شيكات بنك لبنان والخليج لا تصرف! قصة تدمي الضمير الانساني…

.

نشر المدير العام السابق ل “المعهد الوطني للإدارة” جمال عدلي الزعيم المنجد، قصة تعويضاته بطريقة مؤثرة يندى لها الجبين، وتصيب الضمير الانساني في صميم بنيانه، وتنسف كل أُسُس الحق وقواعده المفترضة، وآخر ما تبقى من حقوق للمواطن والموظف في دولة لبنان المهترئة، وتطفيء آخر بصيص من أمل في امكانية عودة قيام الدولة وانتظام العمل المؤسساتي من جديد، وكل ذلك لصالح حفنة أشرار من اصحاب البنوك الذين أكلوا أموال الناس وارزاقهم بالباطل وهم مستمرون كالحيتان الجائعة في إلتهام كل ما تصل إليه أياديهم السوداء، ولم تسلم من براثنهم،  حتى تعويضات شقاء عشرات السنين في الوظيفة العامة لأناس أفنوا حياتهم فيها طمعاً بآخرة كريمة! .

في هذه القصة ما يختصر الحال المزرية، والمصير الاسود الذي وصل اليه لبنان، بفعل التواطؤ الخسيس وتسليم نواصي الحكم، وادارة الدولة للصوص من اصحاب البنوك وشركائهم المعلنين كرياض سلامة وغير المعلنين ككبار المسؤولين الذين يرفضون حتى الان مقاضاة ومساءلة اولئك السُّرَّاق الذين اكلوا البلد ويستعدون لما هو أسوأء.  

فقد نشر المنجد الصورة اعلاه وكتب على صفحته في فيسبوك ما يلي: “هذا هوالشيك المتعلق بالدفعة الثانية من تعويض نهاية خدمة أكثر من ٢٠ عاماً لمدير عام في الدولة اللبنانية، والذي كنت قدتحدثت عنه منذ أيام. 

الشيك هو عبارة عن أموال مقتطعة من راتبي على مدى هذه السنوات، أي في زمن كان الدولار يعادل ١٥١٠١٥١٥ ليرة لبنانية“.

واضاف: “هذا الشيك في نهاية عمري الوظيفي كان يجب أن يعادل حوالي ٢٣،٣٠٠ دولار أميركي، في حين أنه عند إصداره بات يساوي ٣٩٠ دولاراً فقط لا غير، ما يعني أن الدولة سرقت منه أكثر من ٩٨٪ وأبقت لي أقل من ٢٪“.

وقال: “لكن القصة لم تنته هنا،لأن البنك الذي أتعامل معه لديه تعليمات من أصحاب البنك بعدم شراء هذا النوع منالشيكات (لم يعد البنك يستخدم مصطلح تحصيل الشيك عبر مقاصة بين البنوك، كما هو متعارف عليه في القانونالمصرفي)”.

وذكر انهتم إبلاغه هذا الكلام شفهياً، لأن أحدا لا يريد أن يتورط خطياً بما يخالف القوانين“.

وتابع: “بما أن الشيك الصادر عن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لا يمكن تسديد قيمته إلا للمستفيد الأول(chèque non endossable)، ما يعني أنه شيك غير قابل للتظهير (للتجيير)، ولا للقبض من البنك المسحوب عليه (بنكلبنان والخليج)، ما يحتم عليَّ وضعه في حسابي المصرفي في بنك لا يعترف به أصلاً، بل ويرفض استلامه“.

وقال: “ما يعني أنني حصلت على شيك لا قيمة فعلية له، لا ١٠٠٪ منه، ولا حتى أقل من ٢٪ من قيمته الأساسية، مع العلمأن التعريف القانوني للشيك المصرفي هو أنه يقوم بوظيفة النقود تماماً، فيما يقر القضاء اللبناني في اجتهاداته بأن الشيك هو وسيلة دفع آنية لأموال نقدية. وعليه، فهذا الشيك بات مصيره، أمراً من اثنين:إما أن أبله وأشرب ماءه (كما يقول المثل الشعبي)، وإما أن أخسرفوق خسارتي الأولى التي ذهبت بجهدي وتعبي ونزاهتي وتفاني وجميع إنجازاتي التي يشهد لها القاصي والداني،داخل لبنان وخارجه، أن أخسر ثمن برواز أضع هذا الشيك فيه، على أن أجهز منذ الآن برواز آخر للشيك الثالث والأخيرالذي قد يأتي من بعده“.

وتوجه المنجد بالسؤال : “لماذا التفكير بوضع الشيك ببرواز؟، كي أقول للعالم الحر الذي يريد أن يسمع ويعي ما يحصل في بلد كان يسمى تجاوزاً “سويسرا الشرق”، وأن تتأكد الأجيال الطالعة، والأجيال التي ستأتي من بعدها، أن لبنان في تلك الحقبةمن تاريخه الحديث، كانت تتحكم به عصابات مافياوية على جميع الصعد: السياسية والمالية والنقدية والاقتصادية و وو، وقد ضربت بعرض الحائط كل ما نشأنا عليه من علم وأخلاق وشرائع وقوانين وأنظمة وقيم ومبادئ، إلى أن أوصلتناإلى ما هو أسوأ من جهنم“.

وختم بالقول: “إنها عينة بسيطة جداً مما يعانيه الشرفاء في وطني، لعلها تصبح قضية رأي عام داخل لبنان وخارجه“.