يا لفرحتنا..النواب يتلقحون والقطاع الطبي ينزف موتاً وهجرات…

 

بقلم : محمد هاني شقير

منذ سنة وأزيد سقط عشرات الشهداء من قطاع الصحة، (او ما سمي بالجيش الابيض) أطباء وممرضين، على مساحة الوطن في أثناء تصديهم لجائحة كورونا وتداعياتها ووقوفهم الى جانب المصابين في رحلة علاجهم المضنية. وسقط العديد من أبناء الوطن شهداء جراء فتك الكورونا بهم.

لقد كان ولا يزال مأخذ جميع اللبنانيين على السلطة عموماً ووزارة الصحة خصوصاً البطء الشديد واللامبالاة التي حكمت مسيرة الاسراع في تأمين اللقاح لشعبنا وبلا أي تردد، لكنهم، وككل مرة وفي كل استحقاق، استخفوا بهذا الشعب وماطلوا ولم يبذلوا أي جهدٍ حقيقي للحصول على اللقاح بغية تلقيح اللبنانيين وحفظ صحتهم. واذا ما استثنينا كيان العدو المحظي دائماً من المجتمع الدولي لكونه لامس الثمانين بالمئة من حملة التلقيح، فإننا سنقبل بمقارنتنا بأي دولة أخرى في هذا العالم لجهة حملات التلقيح، وسنكتشف بسهولة وبحزن شديدين، أننا بعيدين جدًا عنهم بل هم سبقونا بأشواط كبيرة.

يحصل كل ذلك فيما كنا، وسنبقى بجهد حيوية شعبنا، مستشفى العالم العربي، حيث يحضر إلينا مرضاه للمعالجة لثقتهم بقطاعنا الطبي الذي بدأ هو الأخر يتآكل ويهاجر كوادره (أطباء وممرضين) هرباً مما أوصلتنا إليه الطبقة السياسية الحاكمة. هذه الطبقة التي حماها وأمن مشوارها، في نهب وسرقة مقدرات الوطن وثرواته وتعامى عن مراكمتها للمال العام ووضع البلد تحت مديونية لم ولن يعرف اللبنانيون حجمها الحقيقي، هم النواب الذين أصبح ينطبق عليهم المثلشاهد ما شافش حاجة“.

وهذا المجلس النيابي هو المسؤول، ككل برلمانات العالم، عن مراقبة حكوماته وسياساتها ومحاسبتها ومعاقبتها فضلاً عن سنّ القوانين التي تخدم الشعوب، إلا مجلسنا العتيد فهو شريك بالجرم ويتحمل ربما مسؤولية أكثر من الحكومة ذاتها. ومع ذلك، وحده وزير الصحة، وجد بنوابنا ابطالاَ ذادوا عن حياض الوطن فقدر نضالهم الدؤوب الذي تبدى في اجتماعاتهم لمدة سبعة أيام وإقرارهم قانون استيراد اللقاح !! فإذًا كان عمل هؤلاء لمدة سبعة أيام متواصلة جعلهم يحظون باللقاح فكيف بمن كافح الجائحة منذ تفشيها؟!

لقد نسي، صاحب المعالي، أن هؤلاء النواب تخلفوا عن دورهم الحقيقي لثلاثين عاماً إلا من ندر، وساهموا بتحطيم عظام الوطن وحولوه إلى هيكل سيتعلم منه وبه الآخرون ليصححوا تجاربهم الفاشلة؟!

ألم يكن الأجدر بالفرق الطبية العائدة للوزارة أن تتوجه أولاً الى جميع الكوادر الطبية المكافحة وتمنح افرادها اللقاح؟

ألم يستشهد في اليومين الأخيرين ثلاثة أطباء بهذه الجائحة؟

أليس من الأهم منح اللقاح لمئات بل لآلاف السيدات والرجال الذين ارهقهم تعب الحياة وشظفها وكانوا، وسيبقون، ملح الأرض وعبقها، وهم ملتصقون بها حتى التماهي، وهم مع الأسف، ساكتون عن سكوت النواب منذ نشأة مجلسهم، عن سنّ وإقرار القانونين الأهم والأوجب على الإطلاق؛ الضمان الصحي وضمان الشيخوخة!

ليس لعشرة أو مئة لقاح أهمية استثنائية في مسيرة الشعوب، ولكن ليس بهذه الطريقة تحيا الكرامات! وفعلا إن “الذين استحوا ماتوا”.