لبنان.. الصحو اللطيف بين التشرينين..!


بقلم العميد مُنذِر الايوبي

على ما يبدو لا تزال الديبلوماسية الفرنسية في عقليتها تعيش حالة اللاوعي Unconscious على خلفية الفكر الاستعماري المتجذر، إذ بلغت من الكبر عتيا “حالة لا سبيل إلى إصلاحها ومداواتها”..! تمثلت على صعيد المعضلة المعجزة لانتخاب رئيس للجمهورية مؤخرآ في رسالة وجهها المفوض السامي الفرنسي جان إيف لودريان الى النواب اللبنانيين متضمنة سؤالين او اكثر لا فرق ،طالبا ايداع اجوبتهم سفارة بلاده فبل الاول من ايلول القادم..!!! انه الحراك النشط العقيم في آن، أدَرَى أم لم يدرِ.. تسعة اشهر واكثر مرت على الفراغ الرئاسي في مؤداه تاليآ أداء حكومي ممنوع من الصرف سياسيآ، مسموح في علم النحو لغويآ تدوين محاضر الجلسات مع ترتيب الفقرات حصة امين عام مجلس الوزراء بالفاعلية، والمفعولية..!

تاليآ، رغم ان التحضيرات لزيارة الموفد الفرنسي قائمة على قدم وساق بما فيها من مشاورات واتصالات محتواها غلال بباب نتاج أحجيات النوايا، فاللقاءات في عتمة ليل تكون تِلْو رومنطيقية شمس الاصيل الدارجة ..! واذ سبق والكل اظهر ترحيبآ كما اعلن تعاونآ وانفتاحآ على المبادرة الفرنسية ما سمح لمعظمهم عبورآ سلسآ على مدخل قصر الصنوبر، لكن الاناخة او النهوض فمتعذر القيام لضيق مساحة ووفرة شظايا.. مستمر تقطيع الوقت وهو متاح لهؤلاء، لا قيمة للزمن عندهم ولا لمآسي اهل البلد مهما رف حاجبي السفيرة الانيقة ..!

واذ تسعى المعارضة لتوحيد الاجوبة والمواقف المعاندة مع مقاربة سلبية لمقتضيات حوار مرفوض ايتداءً؛ فالفريق الاخر غير معترض او متحفظ على ممارسة رئيس التيار مداعبة حميدة مع خصوم واصدقاء، نوع من غمز ولمز اتقان توزيع حلوى سكرية حينآ وبطعم اللوز المر أحيانآ أُخَر..!


المؤثر الاثقل في هذا الفريق متكأ على مطرقة رئيس المجلس بعد ان اودع سنداته ضمانات انتخاب وبدائل تسمية، مترقبآ على هدوء لا مضض ارنب حلحلة يمكن اخراجه والعبور به نحو تسوية شاملة، دون اعتراض ضمني على صلبها (ترك قرار الحرب والسلم) للسفيرة الاميركية الجديدة ليزا جونسون -المثيرة في خلفيتها للاهتمام- على سببية سلبيةٍ تتمثل في قصور وانعدام ثقة بين اشباه رجال دولة؛ كما لها ايضآ ممن سبقها “دون منة” حرية الحركة الاستراتيجية لترتيب اوضاع البلد مع رعاية ومعالجة الملفات الشائكة ان صار الوقت..!

أخيرآ؛ ان كل ما نضح عن اللقاء الخماسي الذي انعقد مؤخرا في دوحة قطر لم يكن سوى نوع من الإيحَاءُ الذَّاتِيُّ Autosuggestion تكرار افكار، ترداد آراء واقناع ذات “استشفه اطراف الصراع المحلي فأراحهم” على وقع التعطيل المستمر المتمادي والاستعصاءات الداخلية كما الانقسام العامودي سيما لجهة قواعد الاثبات الوطنية الجامعة والآليات الدستورية..! وعلى رغم الإيجابية التي يعلن عنها دائمآ في كل لقاء او اجتماع تارة لصحة الحقيقة وطورآ للياقةٍ حبسُ يأس، فإن الدعم الذي تلقاه لودريان لمبادرته ولقاءاته أٰ ثنائية كانت ام جامعة، سيتبخر مع اواخر شهر ايلول ليعود الى الاليزيه بخفي حنين.. يتبعه بين التشرينين صحو طقسي لطيف يساهم في ضبط مقادير العلاج الاميركي الاحادي، حقنة موجعة بالكَي الكيميائي من حقيبة آموس هوكستاين يضخها في الجسد المهترئ تمنح مباركة طبيعية لاستخراج كمون المربع رقم (9) وبركة استثنائية لخروج الرئيس المنتخب ببزته المدنية من مجلس النواب.،!

بيروت في 17.08.2023