: من هذا المنطلق فإننا اتخذنا بداية المقررات الضرورية الآتية:

1- وضع الجيش اللبناني بإمرة السلطة الانتقالية، وحل كل الاجهزة الامنية وإلحاقها بالجيش مع فائض الموظفين في كل وزارات الدولة وإداراتها، والابقاء على جهاز متواضع للشرطة يتولى ادارات السير والمخافر والجوازات وسواها من المهام المدنية، وحصر كل ما هو امني وعسكري باقسام الجيش وفروعه.
2- اعتبار الطائفية في لبنان علة العلل، التي تنبثق منها كل الازمات والمحن ، وتمزيق كل النصوص المتعلقة بها،  ولا سيما طائفية توزيعة المراكز العليا منها والدنيا وما بينهما إلغاء نهائيا  حتى من النفوس، وفرض عقوبات قاسية جداً بحق كل من يتحدث بشأنها سراً أو علانية، واعتباره شخصاً يعمل لاعادةالخراب الى الميدان اللبناني.
3- تسند إلى قوى الجيش مهام فرض القوة لاستباب الامن في البلاد، ومنع كل أشكال الاعتداءات على الناس، وابرزها قطع الطرقات، تحت طائلة إحالة المسؤولين العسكريين الى المحاكمة الفورية بتهمة التواطؤ مع المجرمين وقطاع الطرق والاعتداء على كرامة المواطنين والمارة، بهدف تحقيق غايات سياسة، وعرقلة إقامة الدولة.

4- يتم فرض الطوق حول كل المقار الرسمية السابقة (باعتبار ان الدستور بات معلقاً) بالقوى الشعبية المدنية منها والعسكرية، ومنع قاطنيها من الخروج منها والدخول إليها،  لأي كان وبأي ظرف من الظروف، حتى تحقيق الهدف الاول وهو تقديمهم للمحاكمات على أيدي قضاة لم يتعينوا في مناصبهم بفعل التدخلات السياسية.
5 – انشاء محاكم ميدانية تتولى النظر فوراً بكل قضايا الذين تولوا مناصب عامة ممن تحوم حولهم شبهات السرقة والصفقات والتلاعب بالاموال العامة بأي شكل من الاشكال، واستعادتها الى خزينة الدولة والعمل على مصادرة كل اموالهم المنقولة والثابتة بعد إدانتهم.
6 – إنشاء أقسام من الجيش، وتكليفهم بعمليات المراقبة الصارمة والدقيقة لكل المؤسسات التجارية وسواها في كل البلاد، والتعاطي بحزم وشدة وقساوة مع كل المتلاعبين والمحتكرين وفرض أسس حديثة وشاملة لتسعير السلع وموائمتها مع اسعار الاستيراد والتصنيع وسوى ذلك، ثم العمل بعد ذلك على مراقبة مؤسسات البيع، وإحالة كل من لم يلتزم ولو كان الخرق بليرة واحدة الى اقسى وأشد انواع العقوبات الرادعة، واقلها مصادرة كل بضاعة متجره، كما مصادرة امواله الثابتة والمنقولة، ومنعه من مزاولة التجارة مدى الحياة باعتباره كان سارقاً ولم يكن أمينا على مهنته وعلى أموال الناس.
7- للمرتشين من موظفي أجهزة الدولة ومؤسساتها، احكاماً أشد قساوة وإيلاماً لا تقتصر على المرتشي وحده بل تتعداه الى كل اعضاء دائرته القريبة، بحيث يتم مصادرة كل ما يملك من ثوابت هو وافراد عائلته وضمها الى خزينة الدولة.
8- على صعيد موارد الدولة، سيعمل الحكم الانتقالي على كل ما من شأنه ان يعزز الواردات الطبيعية للخزينة بمعزل عن فرض الضرائب على المواطنين وسيتم استخراج الثروات الطبيعية الدفينة تحت مياه البحر وفي بطن اليابسة ايضاً ، وسيعتبر كل مشوش على هذه العمليات بمثابة المتماهي مع الاعداء، وسيقدم للمحاكمة على هذا الأساس.

ويختم بالقول : من هنا البداية، لكن ما يزال هناك الكثير الكثير مما سنقوله في مراحل لاحقة.،

عشتم .

———————–

  • * رئيس تحرير “الدنيا نيوز”