مال الناس .. للناس

بقلم ألعَميد منذر ألأيوبي*
 
مثلث متساوي ألأضلاع حتى ألآن يتنافس في ألإقليم و لا يتحكم به يتألف من : تُركيا – ألسعودية – إيران مدوزن بسياسة هادئة من ألإتحاد ألروسي مع قوة عسكرية ضاربة في سوريا إضافَةً إلى قدرة إرواء من مصادر ألطاقة متمثلة بشرايين ألنفط و ألغاز ألممتدة حتى أوروبا ..!
 
تتربع منطقة ألشرق ألأوسط على صفيح ساخن يمتد من أليَمَن مرورآ بليبيا ، فلسطين ألمحتلة ، ألعراق و سوريا في حين يقع لبنان وسط ألمثلث مفتقدآ ميزة ألثقل ألنوعي Centre De Gravite نقطة جذب إقليمية و تجاذب يدفع ثمنها دون إرادة مِنهُ مع حالة من إنعدام ألتوازن تحرمه ألقدرة على مواجهة ألتحديات ألمستجدة و ألمتغيرات ألمتوالية بألتلازم مع تفاقُم ألأزمة ألإقتصادية و ألمالية سواء ضمن نَظَريَة ألمؤامرة أو تحت عنوان أشد وقعآ يرتسم في قصور أداء ألسلطة ألسياسية و ألأوليغارشية ألمستحكمة مع قوننة فَساد عميم و هدر مستشري ..!
 
بألتوازي؛ تعتمد ألدول ألثلاث في صراعها ألمعلن على ألمستوى ألإستراتيجي كافة أدوات ألمواجهة ألسياسية و ألإقتصادية أما ألمواجهة ألعسكرية فتأخذ ألطابع ألمباشر في مَناطق و ألغير مباشر في ساحات أخرى عبر أذرعها أللا دولتية ألتي باتت مؤثرة إلى حد ألقدرة على ألتملص عند ألإقتضاء مما يُفرَض على رعاتها أو داعميها من إلتزامات و بما يؤمن لكليهما هامش مناورة أوسع و أفعل ..!
 
بألمقابل ؛ تشكل ألمجموعة ألعربية بحالتها ألراهنة نُقطَة ألضعف أمام قطبين إقليميين : إيران و تركيا و 
إذ تحاول ألمملكة ألعربية ألسعودية تثبيت قوتها ألإقليمية بألتَوازي مع هاتين ألدولتين متكئة على تحالف أميركي وطيد و مستندة على خلفية موقعها ألقيادي و مكانتها ألدينية ألمتميزة إضافَةً إلى قدراتها ألإقتصادية و نجاحها في ذلك إلى حد ما ؛ إلا أن ألتشرذم ألعربي و ألإنقسام ألعامودي للدول العربية بين محورين يحد من قدرتها على لجم ألتدخلات ألإيرانية من (منطلقها ألمقاوم و صبغتها ألمذهبية) من جهة 
و ألتركية من (منطلق طموحاتها ألعثمانية و صبغتها ألإخوانية) من جهة أخرى ، لا سيما في ظل ما تتعرض 
له ألقضية ألفلسطينية من محاولات تصفية أو تصفير عبر مترتبات إنجاز صفقة ألقرن ألتي بَدأت تدخل حيز ألتنفيذ على نار هادئة بإنتظار تبلور نتائج ألإنتخابات في ألكيان ألعدو ينبثق عنها حكومة إئتلافية جديدة و كذلك نتائج ألإنتخابات ألرئاسية ألأميركية ..!
 
مما لا شك فيه أن ألإختلاف ألإيديولوجي و ألديني ألمزمن جعل من ألمعادلة ألطائفية و ألمذهبية عامل ألشحن ألأساسي في هذا ألشرق و صاعق ألتأجيج ألفتنوي عند ألإقتضاء مما أسبغ عليه صفة ألصِراع ألوجودي بين أطرافه بإمتياز ، في ظل إصطفاف صفيق يَصُب في مصلحة ألقوى ألكبرى لجهة ألهيمنة 
و تقاسم ألنفوذ في ألإقليم بِما يتناسب مع تأمين مَصالح هذه ألأخيرة ألجيوسياسية ..!
 
