“حوت المطار” شيَّد المبنى الاخضر” بأموال المودعين على اراضي الفقراء !..

خاص – ” اخبار الدنيا

كتبت المحررة الاستقصائية:

هناك الكثير من الشبهات والاسئلة تحوم حولالمبنى الاخضرالذي بناه رئيس مجلس ادارةميدل ايستمحمدالحوت، من اموال المودعين في مصرف لبنان، وتم افتتاحه في 9/1/2023 بشكل هو أشبه بالتحدي لاصحاب الصرخة الدائمة الهائمين في الشوارع والساحات بحثاً عن أموالهم التي سرقت وبُدِّدَت في مشاريع مماثلة لا لزوم لها ولا حاجة ابداً الا بدافع واحد وهو عقد الصفقات والسمسرات والسرقة.

واذ حُكِيَ عن اختفاء مبلغ 50 مليون دولار في عملية تلزيم المبنى الجديد، لم تعرف وجهتها حتى الان، ولا قيود لها تبين وجهة صرفها، فإن ثمة مفارقة غريبة، لافتة في هذا الصدد، فبينما ألغي مشروع إنشاء مبنى مسافرين جديد لاستيعاب حركة مطار بيروت التي يعاني منها المسافرون بسبب الازدحام الشديد، شكل إنشاء مبنى جديد لإدارة شركة طيران الشرق الأوسط تحدياً كبيراً، لمفهوم الدولة أولاً، ولمنطق الحاجة إلى توسعة المطار ثانياً، وللمسافرين عبرالمطار الذين يكابدون بسبب الزحام وضيق المساحات. فهل مسموح لشركة طيران الشرق الأوسط أن تتمدد في مساحاتالمطار بينما يحاصر المسافرون في مسحة ضيّقة؟!

والمبنى الاخضر الذي شيده الحوت بأموال المودعين حتماً (على اعتبار ان تمويله من مصرف لبنان مالك شركة الميدل ايست“)،  هو المثال الصارخ على المقاربات التي تمت في خلال الفترة السابقة، وأدت الى تبديد أموال الناس وارزاقهم وجنى اعمارهم، وضاعت في البنوك التي اقرضت جزءا منها للدولة، وتفشخراصحابها بالجزء الباقي.     

كبار القوم ورهط كبير من الشخصيات السياسية والمالية والاجتماعية حضرت افتتاح المبنى الاخضر قبل 8 اشهر، كان ابرزهم الراعي الرسمي لحفل الافتتاح رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، والى جانبه عدد من الوزراءالاصدقاء لمحمدالحوت ومنهم وزيرا الاشغال علي حمية والبيئة ياسين جالوا في ارجاء المبنى المجهز بقاعات فخمة ومكاتب كبيرة، في ظل أزمة اقتصادية مالية عاصفة بلبنان خنقت شعبه، واوصلته الى حافة الجوع الحقيقي ، ومن دون ان يجرؤ احد منهم على توجيه اي سؤال من الاسئلة المنطقية المسؤولة من قبيل : ما هي الحاجة العملانية الى هذا المبنى؟ ومن اي اموال بُني؟ وعلى ارض مَن تم تشييده؟ وماذا رافقه من صفقات ؟ ولماذا يشاد مبنى جديد ليضاف الى قائمة المباني الشاغرة في المطار؟

كان من المفترض على أي مسؤول محترم، وفي اي موقع كان في بلد التقاطعات وتبادل المصالح والتنفيعات والفساد بامتياز، ان يتوجه باسئلة من هذا القبيل، ويحصل على الاجوبة المنطقية بشأنها قبل ان يشارك، عفواً او قصداً في سلسلة من المخالفات والارتكابات والجرائم سواء كان يعلم ومعظمهم كذلك، او لا يعلم، فالمسؤول هو مسؤول امام شعبه، وامام ربه، وأمام التاريخ الذي لن يرحمه.

ومع ذلك، فإن المسؤولين الذين شاركوا الحوت فرحته وعراضاته وكيده بافتتاح مبناه الاخضر المشاد بمخالفات واضحة وفاقعة حيث بني من 4 طبقات تحت الارض و4 طبقات فوقها، هؤلاء المسؤولين يدركون إدراكاً كاملاً جملة من الحقائق اقلها انه كان مبنى لا لزوم له أصلاً، وأن الأرض التي أقيم عليها هي أرضمغصوبةتنازلت عنها الدولة لطيران الشرقالاوسط ومحمد الحوت خلافاً للقانون عبر عقد بالتراضي بين الطرفين.

كما يعرفون انه مبنى للادارة لا حاجة إليه، ذلك ان المباني التي تحيط به كانت ولا تزال كافية لتلبية الاحتياجات الحالية والمستقبلية للشركة ولا يوجد أي مبرر اقتصادي أو أخلاقي أن يقوم محمد الحوت بتهديمها وتحويلها إلى مساحات خضراء محيطة بالمبنى الذي كانت أرضه أصلاً مساحة خضراء ومشاتل اشجار!.

وتبقى المعلومات برسم القضاء، والامل معقود على ان تعتبر النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان هذا المقال بمثابة إخبار بحق المساعد الاول والابرز للمطلوب الدولي رياض سلامة والتحقيق معه بهذا الشأن.

