وَطَن يلفظ انفاسه الاخيرة..!


بقلم العميد مُنذِر الايوبي

ثبت بالوجه الشرعي بعد لأي تأكيد المؤكد، فلا بدر العيد لاح ولا انتخاب رئيس متاح؛ تبزغ شمس الصباح وساسة ينتشون على قصيد ابن حمديس الصقلي (شاعر عربي مبدع حكيم من حكماء الحياة) : “هاتِ كَأسَ الراحِ أَو خُذْها إِلَيكْ ؛؛؛ يَنْزِلِ اللهوُ بها بين يديْكْ”.. ثم يعود كثر من صنف دَحِن “السمين، القصير المُنْدَلِق البطن؛ وقيل الداهي” متابعة عيش الليالي الملاح؛ دون حياء على استعلاء، كيف لا والسابع عشر من تشرين بات رواية رومانسية من نوع الخيال التاريخي المثير..!
كالمتوقع اتت الجلسة الانتخابية بالعدد ١٢ عقيمة، اذ ان فبركة التقاطعات المحلية بين الكتل المسيحية على المرشح الرئاسي جهاد ازعور، كما تمسك الثنائي وحلفائه بالوزير السابق سليمان فرنجية كلاهما بعيدان وفق نقاط الترجيح عن التقاطع الدولي السعودي، الفرنسي، الايراني..
كما ان اطراف المعادلة الدولية مثابرين على عدم تسمية ما يعكس رغباتهم المبطنة ومصالح دولهم، فيما اللعبة الداخلية دون اهداف مكشوفة الاشواط قولا وممارسة لا يقيم اطرافها وزنآ للمصلحة الوطنية، وقت مستقطع بطيء ثقيل على الانفس ووطن نازف على رصيف انتظار..!

في السياق، إثر اجتماعه مع الرئيس بري اطلق نائب رئيس المجلس قنبلة صوتية محسوبة الاضرار الجانبية، عنوانها انتخابات نيابية مبكرة احدثت دويآ محليآ اعتبر في خانة الالهاء غير المستحيل؛ لم يتردد صداه في اروقة الايليزيه رغم تقاطعه زمنيآ مع اللقاء الثنائي بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون…!

من جهة اخرى، بالمفهوم العام توطن “القَرف” البلاد، اعتاده اهله منذ اعوام ثلاث سلوكآ يوميآ، وجوه عبوسة لا تعرف التحية، تفتقد الفرح كما الابتسامة تجوب شوارع المدينة، تشاؤم مرضي على محياها وقلوب فائضة غليانآ وغضب..!
تاليآ في ظل القرف السياسي يصل وزير الخارجية الفرنسية الاسبق جان إيف لودريان بيروت بداية الاسبوع القادم، من منطلق ممارسة استراتيجية الخضوع لأحكام العقل وهو اقصر الطرق لمعرفة الحقيقة على ما يقول الفيلسوف اليوناني سقراط “الإنسان الأسعد هو من يحكمه العقل”..

فيما ستواجهه المنظومة بقضها وقضيضها بفلسفة المؤرخ الاسكتلندي دافيد هيوم “العقل لا يمكن أن يكون سوى عبدآ للعواطف والأهواء”..! ما يوجب سعي اقناعه تفادي عقلانية مفرطة مجرّدة من عاطفة، اذ مؤداها بنسبية مريحة وفق بعض علماء البيولوجيا العصبية تلافي اعراض “الشخصية السيكوباتية” Psychopathic personality المصابة بالاضطراب العقلي .،!

استطرادآ؛ بعد الجلسة النيابية الاخيرة وهو انتظر نتائجها قبل توجهه الى بيروت، ستقدم السفيرة الفرنسية الى لودريان تقريرا يتضمن بنود الاحجية اللبنانية:
-اصطفاف قسم من نواب على تقاطع الوزير السابق جبران باسيل- ورئيس حزب القوات سمير جعجع. فيما بقية تنتظر رؤيا تشير وتُفسر لمصلحة فرنجية.
-دعوة البعض الى اسقاط مجلس النواب والتمهيد لانتخابات جديدة باشراف دولي. فيما بعض آخر يطلب تطبيق اتفاق الطائف كاملآ..
-تعتبر غالبية ان المعركة السياسية مصيرية بين مشروع الدولة ومشروع الهيمنة، فيما توازيها اخرى حذرة تُحذر من طعن المقاومة في الظهر.
-فريق يدعو الى محاسبة المرشح الرئاسي جهاد ازعور عن مرحلة توليه وزارة المالية في حكومة الرئيس السنيورة مع فقدان ١١ مليار دولار من الخزينة؛ لكن آخر مقابل يرى فيه شخصية توافقية انقاذية في هذه الحقبة المظلمة.
-قسم من نواب يعتبرون انتخاب جهاد ازعور تجرع سم بالارادة، فيما آخر يراه سبب مغص طويل الامد بين الاطراف المتقاطعة.. الخ…!
-مايسترو السياسة اللبنانية يُصَنف بالمشترك المحلي والدولي حاجة دائمة، اتقان ادارة ازمة مانع انزلاق نحو مواجهة او حرب اهلية، مادة لاصقة لمربعات الكيان المشرذم..

اخيرآ، القرف نتاج عفن ممارسة واداء، الناس خاسر اكبر، يرون مجموعة اشخاص هم أسوأ نسخة عن انفسهم، لكل منهم حصته واتباعه مدراء موظفين قادة وقضاة الخ.. اما النقاش في مقاهي “العطلجية” وهم الاكثرية المجتمعية الحالية، فبات حول الفوائد الصحية والنفسية للتنباك المعسل، نكران مُقنِع لملصق السخرية “استهلاكه يزيد من خطر الوفاة” في وطن يلفظ انفاسه الاخيرة..!

طرابلس في 16.06.2023