كُتَّاب عاشوا حريتهم الخيالية وكتبوها داخل زنازينهم

 

“الدنيا نيوز” – دانيا يوسف

يُعد السجن تجربة سيئة ومدمرة للحالة النفسية عند فقدان الحرية. هنا لا نقصد المجرمين والقتلة بل أولئك الذي أُودعوا في السجون لأسباب سياسية أو فكرية.
بعض هؤلاء، لم يتركوا تجربة السجن تقضي على حياتهم؛ بل استفادوا منها وألفوا أعمالاً خالدة ما زالت حاضرة بيننا حتى الآن.
وهنا نقدم لكم قائمة بأشهر الكتب التي ألفها أصحابها داخل السجون.
1- الكتاب “A Hymn To The Pillory”للمؤلف دانييل ديفو:
أمضى الكاتب الإنكليزي دانييل ديفو الكثير من سنوات حياته صحفيّا وناشطا سياسيّا أواخر القرن السابع عشر في أثناء الثورة البريطانية عام 1688.
ووقف ديفو مع الثورة البروتستانتية، ودعا حزب المحافظين حينها وبصورة ساخرة إلى قتل البروتستانت عوضا عن تعذيبهم. وفي عام 1703، تم اعتقاله بتهمة التحريض على القتل، وحُكم عليه بالتكبيل على أداة التعذيب الخشبية 3 مرات أمام العامة، إضافة إلى غرامة مالية.
وفي أثناء إحدى المرات التي خرج فيها مكبلاً للعامة، ألقى قصيدته الطويلة A Hymn To The Pillory، والتي ألفها في السجن، وعوضا عن رميه بالفاكهة الفاسدة وقطع أذنيه، تم تزيين أداة التعذيب بالأزهار؛ لشدة ما كانت قصيدته مؤثرة.
2- الكتاب: “عصر المنطق” للمؤلف توماس بين:
يعد توماس من بين أكثر الشخصيات إثارة للجدل، فهو صحفي وناشط سياسي، ولعب دورا لتحريض الأمريكيين على الثورة ضد الاستعمار البريطاني.
وإثر التهديدات التي تلقاها، فرّ إلى فرنسا، وساهم في دعم الثورة الفرنسية، ونتيجة الخلاف السياسي، وُضع في السجن، وهناك تابَع كتابة عمله الأخير “عصر المنطق”، وفيه يتحدى السلطة الدينية ومفهوم الألوهية.
عاد بين إلى أمريكا بدعوة من الرئيس الأمريكي توماس جيفرسون، بعد أن استطاع النجاة من حكم الإعدام، وهناك أبصر عمله النور.
3- الكتاب: “120 يومًا في سدوم” للمؤلف الماركيز دي ساد:
يعد هذا النبيل الفرنسي من أكثر الكتّاب شهرة بسبب سمعته السيئة؛ إذ كتب روايته الأشد فحشا في تاريخ الأدب المعنونة بـ”120 يومًا في سدوم” على لفافة ورقية بطول 40 قدما، وذلك حين كان مسجونا بالباستيل، عام 1785.
وحين تم اقتحام الباستيل لاحقا، ضاع مخطوط العمل، وبقي طوال حياته بعد ذلك حزينا على ضياعه حتى وفاته عام 1814، إلا أن المخطوطة وُجدت لاحقا ونشرت عام 1905، وتعتبر الرواية من أشدّ الروايات التي تمثل السادية الجنسية في تاريخ الأدب.