ففي المعلومات المتوافرة ان مساحة العقار هي تسعة آلاف وخمسمائة وأربعة ثمانين متراً مربعا، وقد سيطر الحوت عليه عبر عقد بيع بالتراضي من شركة طيران الشرق الأوسطالخطوط الجوية اللبنانية، وقد اعترضت المديرية العامة للطيران المدني في شهر أيار من سنة 2009 (رقم 2152/2) على التنازل غير القانوني عن أملاك الدولة الخاصة في حرم المطار معتبرة ان الامر يعد مخالفة صارخة للقانون. وهذه ليست المخالفة الوحيدة، ثمة مخالفة اخرى تتمثل في ارتفاعالبناء وهو 41,5 م ويتعارض مع الارتفاع الأقصى المسموح به لعدم الإضرار بفعالية تغطية رادار المطار وهو بين 30 مو38,5 م..

في المنطوق القانوني، وحتى العقلاني، ليس هناك في القانون اي شيء يبيح بيع أملاك الدولة بالتراضي! ، لا بل هناك قراراً رقمه 275 – صادرا في 25/5/1926 – تحت فصل : إدارة وبيع إملاك الدولة الخصوصية غير المنقولة ، حرَّم في المادة77 منه (المعدلة وفقا للمرسوم الاشتراعي 149 تاريخ 12/6/1959) أن تباع أملاك الدولة الخاصة بالتراضي: “تباع أملاك الدولة الخاصة بطريقة المزايدة العلنية وفقا للأصول المنصوص عليها في قانون المحاسبة العمومية وذلك على أساس تخمين تضعه لجنة خبراء، وهذا يضرب كل قانونية حصول الحوت على الارض التي شيد عليها مبنى لا حاجة له اصلاً .

هناك عامل آخر يزيد الاستغراب وهو ان هذه الأرض التي ابتلعها الحوت كانت في الأصل مملوكة من قبل مالكين صغاروقد استملكتها الدولة سابقاً بسبب حاجة المطار إليها، وتم انتزاع ملكيتها منهم خلال اوقات سابقة تحقيقاً للصالح العام، وبالتالي فأن القانون والعدل والأخلاق تفرض أن تعاد إليهم هذه الملكية في حال لم تعد الدولة بحاجة إليها قبل إعطائها لشركة طيران، خصوصا وان مديرية الطيران لا يوجد اي مصلحة ببيع هذه الارض لشركة طيران الشرق الاوسط.. وكانت المديرية قد اعترضت بالفعل في شهر أيار من سنة 2009 (رقم 2152/2) على التنازل غير القانوني عن أملاك الدولة الخاصة في حرم المطار التي هي مخالفة صارخة للقانون، في الوقت الذي كانت تسعى فيه المديرية سنة 2009 إلى زيادة المساحات المستملكة لصالح تطوير مشروع المطار ولم تكن بوارد التخلي عن المساحة المباعة لان المساحات المتبقية لم تعد موجودة نهائيا حسب كتاب المديرية آنذاك، ورغم ذلك فقد قامت الدولة باقتطاع مساحة واسعة من الارض التي هي حاجة ملحة للمطار ورمتها فيفم الحوت” ! ..

وتنص المادة 33 من قانون الاستملاك رقم 59 الصادر بتاريخ 29/5/2009 والتعديلات الطارئة عليه على التالي: “(…) أما إذا قررت الإدارة العدول عن المشروع، فيحق لمالك العقار أو لخلفائه العموميين أن يطلبوا استرداده خلال مهلة سنة من تاريخ إبلاغهم العدول بالطريقة الإدارية …..” لكن احدا لم يبلغ المالكين الصغار بإنتفاء حاجة المطار لهذه المساحة، وهدايعني ان الدولة سلبت المالكين السابقين الصغار في تحويطة الغدير حقوقهم.

كما انالحضور الرفيع” لحفل الافتتاح كان يدرك ايضاً ان ديوان المحاسبة قد اعترض على عملية البيع الرضائي وأصدر رأيه الاستشاري رقم 48/2009 بتاريخ 20/5/2009 برئاسة رئيس الغرفة القاضي ناصيف ناصيف وعضوية المستشار سناكروم سليمان والمستشار عبد الله القتات والتي جاءت خاتمته على انحو الاتي: “…..لجهة بيع الأقسام من الأملاكالخاصة بالتراضي من شركة طيران الشرق الأوسط يكون بالتالي واقعاً في غير موقعه القانوني.”

الجدير بالذكر ان المبنى تم تشييده على مساحة  925 مترا مربعا  وهو مؤلف من ثماني طبقات ، اربع منها  فوق الأرض واربع أخرى تحت الأرض، وقد شيد بطريقة تثير الارتياب فعلاً حيث تؤكد مصادر معنية بالشركة على ان لا حاجة لهذا المبنى بتاتاً في ظل وجود مباني كثيرة وكبيرة وفضفاضة لشركة ال”ميدل ايست” وكانت ارضه خضراء مزروعة باجمل انواع الاشجار على انواعها. وبعد ان بناه، لغاية في نفسه، ها هو يعتزم اليوم هدم مباني ال”ميدل ايست” الموجودة وحالتها العمرانية جيدة جدا، بنية انه ينوي استبدالها بمساحات خضراء. 

وتكشف مصادر الموظفين داخل الشركة نفسها،  بأن اعداد الموظفين في تناقص مستمر وليس هناك عديد اضافي ليشغل المكاتب الجديدة التي ما زالت فارغة ، رغم انه استورد لها أثاثاً من افخم ماركات التأثيث الايطالية وهي ماركة Natuzzi وسواها والتي تكلف عليها ملايين الدولارات ان لم يكن عشرات الملايين، من دون جدوى لانه يعمل الان على نقل الموظفين اليها من المباني القديمة التي ستتحول الى مبان فارغة لذلك فهو يحاول هدمها وتخضير امكنتها في عملية استبدال عبثية لا طائل منا سوى الهدر وعقد الصفقات وكل ذلك على حساب المودعين وخزينة المال العام .