سياسة يوم الاحد .. sunday policy

بقلم ألعميد منذرً ألأيوبي*

لَم يَمضِ أكثَر مِن أُسبوع تَقريبآ على وُصول مُستشار الأمن القَومي في البيت الأبيض “جون بولتون” إلى إسرائيل و لِقائِه “مَساء ألأحد” ٦ ألجاري رئيس الوزراء الاسرائيلي “بنيامين نتانياهو” بِهَدَف إعطاء ألتَطمينات لِكَيان ألعَدو بِأن الانسحاب ألأميركي مِن شمال وَ شَمال شرق سوريا سَيُراعي الضَمان التام لِلدفاع عن إسرائيل لا أكثَر و لا أقَل ،، إذ ليسَ من داعٍ لِتوضيح حَيثيات قَرار ألإنسحاب و ظروفِه فألرئيس ألأميركي دونالد ترامب واضِحٌ في قراراته ألمُعلَنَة و ألمُقتَنِع بِها و كََفََى ..

مِن تل أبيب تَوجَه “بولتون” إلى أنقرة حَيثُ رَفض ألرئيس ألتركي رجب طيب أردوغان ألإجتماع بِهِ بَعد أن سبَقَتهُ تَصريحاتُه ألَتي تَضَمَنَت تَحذيرَه تُركيا مِن ألقيام بأية عَملية عسكرية في سوريا دونَ تَنسيق مع بِلادِه ، و تَلميحَه إلى إمكانية بَقاء القوات الأمريكية في مَنطقة و قاعدة التَنف السورية ،، فَإقتَصر لِقاءه على ألمُتحدث بإسم الرئاسة التركية “إبراهيم كالن”، و بِمُشارَكة مُساعدي وزيرَي الخارجية والدفاع و رئيس جِهاز الاستخبارات “هاكان فيدان” ،، و بألطَبع فَإِن ألمَلَف ألأساسي الذي تَمَ بَحثُه هو قضية ألأكراد و ألقَرار ألأميركي بِعَدم دُخول مَناطقهم أو شَن عَملية عسكرية تركية ضِدَهُم بَعد إنسحاب ألقوات ألأميركية ألنهائي من سوريا ،، أما ألرَد فَجاء إختصارآ لِلوَقت بِتأكيد أن مَسألة ألأكراد مُتَعَلِقَة بألأمن ألقومي ألتُركي و لا رُضوخ لِإملاءات واشنطن ،، غادَر بَعدها ألمُستشار بولتون تركيا بِإمتعاضٍ بالِغ .. عِلمَآ أن زيارته ألعاصِمَتين ألتركية و ألإسرائيلية تزامَنَت و تَقاطعَت مَع بوادِر تَرَدُد بَدأت تُسْتَشَف في مَوقف الرئيس ألأميركي دونالد ترامب حَيال قَرارِه ألقاضي بألإنسِحاب ..
تَلَتْ مُغادرة “بولتون” ألمَنطقة على ألفَور ، وصول وزير الخارجية ألأميركية “مايك بومبيو” إلى ألشرق ألأوسط في جَولة تشمل تل أبيب و عدد من ألعواصم ألعربية منها : ألقاهرة ، ألرياض ، ألدوحة ، أبوظبي ، مسقط ، البحرين و الكويت كما زار بِصورة خاطفة مُفاجئة و غير مُجَدْوَلَة يوم ألأربعاء ألفائت ألعاصِمَة ألعراقية بَغداد ثم مَدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان ،، عِلمَآ أنه و لظروف عائلية قَطَع جَولته أليَوم “أمس” عائدآ إلى واشنطن دون تَمَكُنه من زيارة ألكويت التي سيزورها لاحقآ كما صَرح الناطِق باسم الخارجية ألأميركية ..
ألعَناوين ألمُعلَنَة لِجولَة ألوزير بومبيو تَضَمَنت وِفقَ تَصريحاتِه ألمُتكَررة و ما تَسَرب عن لِقاءاته ألمسؤولين و ألرؤساء ألعَرب ما يلي :
١- تَعزيز ألتَحالف ألإستراتيجي بين ألدول ألعربُية و الولايات المتحدة ..
٢- إلتزام قِتال فُلول تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” ،، مُشيرآ إلى أن لا تناقُض بين قِتال التَنظيم
و عَملية الانسحاب ..
٣- مُكافَحة ألتَهديد ألإيراني و تَنامي قُدرات إيران ألعَسكرية و تَدخُلها في شؤون ألدول ألعربية و كَبْح جَماح تَوسع نُفوذها في ألإقليم ،، إضافَةً إلى تَشديد ألعُقوبات الماليَة و التِجارية و الاقتصادية عَليها
و بألتالي على حِزب ألله أللبناني ..
