هل اللجوء إلى السجائر الإلكترونية للإقلاع عن التدخين يأتي بنتائج عكسية؟

 

 

“اخبار الدنيا”- دانيا يوسف*

يُروَّج عادةً للتدخين الإلكتروني والسجائر الإلكترونية على أنها طرق تساعد على الإقلاع عن التدخين، لكن؛ ماذا لو حدث العكس؟ هل يقود التدخين الإلكتروني إلى التدخين بشكل متواصل ودائم فيما بعد؟
وجد باحثون في كلية الطب في جامعة واشنطن، أن المدخنين الذين يحاولون ترك عادة التدخين والانتقال إلى السجائر الإلكترونية قد يصبحون مدمنين للنيكوتين بتدخين السجائر العادية والسجائر الإلكترونية. لكن في المقابل، وجد الباحثون أن أدوية الإقلاع عن التدخين التي وافقت عليها منظمة الأغذية والعقاقير الأمريكية FDA مثل بدائل النيكوتين والتوجيه السلوكي، قد تساعد على الإقلاع عن السجائر العادية ونظيرتها من الإلكترونية.
يشارك طبيب القلب من جامعة جونز هوبكنز آرائه عن المخاطر المحتملة للتدخين الإلكتروني، ويؤكد على أن الحل الأفضل للحفاظ على صحة الجسم يكمن في تجنب كل من السجائر العادية وبدائلها الإلكترونية.
أجرى الطبيب والبروفيسور الحائز على ماجستير في الصحة العامة مايكل بلاها، بحثًا طبيًا في مركز Ciccarone للوقاية من أمراض القلب و الأوعية الدموية، ويقول في بحثه إنه على الرغم من قلة مخاطر السجائر الإلكترونية مقارنة بالسجائر العادية لكنها تبقى غير آمنة، فبعض السجائر الإلكترونية المنكهة تحتوي على مادة النيكوتين وهي المادة الموجودة في التبغ وتسبب الإدمان.

ينوي حوالي 40 مليون مدخن أميركي الإقلاع عن التدخين بواسطة التدخين الإلكتروني. لكن أعداد المدخنين الذين يدخنون السجائر العادية و يستنشقون بخار السيجارة الإلكترونية قد ازدادت بشكل ملحوظ. وبدلًا من التخلص من الإدمان، انتهى بهم المطاف في استهلاك النيكوتين بشكل أكبر.
علمًا أن ما يقارب 70% من المدخنين ينوون ترك التدخين في العام الواحد، و 20% يريدون التدخين بشكل أقل. لكن نسبةً لا تتجاوز 5% من هؤلاء ينجحون في الإقلاع عن التدخين، دون استخدام أي نوع من العلاجات المساعدة مثل بدائل النيكوتين!
تشرح المشرفة على البحث والطبيبة والأستاذة في علم النفس لي شون تشين، العلاجات الموثقة التي تساعد على الإقلاع عن التدخين، مثل بدائل النيكوتين وعقار الفارينيكلين، إضافةً إلى التوجيه السلوكي للمدخنين. وتقول إن هذه العلاجات قد تساعد مدخني السجائر الإلكترونية والعادية على التوقف عن التدخين وهزيمة إدمانهم.
وجدت تشين وزملاؤها عند مراجعة السجلات الطبية الإلكترونية ودراستها لأكثر من 110,000 مدخن ممن فُحصوا في العيادات الخارجية لمشفى بارنر جويش بين عامي 2018 و2020، أن أعداد المدخنين قد تضاعفت 3 مرات!
فبعضهم لجأ للتدخين الإلكتروني خطوةً أولى لترك التدخين، لكن بدلًا من ترك التدخين أصبح البعض يدخن نوعين من السجائر.
أفادت الدراسة أيضًا أن نسبة مستخدمي الدخان بنوعيه قد كانت 0.8% في بداية الدراسة، لكن هذا الرقم كان قد ازداد إلى 2.3% عند جمع البيانات. ولاحظ الباحثون أن العدد الكلي لمدخني السجائر الإلكترونية قد تضاعف أيضًا.
ووجد الباحثون أن واحدًا من أصل خمسة، أي 20.8% من المدخنين الذين يدخنون السجائر الإلكترونية والعادية، كانوا قد أقلعوا عن التدخين في غضون 12 شهرًا. أما نسبة إقلاع مدخني السجائر العادية فقط كانت 16.8%.
في عام 2016، صنفت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية FDA السجائر الإلكترونية المنكهة التي تحتوي على نيكوتين على أنها مواد تبغية.
يقول بلاها: “إنه على الرغم من اتخاذ إدارة الغذاء والدواء الأمريكية موقفًا مما يسمى الخطر المحور، الذي يسبب ضررًا أقل من التدخين، فإن السجائر الإلكترونية تعد حاليًا خطيرة ومضرة للصحة أكثر من عدم تدخين أي شيء على الإطلاق”.
من جانب آخر، يُلاحظ أن المراهقين يفتقدون لفهم ماهية منتجات التدخين الإلكترونية، ففي بعض الأحيان قد لا يعلمون أن هذه المنتجات تحتوي على نيكوتين، أو قد لا يعرفون ما هي الجرعات المسموح بتدخينها، أو حتى ما هو ضرر تلك النكهات على الصحة. لكن لأن استخدام السجائر الإلكترونية يُعد مقبولًا اجتماعيًا أكثر من السجائر العادية، يعتقد البعض أنها أقل ضررًا.

يشير العلم إلى أن مليوني مراهق قد يستخدمون السجائر الإلكترونية كأول منتج يحتوي على نيكوتين، وهم بذلك لا يحاولون الإقلاع عن التدخين لأنهم ليسوا مدخنين.
ولأن النيكوتين بجميع أشكاله يُعد مادة تسبب الإدمان، يمكن أن يصبح التدخين الإلكتروني عادة خطيرة ومكلفة لحياة المراهقين، وقد لا يتوقفون عند ذلك، ليصبحوا عرضةً لاستخدام المخدرات غير المشروعة ومنتجات التبغ الأخرى مثل السجائر العادية.
بالحديث عن حل هذه الظاهرة، يبقى العلاج ببدائل النيكوتين والتوجيه السلوكي هو السبيل الرئيسي لعلاج مدخني السجائر العادية والإلكترونية معًا. ففي إحدى الدراسات، وبعد تلقي مجموعة من المدخنين للعلاج، أقلع حوالي ثلث المجموعة (أي 29%) من غير المدخنين في غضون عام واحد. أما الذين لم يتلقوا أي نوع من أنواع العلاجات، فقد كانت نسبة من أقلع عن التدخين منهم حوالي 17%.

على الرغم من أن معدلات الإقلاع عن التدخين كانت كبيرة بين المدخنين للدخان بنوعيه، فإن حوالي الثلثين لم يقلعوا عن التدخين حتى بعد مرور سنة على العلاج. لذلك لا يقترح كل من هايدين وتشين اللجوء إلى السجائر الإلكترونية إذا أراد المدخن الإقلاع عن التدخين، فمن الممكن أن يتحول الأمر إلى عادة سيئة تنتشر بين الشباب الذين قد يُدمنون تدخين السجائر الالكترونية، ويؤكدان على أن أفضل حل للإقلاع عن التدخين هو استخدام بدائل النيكوتين أو العلاج السلوكي.

—————————————

*رئيسة القسم الثقافي في الدنيا نيوز.