نهاية النفق ترسم لوحة العدالة..!

بِقَلَم العميد مُنذِر الايوبي.

يقال في الجحيم انه مكان العقاب، من يحسم دخوله هو الحق سبحانه.. تسأل، انى لانسان ان يقرر سلوك رعيته دربه قسرا..؟ ٰ أٰصار الدخول اليه يستوجب مرسومآ اشتراعيا ام عاديا او من بدعة الجوالة، ملكيا او سلطانيآ وفق المرجعية..؟ الا يشمل العقاب من تملك الناس عبيدا، حاز رزقهم غنيمة، جاعلا من ارض الوطن يباب؟ أؤتيوا النفخ في الصور مَلِكٌ مخصوص في الوقت المخصوص..؟ ام منحوا اعلان اشراط الساعة من علامات القيامة..؟ تشهد الشياطين على تفوقهم كفرا وابلسة..
ليس فسحة درب الجلجلة؛ ولا القيامة قهر الموت، هي ولادة ثانية في سموها امل ورجاء، ميراث ديني وانساني لا يدنس، أٰتراهم باتوا يقهرون موتآ لا يقهر..؟ بِعِدَة من امونيوم، او فرض هجرة مراميها ترحيل اهل البلاد النجبا، رافعي قبضة الثورة، نُخَب ثقافة وعلم وادب؛ لتوطين لاجئين فارغي الرؤوس، هشيم جيران هجروا، سهل تدجينهم لينصاعوا، فعل ابتزاز بقاء او منح جنسية فتجدد عروشهم، ان تعلى نواميس حكمهم ويتوالى ميراثهم..!

من المنطق او الايمان، ان في الجحيم العقل يقظ والضمير ندِم، حواس حية إلزام شعور أألمٌ واقسى، اهتراء مداس في دوس على جمر محدب، تَلوِ الروح فوق اللهب.. إن عبروا الدرب وكان سكناهم الجحيم ف قصاص؛ أَن يعبر الجحيم الى قلوبهم ويسكن المدارك فاختيار نزوع عيشهم مع الشيطان..! ليس لهم القصاص الدنيوي فمصدره حكم القانون بالنص، به الرقي الانساني مفهوم خُلُقي ومنه يد العدالة عليا..

اسقطوا الوطن في هوة عميقة، البحث جارٍ عن شفيع يخرجه من لجة.. انقاذ الناس من ذواتهم قبل اسعافهم من جهنم.. الوصول الى المطهر لا عودة منه، مسلك الدينونة اتجاه واحد، لا تغيير فيه وان تَلَوى القدر، اذ فات وقت التوبة، ولهم بدعوات الامهات بِأسَ المصير.. من شرفات الفردوس واعلى العليين سيَشهدون عليهم في اسفل سافلين..!

بات المُنى تَوقُ القيامة، عذاب الدنيا لا طائل منه، يعايشه الناس بصمت القبور، بل يسبقهم وهم خلفه..!
هي محنة العقل والمرض عضال، هل فرض عليهم اختبار الموت احياء.؟ عذاب بعد عذاب والجوع كافر.. البقاء في الظلمة غياب الضوء والله نور؛ العيش في صقيع دائم مؤداه تجمد فكر، جمود جسد واكتئاب نفس.. تعاقب الفصول من كينونة الوطن، جمال الطبيعة هبة تجدد وعطر ربيع، لم تعد ذات قيمة لقباحة المعاصي وتوالي النوائب من نوائبٍ بشر مثلهم..
جعلوا الشعب مجتمعات لا متجانسة اعتنقت من بدع الدنيا دينا، زوروا التاريخ ففقدت الثقة، قدس اشخاص وكرست عاداتً مبتغى رفاهية وهم؛ رميت ثوابت العقائد والشرائع في الزوايا الخطأ تدنس او تنجس ..!
لبنان ليس قصة خرافية يا سادة؛ بين الزنزانة والسجن ستسكنون المعضلة، في احادية المكان فرق اتساع، فتصبح المساحة صفرا لتساوِ المعاناة على تطابق المدة.. الحرية لا تقاس هي في المطلق فضاء وكون، ان تولدت حاجة او عم حرمان كُسِرت مبدأ وممارسة..
المال عصب الحياة ومن زينتها، صنو البنون، في البنون اكتفاء وفي المال طمع، رزق الناس صلاة، السطو عليه حذف متع ومتاع؛ أنى لكم ان تحرموا الناس الايمان والحرية والحياة او تهلكونهم احياء..!!

ماذا عن التوبة..؟ لا يشعرون بحاجتها، يعتقدون غفران الباري مجاني وجنان الفردوس مسكنهم.. الجهل بالقانون لا يُعفِ من عقاب فكيف بهم..! حفظة نواميس الكفر كتبة كراريس الظلم، اسفار نوابغ الطغاة تخضب بدم الابرياء، زراع اشواك في مآقي الشهداء واحضان الانبياء.. في وحدة المعنى عن النبي يعقوب؛ “اولاد الله يتمثلون بالقادة والقساوسة المؤمنين، دينونة هؤلاء اشد واقسى بسبب المعرفة التي لديهم وتأثيرهم على الاخرين، حجم الخطيئة يفرض درجات متفاوتة للعقاب”..!
في الرغيف قداسة تهتك كل يوم، هو خبز الفقراء “السلام لبيت لحم، بيت الخبز الذي ولد فيه الخبز النازل من السماء”. يدنسون القداسة في افواه الجياع..!
في اجسادهم قلوب من صوان لا تحنوا مُذ حَبوا؛! يقلبون صفحات الكتب السماوية في المناسبات التماس ولاء المؤمنين لا رضى الله،..! يقول Franz Kafka: “على الكتاب أن يكون كالفأس التي تهشّم البحر المتجمد في داخلنا”.
إناَّ لكل انسان حق اختيار انتماء الى مكان في هذا العالم؛ مهما سوِرَت الحدود وفُرِضت الشروط وعُقِدَت جوازات العبور.. هم اختاروا المال والناس اختارت وطنا، في حسابات المدى “الدالة” عكسية Inverse Function تمييز اعلى وادنى، فرق الاختيار مقياس تباعد القيم، وقيمتهم وضيعة..

ختاما؛ ما بين النوم واليقظة hypnagogia hallucination بعض هلوسة حالة انتقالية؛ على تعدد العلل فقدان امل بالصحو، غضب الناس كبير مكنون بروز الاماني والافكار والرغبات من العقل اللاواعي على صفحة الوعي؛ يرون أَخيلة طويلة لزعماء هائمين في ظلمة حالكة، جدران قصور تحترق، و نهاية النفق قدرة ادراكية ترسم لوحة العدالة فترتسم بحيرة مشتعلة ترحب بهم..!

بيروت في 12.01.2022