جباع عروس اقليم التفاح.. جبال وأودية وينابيع وجداول وأخضرار جعلت مستشرقاً فرنسياً يصفها ب”الجنة”

 

الدنيا نيوز- دانيا يوسف*

من سفوح جبل صافي ومليتا وسجد، نزولا حتى صيدا والساحل، تتدرج منطقة بلغت شهرتها حدا استطاع أن يجتذب الأنظار. تلك المنطقة هي اقليم التفاح…
الاقليم المتألق في الجمال والذي حباه الله بنعم وفيرة حيث يدين بشهرته الى مياهه الغزيرة وثرواته الزراعية وموقعه الجغرافي كنقطة وسط بين مدن صيدا والنبطية وجزين.
يضم هذا الاقليم عددا من أجمل البلدات اللبنانية أشهرها جباع…
جباع قرية من قرى الاقليم ترتفع عن سطح البحر من 750م الى 1000م.
مشاهد ومشاهد تشدك مجرد الوصول اليها ملتفة بكروم الخير التي لا تفارقها نسائم فواحة من الأرض وترابها، من زهر الليمون وعناقيد العنب والكرمة، لا تفارقها زقزقة العصافير ولا جدائل الشمس التي تعطي دفئها حتى المغيب…
جبال وأودية ومياه وينابيع وزرع أخضر وكل ما فيها يحكي عن تراثها الجميل.
كان من حسن حظنا أن تزامنت زيارتنا لبلدة جباع نهار الجمعة موعد “سوق الجمعة” في البلدة.
باعة من مختلف المناطق الجنوبية حملوا بضاعتهم ومنتجاتهم وافترشوا الساحة العامة كلّ يروّج لسلعته بطريقته الخاصة…
وينتظر أهل القرى هذه الأسواق المتنقلة التي تحولت الى تراث تحافظ عليه كل بلدة ومنها جباع…

لا يختلف اثنان على أن “جباع” رئة إقليم التفاح وعروس جبل عامل الذي وصفها مستشرقا فرنسيا “بأنها الجنة”، لثروتها بمياهها الكبريتية، وفحمها الحجري، والحديد والنحاس. وهذا ما أكده الباحث البريطاني “أميرس” الذي زارها في خمسينات القرن الماضي ومكث فيها ثلاث سنوات. ومن نبع القبية أحد أشهر الينابيع تبدأ رحلة استكشاف بلدة تغنى بها الرحالة الفرنسيون والبريطانيون، وذاب في عشقها العثمانيون.
تتميز “جباع” التي دمرت مرتين، وأعيد بناؤها، بتنوع غطائها النباتي الذي أهّلها لتكون مصيفاً ومقصداً لكل عاشق للطبيعة والعلم، كما تتميز بالقناطر البيزنطية التي تحفظ جزءاً من ذاكرة جباع الفكرية والعلمية.
داخل “جباع”، يمكن اكتشاف ثقافة الضيعة حيث البساطة والطيبة سمة الأهالي… البيوت متلاصقة، والطرقات ضيقة، والأشجار رفيقتك في كل حي تقصده.

جباع أو جبع كما ورد اسمها في التوراة هي الهضبة أو التلة. وكانت قديما شهيرة باسم جباع الحلاوة تمييزا لها عن جباع الشوف في جبل لبنان وجباع فلسطين. ونظرا لوجود معاصر للحلاوة فيها اطلق عليها اسم جباع الحلاوة.
تتميز البلدة بتنوع بيولوجي هائل يجعلها تبدو وكأنها حديقة من الألوان. فضلا عن هذه الثروة الحرجية، جباع أيضا بلدة التفاح والزراعات المتنوعة…
في هذا المكان الجميل، لا يمكن للمرء الا أن يشعر بالدفئ والراحة وسط هؤلاء الناس الطيبين والكرماء…

وقد فاضت الطبيعة بكنوزها الثمينة على أهل جباع وغرست فيهم حب الأرض والناس…
وقد عززّ أهالي جباع الواقع السياحي في بلدتهم من خلال اقامة العديد من المهرجانات التي بدأت منذ العام 1973. ولكن الاحتلال الاسرائيلي لقسم كبير من الجنوب اللبناني شلّ الحركة السياحية في جباع التي عادت لتستعيد نشاطها وبقوة بعد التحرير.
نغادر منطقة نبع القبي ونصل الى منخفض محاط بالجبال ومزركش بآلاف الأنواع من النباتات والأشجار الخضراء والأزهار الملونة. انها “كفرا” أحد أحياء جباع والتي تحتوي على عدد من المقاهي السياحية…
من كفرا نتابع الرحلة في طرقات ملتوية تفرد أمامنا كل معاني الجمال.
منطقة “الرادار” احدى المناطق المرتفعة في خراج جباع والتي يقال أنها تحفة طبيعية بكل ما للكلمة من معنى. وبالفعل كان مشوارا فريدا من نوعه ولا يمكن أن ننساه.
تلك هي جباع بسماتها وخصائصها، عروسا تزهو بثوب الطبيعة المطرّز بجميع الألوان، وتتعطر برائحة تراب الأرض الحبيبة، وتتزين بأشعة الشمس الذهبية وتشرّع أبوابها أمام جميع محبّي الجمال والهدوء.