لبنان.. الانقسام يتراكم في ظل الفراغ السياسي..!

 

 

بقلم العميد مُنذِر الايوبي

اما وقد بدأت لملمة ذيول حادثة الكحالة وشيعت الضحيتان الى مثواهما الاخير، عزف معتاد من طلقات بين السماء والطارق ازيزها حقد عميق او بعض كراهية سكنت وجدان زمر مؤدلجة او ضالة من مكونين لبنانيين في اصلهما وفصلهما وربهما واحد.! ترافق التشييع مع تصريحات اشد مضاضة نصلها وغزير نزفها.. تنافرت الصفات حد النعوت فهذا شهيد وذاك مسلح هؤلاء ميليشيا واولئك مقاومين، “كل يدعي وصلآ بليلى، وليلى لا تقر له بذاكَا”؛ وإذ سكبت دموع حَرَّى على وجنات شاحبات تُبين من بكى ممن تباكى، فالساخنة تسيل تحرق موضعها حزنآ على وطن؛ ..!

تاليآ؛ يتراكم الفراغ السياسى والمجتمعى دون اهتمام او خشية، متزامنآ مع جريمة جماعية لم ترتكب سابقآ في اي من اصقاع الارض، ولا في حقبات التاريخ حتى مع حكم المغول، سطو على اموال الناس وجنى اعمارهم وقاحة تثني على قباحة والضمائر يتمى.. حلت المصائب انحسرت المكاسب فيما المناصب شغور لا ضرورة ملأها ولا من داع قبل جمع قمامة عصية على معالجة او اعادة تدوير..!

المرحلة لم تسبق ما سلف داخليآ نحو تحسن مأمول، سكنى شعب حقل الغام، عبوره ومداه الزمني دون تحديد، فخخ من منظومة اسست ومارست نظام فساد حتى امتلأ بطنها عفنآ..! اسلوب مماطلة متعدد الاوجه متلون، ارتكاز على تسويف صنو انعدام وارتكاس رديف دائم، حقبات الحكم توالت نأي عن تخطيط او محاسبة على قاعدة عفا الله عما مضى توازيآ مع هوس “اتى دوري” لن ارعوي او ارتوي..!

اقليميآ، الضياع سيد الموقف.! حكومة تصريف من نواقصها انعدام قدرة فعلية على مجاراة الاحداث او حسن قراءة المستجدات قصور تفادي الارتدادات.. ما يدور على مسرح البحار الثلاث “المتوسط- الاسود- الاحمر” يشي رغم نكران او استبعاد بتدرج الاوضاع نحو تفجر جديد، قد يتمدد الى الوطن الصغير وهو في الاصل ميدان زلق، بعض تفاهمات تأتي او تصاغ نقاط تبريد في مسرى النار وان تأخر لهبها.. احد مؤشراتها دون حصر على شاشة العمليات في القيادة المركزية الاميركية الوسطى، اذ ان قوى الثقل الدولي تعيد انتشارها معززة عديدها وقوتها الجوية مطلقة سراح ادواتها على ارض محروقة في سوريا؛ فيما دول عربية اخرى او افريقية تتكفل حرق نفسها بنفسها عبق هواء برائحة البارود ونزوح شعوب الى عراء ..!

بان وثبت بعد كثير انكار ان انقسامآ عموديآ اصاب الناس مقتلآ؛ بات شرخآ صعب الالتحام صدع خطير تمدد الى الانفس والعقول مع شحن مذهبي غير مسبوق، سيحتاج وقتا طويلا ردمه، ثم اعادة انتاج تفاهم سياسي وحدوي الرؤى صحيح الاهداف سليم الخيارات، بنيان مرتكز على ثقافة وطنية استقرار امني واجتماعي مع حكم رشيد وعدالة متجردة، طموح شعب صار مكسر عصا من اهل داخل وأفرقاء خارج..!

لا يزال لدينا اليوم خيار التعايش السلمي والعيش المشترك الكريم نزع فكرة انفصال او افناء؛ انتصار فريق او بسط هيمنته على آخر لا يجلب سلامآ ولا يبني وطنآ، اذ ان الحق المهزوم مؤقتآ اقوى من شر منتصر..! الحوادث المتنقلة وآخرها الكحالة المؤسفة مع صرف نظر عن كل الظروف والمعطيات لفافة كفن، تفرض إصرارآ صبورآ راسخآ لتصالح القيادات السلطوية كما الشرائح الاجتماعية والطائفية مع ذاتها اولا ومع اندادها ثانيآ؛ هدف وغاية تصحيح أماكن الإجحاف الملتوية بآلية تقويم أساسها حكمة بعقول نيّرة إقناع بالكلمات والافعال لا بالنبذ السلبي او السلاح، ما يحتم انتخاب رئيس جامع، يحمل رؤى وطنية منسجمة مع استراتيجية متعددة الابعاد ضامنة مستقبل مأمول مع استمرارية وحدة وبقاء..!

بيروت في 14.08.2023