٤- رَسائل دَعم مُتواصلة لإسرائيل مَع تَرداد عِبارة ” أن ألولايات ألمُتحدة ستواصل ألضَغط من أجل ألوصولَ إلى سَلام حقيقي بين إسرائيل و ألفلسطينيين ” ..
٥- تَجاهُل عَملية ألسَلام ألقائمَة على حَل ألدولَتَين و ألمَرفوضَة من قِبل رئيس وزراء ألعَدو نتنياهو و إسقاطِها و ألتي كانَت تَحَظَى بتَبَني و دَعمِ ألرئيس ألأميركي ألأسبَق باراك أوباما ، مُوجهآ سِهامَه لهذا ألأخير و سياسَته ألخارجية بِإنتقاداتٍ لاذعة غَير مَسبوقة ..
٧- مُكافحة “ألإسلام ألمُتَطرف” على حَدِ تَعبيره مُعتبرآ أنه “فَرعٌ مُحَرَف من ألإيمان يَسعى لِقَلب جميع أشكال ألعِبادة و ألحُكم .. و أخيرآ أعتبارِه أميركا قُوة خَير في ألمنطقة و ألعالم ..
لَكِن ما يَظهر في “نيكاتيف” Negative ألمَشهَد أن وزير ألخارجية ألأميركي كان يُلَمْلِم شَظايا مَواقِف و قَرارات ألرئيس ترامب ألمُتعَلِقة بسياسته ألخارجية و منطقة ألشرق ألأوسط تَحديدَآ و ألتي أصابَت مُعظَم ألحُلَفاء مع ألتَلميح إلى مُبادرة مُهمة لِدَعم ألسَلام ..
بألتَوازي يَبدو أن ألإستراتيجية ألأميركية ألحاليَة ألمُستَجدة باتَت تُقرَأ أُحْجِيتَها Puzzle بِمُعادَلة واحدة :
  • أللَعِب عَلى توازُنات ألمَحاور: “ألتركي ألقطري – السعودي ألمصري ألإماراتي – ألإيراني ألسوري ألعراقي” و ما يَتبَعهم من “بيادق” Chess Pawns فُرَقاء مَحَليين ” داعش ، ألنصرة ، أحرار ألشام ، هيئة تحرير ألشام ، وحدات حماية ألشعب ألكُردية ، أشبال ألخلافة ،، ألحزب ألتركستاني ألإسلامي .. إلخ ” .. بِما يَضمن إبقاء حُروب ألإستنزاف مُشتَعلة في ألمَنطقة و بالتالي مُشاغَلَة و إضعاف أعداء و خُصوم إسرائيل و أميركا ، و ألأهَم “بنظر ألرئيس ترامب” إبقاء مِزراب ألمَال Gutter Money يَصُب في مَصانع ألسلاح ألأميركية .. مَع ألإشارة إلى أن مُحاولة اي فَريق الخروج عن المُعادلة تؤدي به إلى “بنالتي” Penalty و إلا تَشتَعِل ألأرض تَحتَ أقدام نِظامِه و بأشكال شَتَىَ ، و ألمَثَل ألتركي كان طازَجآ أمس ، عِندما غَرَد ألرئيس ترامب مُهَدِدَآ بِمَا مُلَخَصَهُ :” سَنُدَمِر ألإقتِصاد ألتُركي” ..
  • تَشكيل حِلف عَرَبي شبيه بألناتو NATO يَلتَزِم مَصالح إسرائيل و يَسْير نَحوَ تَطبيعٍ كامِلٍ للعلاقات مَع كيان ألعَدو .. “الخليج أونلاين : كَشف وزير الخارجية الأمريكية بومبيو عن تَحالفات ضمّت كلاً من أمريكا و إسرائيل والإمارات والسعودية و البحرين لإيجاد إِستقرار في الشرق الأوسط”..
بألمُقابِل ،، سَيَتُم حُكمآ مُجانَبَة و تَفادي إزعاج الدُب ألروسي و قواتِه ألمُنتشرة في سوريا و قَواعده الصاروخية و الجوية ألشاطئية ،، و بألتالي إخلاء ألمَيدان ألسوري و إحترام ألمَدى ألحَيَوي و مَصالح روسيا ألجيو إستراتيجية في ألإقليم .. كَما أنَ ألطَريق البرية ألمُمتَدة من طهران ، بغداد دمشق بطول ١٧٠٠ كلم سَتبقى تحت المُراقبة ألصارمة سواءً ألتَويَّة أو عَن بُعد من القوات الاميركية و ألروسية ..
مِن جِهَةٍ أخرى ،، و أثناء مُتابَعة ألوَزير بومبيو جَولته و بوصولِه إلى سَلطنة عُمان قادِمآ من ألسعودية كانَت عَجلات طائرة وكيل وزارة ألخارجية ألأميركية لشؤون ألشرق ألأوسط “دايفيد هيل” و ألوَفد ألمُرافق تُلامِس ألمَدرَج رقم ١٨ في مطار رفيق ألحريري ألدولي ..
