بين اتفاق الطائف ورهاب الاستقرار..!

 

بقلم العميد مُنذِر الايوبي*

اما وقد استوطن الجمع في غالبيته زرافات ووحدانا قصر الاونيسكو حيث عقد منتدى “تذكيري تحذيري” لإتفاق الطائف “وثيقة الوفاق الوطني” بعد 33 عامآ من شطط،، دأبت خلالها الطغمة الحاكمة على تهميشه والفتك في مواده بالتوازي مع تهشيم البلد
في آن؛ فما لنا من عبرة واعتبار سوى بعض ابيات من قصيدة أحمد شوقي شاعر مصر والعرب:
إلامَ الخُلفُ بَينَكُمُ إِلاما .. وَهَذي الضَجَّةُ الكُبرى عَلاما ..
وَفيمَ يَكيدُ بَعضُكُمُ لِبَعضٍ .. وَتُبدونَ العَداوَةَ وَالخِصاما. -الخ…
كان المشهد المسرحي على خشبة القصر الاممي كوميديآ بإمتياز، فيما الدراما مستمرة تعم عاصمة افتقدت فرح الحياة تكلل شوارعها كآبة مظلمة، كما باقي ارجاء وطن حرم اهله من ابسط مقومات العيش الكريم، تعميم يأس مخيف عميق عامل انتحار او هجرة قسرآ..!
وإذ بدا الحضور في طوباويتهم يحاولون تمثلآ برقة الداعي، تفننوا في اظهار محاسن كاذبة وتعفف خادع.. حدقات تلسكوبية الكل يرقب الكل كرصد النجوم، «يردُّ بِطرفيهِ السلامَ وحولهُ … رقيبٌ ومنْ حولِ الرقيبِ رقيبُ..! (الشاعر البرعي). بَعضٌ سَعِد على انغام “واعديني” واغتر لشموله بالدعوة، آخرين حضروا تجاوبآ مع السفير اللبق واللياقة تفترض تلبية على اعتياد نفاق مكشوف الوجه حاسر الرأس. كانت النوايا بالانفس الوضيعة بادية في اعين لامعة وحواجب معقودة نضوب عواطف تعكس تفرسآ لا فروسية، اما التمتمة فبين الشفاه والاذان تُقرأ مموهة بسعال خفيف فيها
من المآرب الكثير ..! في النهاية تساءلت الناس بعد فقدان قدرة على كفاح سبيل بقاء؛ أٰبهذه الاطقم سيعاد بناء وطن وتستعاد اموال وحقوق..؟

لم تكن رمية من غير رامٍ.. فيما تعبر المملكة العربية السعودية الى ضفاف مرحلة جديدة متجددة من تاريخها، بالتوازي مع مواجهة او معالجة ازمات سواء على المستوى الدولي كما الاقليمي بدءآ من مأزق الطاقة الى العلاقة السعودية- الاميركية المضطربة وصولا الى مغراق الصحراء اليمنية والطوز العراقي، كان سهم السفير السعودي وليد البخاري بليونة قوسه ونفوذ مملكته يحاول فرملة السقوط السياسي وشغور الكرسي الرئاسي بما استتبعه من تصريف حكومي لإعمال وحرق مراحل وآمال، قابضآ على زمام الرعاية الاقليمية عبر طائف متجدد ثُبِت بالوان الطيف المشارك، مانعآ الدرع الصفيحيةً Lorica Segmentato للفارس الفرنسي المقنع بالخوذة السويسرية من صد سهمه او تعطيل انبوب المدد السعودي المقفل مرحليآ وربما تفجيره..

بالتزامن سجلت مبدأية حزب الله الآخذ بعين الاعتبار رفض “مثالثة” قد تنحو مرابعة ولاهل التوحيد مكان، خلفية يقين عقلاني انها فتيل اشعال جديد لصراع مذهبي داخلي حثٌ ذاتي نحو حرب اهلية ليست في استراتيجيته او رؤيته ومصلحته وخزين فائض القوة لديه..!
في الواقع لم يجد حزب الله قبل وفي حلقات المنتدى والكلمات معطيات حقيقية محلية او اقليمية تثير حفيظته، فبعد تصفح آخر سحنات الحاضرين نموذجآ، ارتد قارئآ في كتاب شارل بودلير أزهار الشر (Les Fleurs du mal) التوصيف القوطي “إنه ضَجِر، وعينه ممتلئة بدموع لاإرادية، يفكر في المشنقة بينما يدخن نارَجِيلَة”..!

من جهة اخرى، بين صاحبي السماحة والسعادة عادت مسيرات حزب الله الى قواعدها الساحلية اذ “قضي الامر ونفذت المهمة”.. فيما اطلقت مسيرات الطائف لتضمن دخولآ آمنآ محتسبآ مفترض على نقطة التقاطع الاميركي-الايراني في ملف الترسيم البحري مع اسرائيل، كما لتكون قيمة مضافة مانعة بنيامين نتنياهو “اثر فوز حزبه بالانتخابات التشريعية وبالتالي عودته الى رئاسة حكومة العدو” من إبطال الاتفاق بعد ان رأى فيه وثيقة “استسلام جديد” كما اوسلو 1993″..!

قيل في الاستقرار استواء نوع من توازن اجتماعي ، ثبات في النسق السياسي ونظام الحكم، عدالة وتوافق بين القوى والشرائح المجتمعية مع اشباع حاجات المواطنين..! لم يغب عن الطائف ان تزاوج النظام السياسي مع الديني الطائفي المتلازم مع الاجتماعي سِمة فشل، لا بد منه على قاعدة خيارين سيء وأسوأ، لكن ما لم يكتشفه رعاته ايضآ ان ثمة دافع غامض يبقي هذا الوطن حيآ ولو في حالة غيبوبة او موت سريري، إتقاد رغبة دفين على قلق متجدد لشعب دافع ارتحال وهجرة.. جائحة ربما من نوع رهاب الاستقرار Stability phobia هو منه في حرمان اصلآ..! سَل عن الحضور المرتكب المتواطيء على وثير الأرائك متربع تجد..!

اخيرآ؛ في حضوره “رتق” Atresia العجوز البيروقراطي الاخضر الابراهيمي، أحد حكماء الديبلوماسية العضو في جماعة « الكبار – مجموعة من زعماء العالم أسسها مانديلا عام 2007 بهدف نشر ثقافة السلام وحقوق الانسان» ثقوب الطائف؛ وبالسلوك الحضري رمم المظلة العربية والسعودية مستخدمآ “مَيْبَر” البخاري فلو صب عليها ماء الفتنة ما نضحت…

بيروت في 08.11.2022