الغضب الإسرائيلي ..

 

بِقَلَم ألعَميد مُنْذِر ألأيوبي*

•” لَطمَةٌ على وَجهِ نتنياهو “.. تَعليق رَئيس حُكومَة ألعَدو ألأسبَق أيهود باراك …
•” بصقَةٌ في وَجهِ إسرائيل “.. وَصْف -جيمي شاليف- مُراسِل صَحيفة هآرتس ألإسرائيلية في واشنطن …
•” هَديَةٌ ثَمينَة لإيران و روسيا و ألأسد بِمناسَبَة رأس ألسَنَة “.. أحَد عَناوين صَحيفَة “ألواشنطن بوست”..

ثَلاثُة عباراتٍ هِيَ ” غَيْضٌ مِن فَيضِ” ألتَعليقات ألغاضِبَة مِن قٍرار ألرئيس ألأميركي دونالد ترامب ألقاضي بِإنسِحاب ألقوات و ألقواعِد ألعَسكرية ألأميركيَة مِن سوريا و ألتي صَدَرَت عن نوابٍ و أعضاء ألكونغرس و أل Establishment ألدَولَة ألعَميقَة و ألإعلام ألأميركي ، أو تِلكَ ألتي عَبَرَ عَنها قادَة و سِياسِيي ألعَدو ألإسرائيلي و ألتَحالف ألغَربي و ألأكراد و بَعْض ألدوَل ألعَرَبيَة و سِواهم ..!

إرتِداداتِ ألقَرار ألزِلزال مَا زالَت تَتَفاعَل إذ بَدا ألإنقِسام جَليَآ في واشنطن بَينَ مُؤيدٍ و مُعارِضٍ للإنسحاب سَواءً على ألصَعيد ألسياسي أو ألإستراتيجي أو ألعَسكَري ،، إلا أنَ وَقْعِ ألقرار في إسرائيل كانَ صَادِمَآ للجَميع على كافَة ألصُعُد و ألمُستويات ، و قد جاءَ إستِنكارِهِ و شَجبِه لُغَةٌ جَامِعَة لَدى ألقيادَتَين ألسياسية و ألعَسكرية و وسائِل ألإعلام فالهواجِس واحِدة أما التَحَديات و ألعواقب فَتُطال ألجَميع ..

كَمَا تَضاعَفَت ألخٍيبَة لَدى ألجُمهور ألإسرائيلي بَعدَما تَبينَ مَدى إستِخفاف ألرئيس ألأميركي برئيس حُكومتهم و عَدَم ألتَنسيق مَعهُ أو عَلى ألأقَل أبلاغِه نيَتَهُ إتخاذ قَرار أِنسحاب ألقوات ألأميركية مِن سوريا في مَدىٍ قريب ،، و لَم يُخَفِف مِن وَقعِ الصَدمَة مُكابَرَة نتنياهو و تصريحَهُ “أن ألإنسِحاب لن يُثنينا عن مُتابعَة عَملياتنا ألجَوية في سوريا” لا بَل قوبِلَ بألإستِهزاء ، رُغْمَ أنَ وَزير ألخارجيَة ألأميركي حَاوَلَ أن يَكون مُنقِذَآ لْتَأرجُح نتنياهو على حَبْلِ ألإنسحاب عِندَما أعلَنَ “أنَ الولايات ألمتحدة ألأميركية سَتواصِل ألتَعاون مَع إسرائيل بِشَأنِ سوريا و مُواجَهَة إيران في ألشَرق ألأوسَط” ..

إستراتيجيَآ ،، تَعتَبِر إسرائيل تَمَدُد رُقعَة ألنُفوذ ألإيراني في ألشَرق ألأوسٍط تَهديدَآ وُجوديَآ لَها و رُغْمَ كَبحِ جَماح ضَرباتها ألجَوية في سوريا أثَر إسْقاط طائِرَة ألنَقل ألجَوي ألروسية أل “أليوشين” على مَقرُبة مِن ألساحِل ألسوري ، و ما تَلا ذَلِك مِن فَرضِ القيادة ألروسية قَواعِد إشتِباك جَديدَة و تَزويدَها ألدِفاعات ألجَوية ألسوريَة مَنظومَة صواريخ S-300 ،، فإنَ رئيس أركان جَيش ألعَدو “غادي إيزنكوت” يَرى في ألإنسِحاب ألأميركي من شَمال و شمال شَرق سوريا تَسليمَآ بِألدَور ألآحادي ألروسي في ألإقليم كَما يَترَقَب بِحَذَر إمكانيَة تَوسيع ألمَظَلَة ألدِفاعيَة ألصاروخية السورية-ألروسية لِتَشمُل ألأجواء أللبنانية لا سيَما إثرَ ألغَارَة الَتي شَنَها طَيران ألعَدو على أهدافٍ في سوريا ألأُسبوع ألفائِت ..