هوَ ثالث أكبر ألمسؤولين في ألخارجية ألأميركية مُطَلِع على ألمَلف اللبناني بِصورَة دَقيقة كَما مُرافِقه
و مُساعده سَفير الولايات المتحدة السابق في لبنان “دايفيد ساترفيلد” ،، و قَد أختَصَرَت ألسفارة ألأميركية عُنوان زيارة “يوم ألأحد” بيروت ببيانٍ مُقتَضب تَضمَن ” أن وكيل ألخارجية دايفيد هيل سَيبحث مَجموعة كاملة من الشؤون الثنائية و قضايا مُتعلقة بالمنطقة مع ألمسؤولين أللبنانيين”.
بِموجَب ” أمر مُهمَة خاص – بِطاقة حمراء ” يَحمله دايفيد هيل زائد حُضور سفيرة الولايات ألمُتحدة ألأميركية في لبنان إليزابيث ريتشارد “كَقيمَة مُضافَة” ،، سَيُناقِش أو نَاقَشَ ألزائر ألأميركي في لِقاءاته مع ألرؤساء و المَسؤولين ألسياسيين أللُبنانيين مُحتوى ألصَفحات ألمُتعلقة بلبنان في مَلف “بومبيو” و هي مَعروفة في قِسمٍ مِنها و مُتوقَعة في القِسم ألآخر و سَيكون ألمُستَضيف أللُبناني مُسْتَمِعَآ Listener attentively إذ “لا خَيل عِندَكَ تَهديها وَ لا مَالُ … … فَليُسعِدُ ألنطق إن لم تَسعَد ألحَالُ”… ..
لا شَك أن ألبند ألأساسي شَكلآ و مَضمونآ هو أمن كيان العدو ألإسرائيلي و ألحُدود الشمالية ، تَعاظُم القوة العَسكرية الصاروخية لحزب الله و إنتشاره في سوريا ، تَطبيق القرار ١٧٠١ و مُعالجَة الخُروقات المُتَمَثِلَة بِألأَنفَاقِ السِتَة “عَملية ألدرع ألشمالي”، مَدى حَجم و نَوعيَة مُشاركة حزب الله في الحكومة الجَديدة و تأثير ذلِك على ألوَضع السياسي الداخلي العَام ، تَمويل و مَصادر تمويل حزب الله ، النُفوذ السوري و تأثيراته على ألوَضع ألداخلي و لو بِحالَتِهِ ألآنية كَ “مُعَطِل لا مُقَرِر” !..
في ألتَفاصيل سَيَطرَح ألمُوفَد ألأميركي أيضآ إعادَة تَرسيم ألحُدود ألبَرية في بَعض ألنقاط ألحَساسة مِن ألخط ألأزرق إضافَةً إلى قَضية ألمُربعات ألبَحرية لإستخراج ألغاز ألطبيعي لا سيما ألمربع رقم (٩) ألمُتنازع عليه و ألذي تُحاول إسرائيل قَضمَهُ تَدريجَآ ..
أما ألمَلَف ألإقتصادي و ألنَقدي ألمالي فَلَن يَتُم ألتَطرق إلبه فَهو مُلَزَم للجانِب ألفرنسي مُنذ عَهد ألرئيس جاك شيراك و ما يَزال .. كَما أنَ مَلف ألنازحين ألسوريين لَيسَ على طاولة ألبحث بِألمُجمَل بِمَعنى لَم يَحِن أوانَه بَعد ..
في ظِل حَركَة طَيران كَثيفَة لطائرات ألمسؤولين ألأميركيين تَشهدُها أجواء ألشرق ألأوسط ،، يَبدو أن ألساسَة أللبنانيين مَا زالوا يُعانون أعراض مُتلازمة Signs and symptoms تَشكيل ألحُكومة ، إضافَةً إلى شِبه غَيبوبة Semi Comas في مُعالَجَة ألحاجات ألمَعيشية و ألإقتصادية لِلشَعب أللبناني ،، كَما أنَهم مُصابون “ببكتيريا” Bacteria تَداول أوراق نُقود ألمَال ألعَام و هي عَدوى وَبائية Epidemic infection لِإحتواءها جِينات Genes مُقاوَمَة ألمُضادات ألحَيويَة MRSA ..
يَبقى أن أُشير خِتامَآ إلى ألمَثَل ألأميركي ألقائِل :
Sunday .. The day .. I planned a lot but actually do nothing ..!!!
ألأحَد هو أليَوم ألذي أُخَطِط فيه كََثيرآ لََكِن في ألواقِع لا أفعَل شَيئآ ..!!
*عَميد ، كاتِب و بَاحِث في ألشؤون ألأمنية و ألإستراتيجية .