هل انتهت فعلاً صلاحية المنحوتات الصنمية في مجلس النواب؟

بقلم العميد منذر الايوبي*

يبدو ان ساحات المزاد العلني Auction للانتخابات النيابية المرتقبة لا تزال في اطار عروض المزايدة المتبادلة، رفع اثمان حينآ ومقايضة احيانآ أُخَر. كما ان كُثُر من سياسيين مخضرمين سبق وسكنوا أذهان الناس على توالي عقود اشباه منحوتات صنمية التصقت بمقاعدها رغم انتهاء مدة الصلاحية، مترددة في المشاركة إن لخوضها شراءً او بيعها إستنكافآ..
وإذ يُشار في التقليد الانكليزي “دار سوثبي” Sotheby’s (مثالآ) إلى انتهاء المزاد بنهاية لهب الشمعة، فإن الخامس عشر من ايار سيطفئ لهيب السنوات الاربع، على توقع مؤكد ان قطرات الغضب الشعبي ستكون سيولآ جارفةً من بالحسبان ومن لم يُحتسب، ضعف قدرة نوائب الامة على لملمة بعض ذيول خيبة على الاقل..!

يبدو ايضآ ان الاصرار العلني من اهل المنظومة السلطوية على ضرورة اجرائها “الانتخابات” كما استنكار ارجائها، تصريحات بمناسبة او دونها. إعتلاء منابر شتى نوعآ من “البروباغندا” المصطنعة لا بل الكاذبة، سيما مع اعتماد عبارة “الا اذا وقع حادث جلل”، استلحاق تشكيك، إضمار تمني، وتظهير حكمة غير معهودة. انعكاس رهان على وضع امني قابل للتفجير في اية لحظة، رغم ضمانات الامن الوقائي تتلمسه اجهزة الاستعلام في الجيش والقوى الامنية الرديفة، كشف عميم غشاوة اعتام فكري مذهبي وايديولوجي إرهابي الحاصل، استدراج شبان الى متاهات داعش واخواتها على خلفية فقر مدقع وبطالة سادت..!
كما يبدو ايضآ وايضآ، ان رؤساء الاحزاب والتيارات بالتضامن مع اصناف زعماء قبائل وعرابي مذاهب ما فتئوا يعيشون راحة سببها اللا إدراك او التجاهل، لكنهم سَلَموا خجلآ واستسلموا واقعآ لفرضية خفض عدد المقاعد من حصصهم رضوخآ، سواءً من باب مرغمآ اخاك لا بطل او من نافذة ما كان بالامكان اكثر مما كان..!
تاليآ؛ في التغيير فرصة سانحة، لم يعد من الصواب اهدارها؛ لكن الخشية تكمن في جائحة غباء لا لقاح له، من علاماته والصفات ضعف في الذكاء او التعلم أكانت الاسباب فطرية بالولادة او مكتسبة مفتعلة بالممارسة. قد يسود الحمق بعض عامة مع عجز او تجاهل فهمٍ استساغة دولار تعملق ف أفقر. رغم تكرار التجارب الانتخابية، ما كانت نتائجها سوى نفسها ثبوت عقم واستشراء فساد؛ ردود فعل خاطئة على تفشي اورام اوليغارشية غير حميدة..!
اما الطامة الكبرى، فإن سقط الاذكياء في ثقبه “الغباء”، خطأ خروج عن مسار الافكار والمعتقدات الثابتة (derailed by strong opinions or rigid beliefs)، انحراف نحو التأكد (confirmation bias) من معطيات، فتجميع معلومات وادلة لا حاجة لها او حجة فيها عوض استخدام مفترض للعقل والذكاء..!
اذ ان المأساة واضحة جلية، ترويكا حكم وحكومات ومجالس توالت، انتجتها ظروف حرب اهلية، امتهنت فسادآ، لم تألو جهدآ في هدم مقومات الوطن، لم تخشَّ سطوآ على اموال الناس وعاقبة الليالي؛ ثابتها الوحيد وصولها الى خط النهاية بعدما بلغ الغباء السياسي مداه والانحطاط منتهاه؛ اصرار على اذلال ضمن نظرية الترويض Taming Theory عبر اخضاع او ضبط سلوك.. والطوابير شواهد على ما لم يشهده اهل البلد قبلآ..!

من جهة اخرى؛ اذا كان “الارباك طريق السيطرة” القسرية فهو ايضآ مقياس مدى صعوبة معضلة التنبوء، وقد يكون في حالات معينة استراتيجية محفوفة بالمخاطر كفرض العزلة، الترهيب والابتزاز او زعزعة الاستقرار..! الكل ألآن على ضفة النهر منتظرآ لوائح الشطب وقراءة ما خبأته الصناديق كما اعلان نتائج التصويت.. كذلك على الشاطيء الجنوبي الافرقاء جلوسآ على طاولة ترسيم الحدود برية كانت ام بحرية، ارتباك هشاشة قرار وضعف التزام. الرسم بقلم الرصاص والممحاة لا غنى عنها، خشية غاز قابل للانفجار في الباطن قبل المنصات ومناقصات الشركات المعلقة شواهد..!
اما المسطرة فمن نوع “هز العصا لمن عصى” حينآ إن احتاج.. وفي يمنى الوسيط صاحب الضحكة العريضة Amos Hochstein تنزلق بين اصابعه على الخطوط المرقمة ونقاط التثبيت “الجودزية” صعودا او نزولا وفق ارادته، تاركآ ليسراه محبرة البصم..!

اخيرآ؛ الانتهاء او ازاحة اسياد الباطنية وشخصيات العدمية Nihilism بات جوهر القضية ودرب الخلاص؛ اثبتت الحقيقة إزدراءً، ينكرون ويمكرون، كيانات فاعلة مصلحيآ قاصرة اخلاقيآ مرتهنة وطنيآ.. إفضاء الى اللاشيء، لا وجود لهم او معنى وهدف..
لا آخرآ؛ اذا كانت القيم الانسانية فلسفة حياتنا، فلا ضرورة لطرح الاسئلة الوجودية.. في رحلة ذنوبهم الصراع مع من تعسفوا وأساءوا، في جوهره المرام المختصر العدالة الاجتماعية والعيش الكريم..! على امل ان تعود ليالينا رضا احلامنا وتبقى ايامنا وسع الفضا..!
هو لبنان الوطن الفَرَح، الارض الجنا والشعب الهنا…

بيروت في 22.02.2022