من جهة أخرى ، تجد ألجمهورية الإسلامية ألإيرانية نفسها في زاوية ألحلبة نَتيجَة ألطوق ألمفروض عَليها من ألعقوبات ألأميركية و ألقيود ألمكبلة لها إقتصاديآ و ماليآ بألرغم من نجاحها إلنسبي في ألصمود و ألضَبط ألجزئي لبعض شارع متململ ؛ بألمقابل فإن ألطموح ألتركي عالق في ألمأزق ألسوري وسط مواصلة ألجيش ألسوري تحقيق ألمزيد من ألإنجازات ميدانيآ “تحريره مؤخرآ مَدينة حَلَب و ريفها كذلك ألسيطرة على ألطريق ألدولية M5 ألإستراتيجية” كما يشكل ألدَعم ألأميركي للفصائل ألكردية عاملآ أساسيآ في كبح تمدد ألقوات ألتركية ؛ أما ألعلاقات و ألمصالح ألتركية ألأميركية فقد أصبحت في ألمرتبة ألثانية و تقدمت عليها ألإستدارة نَحو ألشرق ألروسي ألسيبيري ألدافيء بمواجهة موجة ألصقيع عَبرَ ألأطلسي ..!
 
ألقيادة ألروسية تتقن إدارة ألأقليم من خلال فهم عميق لجذور صراعاته ألإيديولوجية و ألتاريخية على تعدد كياناته و باتت في موقع ألمقرر ضمن تفاهم واضح مع ألإدارة ألأميركية و تعامل عقلاني مع كيان ألعدو وفق رؤيتها ألإستراتيجية ، إذ إستنكرت ببراغماتية ضَم ألقدس و ألجولان و رفضت ألمنتج ألأميركي ألإسرائيلي ألجديد (صفقة ألقرن) معتبرة إياها عامل تفجير لا مبادرة سلام ..!
 
على هذا ألفالق ألزلزالي يقع ألوَطَن أللبناني متنفسآ رماد البراكين ألمتفجرة من حوله في غشاوة إنعدام 
رؤية أو قدرة على إختيار و إلتزام تموضع سياسي يمنحه أمانآ مطلوبآ و يفسح في ألمجال أمام حلول ناجعة للإشتباك ألسياسي ألمتفاقم داخليآ و لأوضاعه ألمتردية على كافة ألصُعُد …! ألوطن ألصغير بات في هوة سحيقة تتضارب ألمقترحات و ألحلول و تتناقض حول طريقة إنتشاله و نوع ألأوكسجين ألَذي يسمح بإعادته إلى ألحياة في ظل تفاقم مضطرد لفقر و بطالة و هجرة ، أما أهله فلا حول لهم و لا قوة ..!
 
إستطرادآ ؛ إذا كان توصيف واقع ألحال أمرآ سهلآ فإن ألعلاج أصعب لضعف بصر و إنعدام بصيرة إذ أن حبل ألنجاة مرهون بمالكه ألَذي يريد ألثمن و هذا ألثمن يزداد إرتفاعآ مع مرور ألوقت و إستفحال ألمرض ، عِلمَآ أن ألعقاقير ألناجعة متوفرة على ألمستوى ألداخلي لا تحتاج سوى إلى قَرار مخلص متجرد في ألتنفيذ ..
هنا تقع ألمسؤولية على ألجميع فألكل متورط لا مجال في بلد يعيش إعصارآ مدمرآ سوى ألتوبة و ألتوبة تَفرُض ألرجوع عن ألخطيئة و طلب ألغفران و ألغفران لا يتحقق سوى بإعادة ما أخذ و إسترداد ما لقيصر (ألدَولَة) و ما للناس (ألشعب ألمقهور) من مال للناس ..!
 
*عميد متقاعد .
بيروت في 20.02.2020