مِنْ جِهَةٍ أُخرى ،، إعتَبَرَت ألحُكومَة ألإسرائيلية ألمُصَغَرة “و لَو ضِمنيآ” أنسِحاب ألقوات ألأميركية من سوريا نتيجة هزيمة “داعش” سَبَبَآ واهِيَآ و غير ذي مِصداقيَة ،، لا بَل رَأت “و إن أنكَرَتْ علانيَةً” صحَة وِجهَة نَظَر أعْداءَها “إيران، سوريا، حزب ألله” و أخْصامَها “روسيا، تركيا” أن ألمُعادَلات ألجيوسياسيَة و ألإستراتيجيَة إضافَةً إلى مِيزان ألقِوى في ألمَنطِقَة فَرَضَ هَذا ألإنسِحاب ألمَجاني دُونَ شروط و رَفَعَ دَرَجَة ألتأثير ألروسي و نفوذِهِ حُكْمَآ ..

في سياقٍ مُتَصِل ،، و نَتيجَة تَصريحاتٍ سابِقَة لِمسؤولين أميركيين لا سيَما وزير ألدفاع ألأميركي ألمُستقيل “جايمس ماتيس” إعتَبَرَت قيادَة ألعَدو ألسياسية و ألعَسكرية أنَ تَواجُد ألقوات ألأميركية وَرَقة رابِحَة في يَدِها و أيقَنَت أنَ هَذِه ألقِوى لَن تَنسَحِب قَبْلَ فَرض خُروج ألقوات ألإيرانية من سوريا ، و مِما فاقَمَ غَضَبها أن أحَد أهَم ألديبلوماسيين ألأميركيين “جيمس جيفري” ألمُحاضِر في مَعهد واشنطن لسياسَة ألشَرق ألأدنى وَ أحَد واضِعي الاستراتيجية الدبلوماسية والعسكرية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط و هو أيضآ ألمَبعوث ألأميركي إلى سوريا و ألمُستشار ألخاص لوزير الخارجية “مايك بومبيو” كانَ أعلَنَ قبل ٤٨ ساعة من قَرار ألرئيس ترامب “أنَ ألقوات ألأميركيَة في سوريا باقيةٌ إلى أمَدٍ غَيرِ مُحَدَد”،، ألأمْر ألَذي جَعَلَ نَظَرية ألخَديعَة وِجهَةُ نَظَرٍ ..

عَلى ما يَبدو أنَ ألسيناتور ألجُمهوري “ليندسي غراهام” صَديق ألرئيس ترامب و أحَد ألمُرَشَحين لِتَوَلي حَقيبة وزارة ألدِفاع تَمَكَنَ مِن إقناع صَديقه بإبطاء عَمَليَة ألإنسِحاب حَيثُ أعلَنَ في تَغريدَةٍ لَهُ إن أيَ إنسحابٍ مِن سوريا سَيَتم بِما يَضمَن : ” تَدمير تَنظيم ألدولة ألإسلامية نهائيآ – عَدَم مَلء إيران ألفَراغ – حِمايَة ألحُلَفاء ألأكراد ” ..

ألسؤال ألمَطروح ألآن : هل سَيَستَجيب ترامب لِتنامي تسونامي ألضُغوطات ألَتي يَتعَرَض لها كُلَ يوم إضافَةً إلى ألتَحذيرات من عَواقِب قَرارِه ألأحادي بألإنسِحاب ؟؟
هوَ يَقول إنهَزَمَت “داعش”، حَانَ وَقت ألإنسِحاب !!.. وَ كَفَى ..!

المُتَضَررين أو ألخاسِرين كُثُر و في مُقَدِمَتهم إسرائيل ..!! في تَطبيق ألإستراتيجيات لا شَيء يَعلو عَلى مَصالِح الدوَل ، وَ عَودَة ألرئيس ترامب عن قرارٍ إتَخَذَهُ لا يَكفي أو يَنفَع مَعهُ نقاشٌ أو تَبادُل وُجهاتِ نَظَر لِتَبديل قَناعاتِهِ مِما سيَدفَع أللُعبَة ألإستخباراتية إلى مَداها ، و رُبَما يُصبِح ألمَحظور وارِدَآ ..!
إذ إنََ عَمَلَآ إرهابيَآ ضَخمَآ و مُؤلِمَآ قد يَستَهدِف أِحدى ألقَوافِل أو ألقَواعِد ألعَسكَريَة ألأميركية في سوريا أو ألعراق هوَ مَا سَيُثني ترامب رُبَما عن قَرارِه “بِعَقلِ و نَظَر ألخاسِرين”، و يُرغِمُه بالتالي عَلى إبقاء قُواتِه في سوريا إن لَم نَقُل تَعزيزَها فَتُصبِح مُدَة ألإنسِحاب أو ألإبطاءً – مَقْتَلَآ ،، وَ يَبْقى ألمَيدان مَفتوحَآ عَلى كُلِ ألإحتِمالات ..

*كاتب و باحث في الشؤون ألأمنية ألإستراتيجية و مكافحة ألإرهاب .