جيش الاتحاد الاوروبي (3)

بقلم ألعميد منذر ألأيوبي*

 

يبدو أن ألرئيس ألفرنسي إيمانويل ماكرون رغم كل ما يجري في بلاده من إعتصامات و مظاهرات لما يسمى حركة “ألسُترات ألصفراء” و ألإحتجاجات حول ألوضع ألمعيشي و ألإقتصادي للفرنسيين ، ما زال بجد ألوقت ألكافي لتنفيذ إستراتيجيته ألأوروبية عبر لملمة شمل ألوحدة بين دول ألقارة ألعجوز و ألإصرار على أنشاء جيش ألإتحاد ألأوروبي ، و في هذا ألمجال وقع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل يوم أول من أمس الثلاثاء معاهدة جديدة لتوطيد العلاقات الفرنسية الألمانية ، وتوجيه رسالة دعم لبناء الاتحاد الأوروبي في مواجهة تصاعد النزعات القومية ، و تنص الوثيقة على تطابق في السياسات الاقتصادية و الخارجية و الدفاعية للبلدين و تعاون أمني في المناطق الحدودية ألمُشتركة إضافةً إلى تشكيل “جمعية برلمانية مشتركة” من مئة نائب فرنسي وألماني …

أما ألأهم في هذا ألمجال فهو ألتوقيع على “بند دفاع متبادل” في حال التعرض لعدوان ، على غرار البند المنصوص عليه في نظام الحلف الأطلسي كخطوة أولى نحو إنشاء جيش ألإتحاد ألأوروبي ، و سيكون بوسع ألدولتين بموجب هذا البند نشر ألقوات و وسائل عسكرية مشتركة في حال التعرض لتهديد أو لهجوم إرهابي محتمل ، إضافةً إلى التعاون في برامج عسكرية كبرى ، مثل مشروعي تصنيع و تطوير الدبابات والطائرات المقاتلة ..

في نفس ألسياق ،، أصدرت الرئاسة الفرنسية بيانآ يُلَخَص مضمونه بألفقرة ألتالية : “إنها لحظة هامة لإثبات أن العلاقة الفرنسية الألمانية ركيزة يمكن إحياؤها لخدمة تعزيز المشروع الأوروبي” مضيفةً ”
لم نصل يومآ إلى هذا الحد على صعيد الدفاع المشترك”… تجدر ألإشارة إلى أن اليمين واليسار ألفرنسي المتطرفان وَجَها انتقادات قوية لهذا ألتعاون و هما يعتبران ما يجري انتقاصا للسيادة الوطنية وتبعية مقنعة لألمانيا ..
من جهة أخرى اعتبرت زعيمة التجمع الوطني ألمتشدد (أليمين ألمتطرف) مارين لوبان أن المعاهدة الجديدة هي “ضربة خبيثة” من الرئيس الذي “يقوم بهدم قوة فرنسا … أما زعيم تيار “فرنسا الأبية” جان لوك ميلنشون فقد عَلَق بكلمتان “تراجع سيادتنا”…

تُعتبر معاهدة “التعاون والتكامل الفرنسية الألمانية” استكمالآ لمعاهدة الإليزيه الموقعة عام 1963 بين الجنرال ديغول و كونراد آديناور ، التي أرست المصالحة بين البلدين بعد الحرب العالمية الثانية …
بألمقابل صرحت ألمستشارة ألألمانية ميركل أن “ألمانيا وفرنسا تعتزمان الاستمرار في دفع الأمور معآ قُدُمآ في أوروبا”…

من ألواضح إن ألقيادتان ألإلمانية و ألفرنسية تَتلمسان أزمة وجود للاندماج الأوروبي مع “بريكسيت” إضافةً إلى صعود ألقوى القومية و ألخشية هنا من الانتخابات الأوروبية المقبلة …
و مما لا شك فيه أن هنالك قيمة رمزية إضافية مَحضَّة للتعاون ألفرنسي ألألماني لا سيما في وجه ألإنزعاج ألأميركي ألعلني لكل ما يحصل … و يُشار إلى معلومات خاصة توفرت عن سعي ألإليزية ألحَثيث لمساعدة ألمانيا في الحصول على عضوية دائمة في مجلس الأمن ألدولي …

من خلال ما تقدم ،، يبدو جليآ أن ما يقوم به كل من ألرئيس ألفرنسي إيمانويل ماكرون و ألمستشارة ألألمانية إنجيلا ميركل يصب في خانة مواجهة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب و مواقفه تجاه ألوحدة ألأوروبية و إنشاء ألجيش ألأوروبي …

سَتُفتح صفحة جديدة بين ألبلدين في إعادة صياغة تاريخية لأوروبا بمواجهة تنامي النزعة الشعبوية ومخاطر التفكك و ستكون ألوثيقة ألجديدة قيمة مضافة في علاقتهما ،، على أمل ألا تَصدُق مخاوف ألفرنسيين ألمصابين بألذهول لا سيما حين نقلت صحيفة “فاز” FAZ ألألمانية هواجس فرنسيين تساءلوا في الأسابيع الماضية “هل تكون مقاطعة الألزاس قريبآ ألمانية ؟”…

*عميد، كاتب و باحث .