ليلة النجوم.. لوحة رسمت داخل مصحة عقلية…

 

 

“اخبار الدنيا” – دانيا يوسف*

لوحة ليلة النجوم Starry Night، التي تُعدّ أحد أعمال المناظر الطبيعية. يعتبر هذا العمل لوحة تجريدية معتدلة لسماء ليلية تعبر فوق قرية صغيرة على جانب تل، وتُعدّ هذه اللوحة أحد أهم أعمال الفنان الانطباعي الهولندي فنسنت فان جوخ والتي قام برسمها في عام 1889. فقد قام فان جوخ برسمها خلال إقامته التي استمرت 12 شهرًا في ملجأ سان بول دو موسول بالقرب من سان ريمي دو بروفانس في فرنسا، حيث كان فان جوخ يشاهد الليل من خلال النافذة بينما كان يقوم برسم لوحته خلال ساعات النهار من ذاكرته وتخيلاته.
تتشكل لوحة ليلة النجوم من سماء الليل التي تحوي دوامات زرقاء اللون وهلال أصفر متوهج ونجوم أصبحت بمثابة أجرام سماوية مشعة، كما تحتوي على برج أو شجرة من أشجار السرو، والتي تُوصَف بأنّها تشبه اللهب المحلّق بحيث تتجعد أغصانها الداكنة وتتمايل باتجاه السماء التي تحجبها جزئيًا، ووسط كلّ هذه الرسوم فقد تم رسم قرية منظمة أسفل يمين اللوحة، حيث تشكل الخطوط المستقيمة المنازل الريفية الصغيرة وكنيسة لها منارة ترتفع لأعلى، كما تم رسم مربعات صفراء متوهجة في المنازل كأنوار ترحيبية للمنازل الهادئة، مما ساهم بخلق زاوية هادئة وسط اضطرابات اللوحة الأخرى.
هذه اللوحة موجودة بشكل دائم منذ عام 1941 في متحف الفن الحديث بنيويورك بعد أن اشتراها من تركة جامعة التحف الفنية الأمريكية (Lillie P. Bliss) ، وهذه اللوحة لفينست فان غوخ هي من بين أكثر لوحاته شهرة وتمثل منعطفًا حاسمًا بسبب استخدامه حرية خيال أكبر في لوحاته الفنية.
تتبع هذه اللوحة المدرسة ما بعد الانطباعية، وهي حركة فنية سيطرت على صدارة المشهد الفني العالمي أواخر القرن 19 وأوائل القرن العشرين، وقد تم تطوير ما بعد الانطباعية نفسها من حركة سابقة معروفة، وهي الانطباعية والتي ركزت أساسًا على تصوير الضوء والظل في اللوحات باستخدام ضربات فرشاة صغيرة ورقيقة ومرئية.
بعد الحديث عن لوحة ليلة النجوم Starry Night سيتم التعرف على فان جوخ الذي قام برسم هذه اللوحة، إذ إنّ اسمه الكامل هو فينسنت ويليم فان جوخ الذي ولد في 30 مارس من عام 1853 في مدينة زونديرت في هولندا، وتوفي في 29 يوليو من عام 1890 في مدينة أوفيرس سور أويز بالقرب من باريس في فرنسا، وهو أحد أعظم الرسامين الهولنديين، حيث ساهمت لوحاته ذات الألوان المذهلة وأعمال الفرشاة القوية ذات الأشكال المميزة بالتأثير بشكل كبير على الفن الحديث، ولقد زادت شهرة فان جوخ بعد وفاته بشكل كبير وخاصةً في أواخر القرن العشرين، حيث تم بيع أعماله في مزادات في جميع أنحاء العالم بأسعار عالية جدًا، كما ظهرت أعماله في تصوير الأفلام داخل معارض خاصة، كما عرف فان جوخ بأنّه الفنان المُعذّب المثالي بسبب رسائله الواسعة المنشورة.
ورغم أنه مات فقيرا وغير معروف على الإطلاق، فإن ليلة النجوم الآن واحدة من أشهر اللوحات في التاريخ والأكثر تقليدًا وطباعة. وقد صار غوخ نفسه مصدر إلهام العديدين. فالشخصية التي كانت تعاني الحزن واليأس أنتجت هذا القدر الهائل من الفن والجمال، رغم أن هذا الرسام قضى نصف عمره في المصحات العقلية.

————————————

*رئيسة القسم الثقافي في “الدنيا نيوز”