4- الكتاب: “اكتشاف الهند” للمؤلف جواهر لال نهرو:
تحت إشراف غاندي، تحول جواهر لال نهرو إلى قائد حركة استقلال الهند من الاحتلال البريطاني.
لكن وفي أثناء سنوات السعي إلى الاستقلال، تم اقتياد نهرو إلى السجن بسبب نشاطه السياسي، وهناك كتب “اكتشاف الهند”، الذي نقرأ فيه عن تاريخ الهند وثقافتها وفلسفتها. وعقب خروجه من السجن، عمل رئيسًا لوزراء الهند حتى وفاته، وبقي كتابه من أكثر الكتب شعبية في الهند وتعريفًا بها وبحضارتها.
5- الكتاب: “مـقـدمة إلى فلـسفة الرياضيات” للمؤلف برتراند راسل:
وُضع راسل في السجن بسبب معارضته للحرب العالمية الأولى، حيث قضى 6 أشهر هناك، ألف فيها كتابه “مقدمة إلى فلسفة الرياضيات”.
ويقول عن تجربته في السجن: “وجدت السجن ممتعا من عدة نواحٍ، لم يكن لدي التزامات، لا صعوبة في اتخاذ القرارات، ولا أحد قاطعني في أثناء عملي”.
كان راسل ناشطًا بارزًا في مناهضة الحرب وأحد أنصار التجارة الحرة ومناهضة الإمبريالية. سجن بسبب نشاطه الداعي للسلام خلال الحرب العالمية الأولى. قام بحملات ضد أدولف هتلر وانتقد الشمولية الستالينية وهاجم تورط الولايات المتحدة في حرب فيتنام.
ورغم مرور عقود على وفاته (1970)، ما زال راسل حتى الآن يُعد من دعائم الفلسفة المعاصرة في القرن العشرين، وقد نال جائزة نوبل للآداب عام 1950؛ تقديرا لأعماله الرائدة في العلوم الإنسانية ودعوته لحرية التعبير.
6- الكتاب: “دون كيخوته” للمؤلف ميغيل دي سيرفانتس:
العمل الأشهر في تاريخ الرواية، كتبه الإسباني سيرفانتس في أثناء مدة سجنه بسبب تقصيره في دفع ديونه، إلا أن سجنه لم يمنعه من كتابة الرواية التي تعد الأولى من نوعها في تاريخ الآداب الأوروبيّة.
وما يثير المفارقة، أن سيرفانتس عمل جامع ضرائب وديون للمملكة.
7- الكتاب: “الطريق الطويل إلى الحريّة” للمؤلف نيلسون مانديلا:
أُطلق سراح مانديلا عام 1990 بعد 27 عاما قضاها في السجن؛ إذ تم اعتباره إرهابيًا وسُجن بسبب هذه التهمة، رغم أنه يُعتبر من المعادين للفصل العنصري في جنوب إفريقيا.
وفي عام 1993، نال جائزة نوبل للسلام؛ لوقوفه بوجه الإبادة الجماعية والسعي لتحقيق الديمقراطية في جنوب إفريقيا. وتعد سيرته الذاتية “الطريق إلى الحرية”، التي كتب أغلب أجزائها في السجن، عملاً فريدًا في السياسة والمعاناة بالسجن، وما زالت سيرته إلى الآن ملهمة للكثير من المدافعين عن الحرية والمناضلين ضد التمييز العنصري.
8- الكتاب: “رحلات ماركو بولو” للمؤلف ماركو بولو:
قد يبدو عنوان الكتاب مثيرًا للمفارقة حين نعلم أن الرحالة الشهير كتب عن رحلاته حين كان سجينًا، لا في أثناء تنقلاته الواسعة، فحين عاد إلى إيطاليا بعد 15 عامًا من الترحال، وجد أن هناك حربًا بين فينيسيا وجنوا.
ولأن بولو من فينيسيا، قُبض عليه وأُلقي في السجن، وحينها، قرر كتابة رحلاته وتدوينها، وكان يملي وصفًا مفصلاً لأسفاره لزميله السجين، رستيشيللو دا بيزا، الذي أدرج حكايات من بلده، وكذلك جمع الحكايات وغيرها من الشؤون الجارية من الصين، ورغم أهمية ما دوَّنه ماركو بولو، فإنه يواجَه بالكثير من الانتقاد، إثر اعتماده على مخيلته وذاكرته في كثير من الأحيان.
سرعان ما انتشر الكتاب في أوروبا في صورة مخطوطة وصار معروفًا باسم رحلات ماركو بولو، ويصور الكتاب رحلات بولو في مختلف أنحاء آسيا، معطيًا للأوروبيين أول نظرة شاملة في أساليب العمل الداخلية لدول الشرق الأقصى، بما في ذلك الصين والهند، واليابان.
9- الكتاب: “هروبي إلى الحرية” للمؤلف علي عزت بيغوفيتش:
يتناول كتاب “هروبي إلى الحرية” كتابات علي عزت بيغوفيتش عندما كان يقبع في سجن فوتشا في الفترة ما بين (1983 – 1988)، وما تعرض له في عهد تيتو، حيث مكث في سجنه أعواما طويلة، وكان فيها يخلد إلى أفكاره ويناجي خواطره ويسجلها في ظروف صعبة، ثم جمعها في كتابه “هروبي إلى الحرية”، الذي يعبر فيه عن طموحاته وآماله بطريقة لا تدخل في عمق الأحداث الجارية، ويفصح فيها عن تطلعات شعب البوشناق المسلم وشعوب البوسنة الأخرى، جمع علي عزت في كتابه خلاصة الخلاصات لكل ما يجب التفكير فيه أو يستحيل أن يفكر فيه، يتضمن الكتاب حشدًا كبيرًا من الأفكار والتأملات والاعتقادات في موضوعات منفصلة، تحدث عن أن الأدب هو الحرية، وعن الحياة والناس والحرية، وعن الدين والأخلاق.