بين موريا ودوريان ..!

بقلم ألعَميد منُذِر ألأيوبي*
يَبزُغ ألقمر مكتملآ ساكِبآ ضوءه حَنوَّآ على عشرات قوارب أللاجئين ألمتجهة مع ألريح إلى شواطيء جزيرة “لسبوس” Lesbos أو Lezvos أليونانية ، كل بَشري فيها إن لم تطأ أقدامه تلك ألشواطئ جَرَةُ رماد يمكن ذروها في أي آنٍ و أنَّى مكانٍ من زبد ألموج ألغاضب ..
في غضب ألإنسان على ألإنسان .! على أرض هذه ألجزيرة ألرائعة أنشيء مخيم موريا Moria “نسبة للبلدة ألقريبة” للاجئين و ألمهاجرين ؛ يقطنه حاليآ أكثر من عشرة آلاف إنسان هربوا من حرب و فقر ، جور و جوع ، تعسف و عنف فأصبحوا داخل أسوار دُعيَت “غوانتنامو 2”..!
يتنفسون أمواتآ في ظروف صحية و حياتية متردية ، في إنعدام للأمن ، عشرات بل مئات ضحايا إدمان و إغتصاب أو إنتحار ؛ و إنتشار جوازات ألسفر ألأوروبية ألمزورة في سطو مقنع على ما تبقى معهم من مال ؛ لم تشفع بهم أوتخفف عنهم بما يكفي ألأعمال ألتطوعية للمنظمات ألإنسانية ألعالمية و ألأممية و لا سهلت لهم حركتهم سياسة وزارة ألهجرة أليونانية “مشكورة” مهما كانت ألمعاناة ..
أما الخشية فهي وفق ما نبه إليه ألحاكم “سيبيروس غالينوس” Spyros Galinos من أن تتحول ألجزيرة و ألمناطق ألحدودية ألشاطئية إلى شبه مراكز اعتقال تنعدم فيها ألكرامة ألإنسانية ..!
في غضب ألطبيعة على ألإنسان .! على ألمقلب ألآخر من ألكَوكَب أكثر من 1.8 مليون شخص يتم إجلاءهم من ألساحل ألشرقي و مناطق ولاية فلوريدا ألأميركية بعد أن ضرب ألإعصار “دوريان” Dorian جزر و أرخبيل ألبهاماس Bahamas مخلفآ عشرات ألقتلى و ألجرحى إضافةً لِأضرار كارثية هائلة متابعآ سيره نحو ألولايات ألمتحدة مترافقآ مع رياح بلغت سرعتها أكثر من 300 km في ألساعة مسببآ أمواجآعاتية ستزيد من مستوى المياه إلى مايتراوح بين أربعة و خمسة أمتار فوقالمستويات العادية.
 
في غضب ألإنسان على ألطبيعة .! بين ألتصريح و ألإنكار أو بين ألفكرة و عكسها أعلن موقع “أكسيوس” Axios ألإخباري ألأميركي نقلآ عن ألإدارة ألوطنية للمحيطات و ألغلاف الجوي إن استخدام أسلحة نوويةلتدمير الأعاصير ليست عملية دون عواقب خطيرة و ذلك إثر تداول تقارير أخبارية نُسِبت إلى الرئيس دونالد ترامبأظهر فيها رغبته استكشاف هذا الخيار ..! و قد نفى ألرئيس ترامب تلميحه لهذا ألإقتراح ..!
في سياق مُتَصِل ، بين تَدمير “دوريان” Dorian Twister بألنووي أو أي بلد آخر في ألشرق ألأوسط ألأمور سَيان طالما الحقيبة ألمُرَمزة لتحرير رؤوس يوم ألقيامة Doomsday من صوامعها جاهزة و ألفكرة تاليآ واردة تلقائيآ ؛ أما ألضمانات لتلافي ألفناء في إستمرارية ألحياة و إبقاء ألزر ألأحمر مطفئآ
فهو ألعقل ألبشري بعيدآ عن متاهة ألقوة لا فائضها فقط ..!
