هل يمكن الوثوق بعدد السعرات الحرارية الملصقة على المنتجات الغذائية؟

الدنيا نيوز – دانيا يوسف

هل يمكنك الوثوق بالسعرات الحرارية الملصقة على الأطعمة المصنعة؟
معظم الأشخاص الذين لديهم قلق على زيادة وزنهم يحسبون السعرات الحرارية عند تناول أي وجبة. وهذا يعني مقارنة أعداد السعرات الحرارية المعروضة على ملصقات الطعام وعرضها في مطاعم السلسلة. ولكن ماذا لو كانت أعداد السعرات الحرارية غير دقيقة؟
تسمح إدارة الأغذية والأدوية لشركات الأغذية على نطاق واسع بدقة السعرات الحرارية المدرجة في عبوات التعبئة – 20 بالمائة في أي من الاتجاهين.
وهذا يعني أنه إذا كانت الملصق يقول 200 سعرة حراري لكل وجبة، فقد يكون 240 سعرة حرارية أو 160 سعرة حرارية أو أي شيء بينهما. والأكثر من ذلك، لا تقوم إدارة الأغذية والأدوية (FDA) بأي عمل منظم للعلامات التجارية لضمان تلبية عدد السعرات الحرارية.
عندما نأكل فإن الطعام يتحول إلى طاقة في أجسامنا، حيث تقوم أنزيمات الهضم في الفم والمعدة والأمعاء بتفكيك مكونات الطعام المعقدة إلى أجزاء بسيطة على شكل سكريات وأحماض أمينية تنتقل عبر الدم إلى جميع أنحاء الجسم.
وعادةً ما يستخدم العلماء وحدة السعرات الحرارية (Calories) لقياس كمية الطاقة المخزنة في الطعام، ويعرّف السُّعْر الحراري بأنه كمية الطاقة اللازمة لرفع درجة حرارة كيلوغرام واحد من الماء بمقدار درجة مئوية واحدة. فالدهون توفر لنا حوالي 9 سعرات/غرام، بينما توفر الكربوهيدرات والبروتينات 4 سعرة/غرام، في حين توفر الألياف 2 سعرة/غرام، لأن أنزيمات الجهاز الهضمي عند الإنسان لا تستطيع تفتيت الألياف إلى جزيئات صغيرة.
وقد أثير في الآونة الأخيرة تساؤلات حول حقيقة السعرات الحرارية التي تكتب على ملصقات علب الأطعمة المصنّعة …هل هي فعلاً التي يأخذها جسمنا؟


خطأ غير مقصود
في الواقع يستند حساب السعرات الحرارية الموجودة على كل ملصق غذائي إلى نتائج أبحاث قديمة أجريت منذ القرن التاسع عشر، وذلك عندما وضع عالم الكيمياء الأميركي أتواتر نظاماً لحساب متوسط عدد السعرات في غرام واحد من الدهون والبروتينات والكربوهيدرات، وبذل قصارى جهده لوضع هذا النظام الذي ما زال سارياً إلى يومنا هذا، دون أن يأخذ بعين الاعتبار أن لكل نوع من الأطعمة طريقته الخاصة في الهضم التي تختلف عن الآخر.
وقد وجدت الدراسات والأبحاث الحديثة أن هذا الحساب غير صحيح كونه يعتمد على أسس بسيطة لا تراعي عدة عوامل مثل مقاومة الهضم، ومقدار الطاقة التي يستهلكها جهازنا المناعي في مكافحة الجراثيم الموجودة في كل وجبة طعام، وكذلك طريقة الطهي المتمثلة في الغليان أو الخَبز أو الشِّواء أو غيرها، فطريقة الطهي تغّير من التركيب الكيميائي للطعام، وبالتالي فإنها تغيّر من كمية الطاقة المبذولة لتفكيك كل نوع غذائي. كما أغفل هذا الحساب دور مليارات البكتيريا الموجودة في الأمعاء والتي تساعد على الهضم، ومقدار الطاقة الذي تستهلكه هذه البكتيريا لنفسها.
ثم ان هناك فروقات جغرافية بين البشر، فقد وجد العلماء في بداية القرن العشرين أن الروس لديهم أمعاء أطول بــ 57 سم من البولنديين، الأمر الذي يساعدهم على امتصاص الغذاء في مراحله الأخيرة، فالروس يحصلون على سعرات حرارية أكثر من البولنديين لدى تناولهم الكمية نفسها من الطعام.
وحتى أعداد البكتيريا تختلف بين شخص بدين وآخر غير بدين، فقد وجد أن البدينين لديهم أعداد هائلة من نوع من البكتيريا التي تدعى فيرميكوت Firmicutes أكثر من النوع الآخر المسمى بالباكترويد Bacteroid، الأمر الذي يسمح بزيادة كفاءة عمليات الاستقلاب، وبالتالي زيادة في كمية الغذاء الذي يدخل الدورة الدموية ويخزن على شكل دهون.
ملاحظة الفروقات
في دراسة أجريت عام 2012 من قبل باحثين في إدارة الزراعة الأميركية تبين أن الأشخاص الذين تناولوا اللوز حصلوا على 129 سعرة حرارية فقط من أصل 170 سعرة حرارية موجودة على الملصق الغذائي.. ولكن مع وجود فارق قدره (41) بين القيمتين فإن إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) لا تستطيع إلزام بائعي المواد الغذائية بتغيير الملصقات عليها واتباع طريقة جديدة لحساب السعرات الحرارية. لأن التحدي الأكبر يتمثل في تعديل المسميات على أساس طريقة تحضير المواد، وهي عملية صعبة حتى الآن.
وربما تكون أكبر مشكلة بالنسبة للملصقات الغذائية أنها لا تحسب الأنشطة اليومية التي نقوم بها، ولا تقدر السعرات الحرارية الناتجة من طرائق الطبخ؛ فالطبخ على نار هادئة يختلف عن الطبخ بالقلي أو البخار؛ حيث أن الحرارة تسرّع عملية تفكيك البروتينات وتقتل البكتيريا، الأمر الذي يؤدي إلى سهولة الهضم وتوفير طاقة الجهاز المناعي لمحاربة مسببات الأمراض.
البحث عن طريقة جديدة
لقد حاول الكثير من الناس إيجاد طريقة أفضل لحساب السعرات الحرارية الموجودة على الملصقات الغذائية اعتماداً على الفهم الحالي لعملية الهضم. ويقول الخبراء إنه ومع العثور على طريقة تحسّن من عملية حساب السعرات، فإنها لن تكون دقيقة جداً نظراً لان كمية السعرات الحرارية التي نحصل عليها من الغذاء تعتمد على نتاج العلاقة بين الغذاء والجسم البشري والبكتريا الموجودة فيه.
إذاً كيف نختار أغذيتنا الجاهزة (المصنّعة)؟
من الناحية البيولوجية فإن الأغذية المصنّعة يتم هضمها بسهولة في المعدة والأمعاء، وهي تقدم لنا الكثير من الطاقة مقابل عمل قليل جداً. بالمقابل، فإن حصولنا على السعرات الحرارية من الخضار الطبيعية والمكسرات صعب لأنه يحتاج إلى وقت وجهد لهضمه، وهي تمدنا بالكثير من المغذيات والفيتامينات مقارنةً بالأغذية المصنّعة، كما أنها تحافظ على البكتيريا المفيدة في أمعائنا.
لذلك فإن القاعدة الذهبية للغذاء الصحي هي: سعرات حرارية قليلة من الأغذية الكاملة والنيئة أفضل من الحصول على سعرات حرارية عالية من الأغذية المصنّعة.