مخاطر وجودية تتربص بلبنان

بقلم : د. غسان الخالد

يبدو أن اللبنانيين سيعتادون على وقع القرارات المرة مع بداية كل أسبوع، وفي كل يوم اثنين. فالاثنين الماضي شهدت أحداثه كسر الجرة كما يقال بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف سعد الحريري. ولم يكن أمام اللبنانيين خيارات كثيرة، في ردات الفعل، فهم اصلا منقسمون عاموديا في المواقف السياسية الداخلية كما الإقليمية والدولية، ولعلهم تعودوا على سماع نغمة المبادرات، وباتوا يألفونها كما لو أنها خبزهم اليومي. فماذا ننتظر هذا الاثنين (اليوم)؟
في الشق المحلي ينتظر اللبنانيون ردود الفعل على المبادرة الجنبلاطية المباركة من رئيس مجلس النواب اللبناني بخصوص تشكيل الحكومة. تقوم هذه المبادرة على تشكيل موسع يصل إلى أربعة وعشرين وزيرا، لا ثلث معطل فيها. هو الأمر الطبيعي الذي ينتظره اللبنانيون، على اعتبار أن التشكيل سوف يقود إلى (شيء من) الاستقرار السياسي والأمني، وبالتالي إلى هدوء على جبهة الدولار والأسعار.
حاكم المصرف المركزي ينتظر التشكيل لارساء قراره بالمنصة المحددة لسعر دولار معين يوازي ستة أضعاف سعره السابق الحالي المعتمد من المصرف. وينتظر اللبنانيون اختصار معاناتهم مع معملي الجية ودير عمار المنتجين للكهرباء. الحقيقة وعلى الصعيد المعيشي، ينتظر اللبنانيون فرجا سياسيا بقدرة قادر، على أمل أن يخفف من معاناتهم اليومية في مختلف مجالات حياتهم المعيوشة.
والحقيقة أيضا أنه لا شيء قد تغير على صعيد الشروط من المعنيين بالتأليف والتشكيل، فما عدا مما بدا حتى يعاش هذا الأمل ويتراجع هولاء المعنيين عن شروطهم؟….
ربما يعرف أكثرية اللبنانيين أن المسألة قد لا تحل محلياً وهي ليست قصة رمانة بل قلوب مليانة، إضافة إلى ما هو مطلوب إقليمياً ودولياً. ولذلك ينتظر اللبنانيون اليوم نتيجة الاجتماع الأوروبي وبحضور الأمريكي وما سينتج عنه.
لعل الحركة الديبلوماسية التي شوهدت بعيد الاثنين الماضي توحي بحلحلة ما، وانا اعتقد العكس. فالمسألة لم تتجاوز حدود أن الجميع مهتم وفق شروطه ومصالحه، وان الغرب الأوروبي والأميركي الذي يعمل وفق أجندات مصالحه، ومصالح اسرائيل المحفوظة ضمنا، لن يكون متساهلا إلى هذا الحد المتوقع ما لم تتحقق مصالحه، ومصالحه ليست محصورة في لبنان فقط، انها في الاقليم كله. لا بل إنها ابعد من ذلك.

فهذا الغرب يعمل على تعطيل مفاعيل إعادة الحياة والحيوية، إلى ما عرف سابقا بطريق الحرير. ولعل الاتفاق الصيني الإيراني، قد وضعت في طريقة الدواليب، فانتعشت قوى التطرف، او هي قيد الجهوزية، لعرقلة امتداد مفعول هذا الاتفاق إلى بلاد الإقليم كله اي العراق وسوريا ولبنان وحتى اليمن.
في المقابل وحفاظا على تحقق وتحقيق مصالح الغرب الأوروبي والأميركي حدث أمر آخر، في غاية الأهمية، في مسألة تعطيل طريق الحرير، عنيت به ما حصل في قناة السويس. فهل فقدت قناة السويس مفعول وظيفتها في الوصل والوصال في تقريب المسافات؟، وما هو البديل الذي بات قاب قوسين أو أدنى من الإنجاز؟.
هل ستكون مقررات الاجتماع الأوروبي الأميركي وهو اجتماع مخصص لدراسة الوضع اللبناني مسهلة لعملية التأليف ام معرقلة له من خلال الشروط التي قد يحملها ضمنا البيان الختامي؟ .

هل هذا الاجتماع هو خطوة أخرى من خطوات وضع لبنان تحت الوصاية الدولية وتدويل الأزمة اللبنانية؟.

ومن هي القوى السياسية المستفيدة من مثل هذا القرار الذي يبدو أن شروطه الموضوعية قد بدأت تتحقق أكثر فأكثر، او هكذا يسعى له؟ وبالتالي من هي القوى السياسية المتضررة؟ وما هي تداعيات مثل هذا القرار وجوديا على الكيان اللبناني؟
أسئلة كثيرة ومتوالدة تنتظر الإجابات الواقعية والحقيقة والتي قد لا نحصل عليها في الوقت الذي نريد، ولذلك هو انتظار قد يطول نسبيا وسيبقى محفوفا بالمخاطر الوجودية.

—————–
طرابلس في 29 3 2021