من هذا ألمنطلق و سواءً رُفِعَت ألعُقوبات ألمفروضة على إيران أو لَم تُرفع ، أم جرى تعديل ألإتفاق ألنووي ألموقع في “لوزان” Lausanne ألسويسرية بين مجموعة دول 5+1 أو بقي كما هو ، و سواءً نجحت ألوساطة ألفرنسية “ألماكرونية” Macronie أم فشلت في إطلاق حوار ألحد ألأدنى بما تيسر بِدايَةً بين واشنطن و طهران ؛ فإن ألأنظار تتجه أولآ و أخيرآ نحو لِقاء ألضرورة مُحَضَرآ أو مصادفةً” وفق ما ترتأيه ألديبلوماسية في سُخفِ حفظ ماء ألوجه” بين ألرئيسين ألأميركي دونالد ترامب و ألإيراني حسن روحاني على هامش إنعقاد ألدورة ألعادية للجمعية ألعامة للأمم ألمتحدة في نيويورك نهاية شهر أيلول ألحالي ؛ فكلاهما يريدان ألتفاوض و يجانبان ألحرب ، إذ لا ألزر ألنووي Nuclear Button قابل للإستعمال و لا ألكعكة ألصفراء Yellow Cake – Urania ألتي يجري تخصيبها داخل ألمفاعل “أراك” Arak reactor – منشأة ناتنز Natanz – يستطيب نضوجها ..!
توازيآ ، و في تضاد لِلآمال ألمعقودة على لقاء ألقمة رفعت واشنطن ألضغط إلى ألحد ألأقصى فارضةً عقوبات على شبكة للنقل البحري مرتبطة بألحرس ألثَوري ألإيراني متهمة إياها ببيع النفط على نحو غير قانوني ، متضمنة وفق بيان وزارة ألخزانة الأميركية 16 كيانآ و 11 سفينة و 10 أشخاص ؛ بألمقابل ردت طهران بإعلانها بدء ألمرحلة ألثالثة من خفض إلتزاماتها ألنووية “تطوير أجهزة ألطرد ألمركزي” ضمن ألإستراتيجية ألمرسومة للحد من ألإلتزامات ألتي بدأتها في شهر أيار ألماضي بألرغم من سعي كل من فرنسا و ألمانيا و بريطانيا للحفاظ على هذا الاتفاق ..!
ألحبل مشدود على ألأخير بين بلاد فارس و ألعم سام و أيلول ربما يكون في نهايته ألحلول ..!
من ألسخرية أن لا شيء يربط بين Florida و Moria سوى صرصار ألليل في خواء ألعاصِفَة ..! إذ على عتبة ألجنة ألأوروبية يمتد “ألبرزخ – Isthmus” متمثلآ بخيم أللاجئين ألبدائية معبرآ حائلآ دون أوروبا ألحرية ، ألكرامة ألإنسانية و ألعيش ألكريم .. و على ألطرقات ألدولية لولاية فلوريدا ألأميركية يهرع ألأميركيين مغادرين بعيدآ عن ألطوفان و ألفُلكُ “كرافان” Caravan ..!
“قد يغمركم النسيان إنما دعوني أخبركمبهذا : “ثمة امرؤ ما في غدٍ ما قادمسيتذكرنا “..!
هذا ما كتبته ألشاعرة ألإغريقية ألجميلة “صافو” Sappho حيث أرضها و موطنها ألجزيرة ..! و ها هم ألوف ألمهاجرين ألقادمين سيتذكروها أو يذكروها (سوريين، عراقيين ، يمنيين ،أفغان و جنسيات أخرى)..قالت أيضآ في شوارد ألنصوص “هي العصافير تسحب عربة افروديت ، البدروسط سماء النجوم ، و التفاح الأحمر فيهَامِ الشجر” عسى شوارد هذي ألقوارب تسحبها أجنحة ألنوارس من ألساحل ألأناضولي إلى رمال Lesbos فألكوكب واحد هو موطن ألإنسان ..
*عَميد ، كاتِب و باحِث
بيروت في 06.09.2019