كيف تشتم ب ” أدب “؟ مقال قد يُعتمَد كوصفات جاهزة لبعض السياسيين في لبنان

بقلم : توفيق شومان


بعدما غدا الذم والشتم ، والسب و الهجاء ، ميزة أغلب أهل السياسة والإعلام في العالم العربي ، رجعتُ إلى أصول ” الأدب العربي “ـ لاحظوا : “الأدب العربي” ـ ، مستعيدا وقائع هجاء وذم وشتم جرت بين أعلام “الأدباء والمتأدبين ” من أجدادنا وأسلافنا ، لعل أهل السياسة و الصحافة ورواد الإعلام الإجتماعي في عصرنا وأمصارنا وأقطارنا ، يعودون إلى ” آداب الأمة المجيدة ” و يقتبسون من ” تراث” أشعارها وسبابها وهجائها ، فيكونون “خير خلف لخير سلف” .
ـ إذا أراد سياسي أو إعلامي أن يصف خصمه بالخفة وقلة العقل ، فليقل له : أبو العتاهية : أبو الجنون .
ـ وإذا كان الخصم ذا كرش يقال له : أكثم : كبير البطن .
ـ إذا كانت عيون الخصم صغيرة يقال له : الأحوص .
ـ وإذا كان شحيح البصر يقال له : الأعشى .
ـ إذا كان الخصم طويل الأذنين يقال له : الأخطل ـ أو أبو الخطل الذي يكثر من الكلام الفاسد .
ـ إذا كان الخصم صغير الأذن : يقال له الأصمع .
ـ إذا كان قصيرا يقال له : البحتري .
ـ إذا كان قصيرا وبشعا يقال له : حُطيئة .
ـ إذا كان فتيا وتتهمه بعدم الخبرة يقال له : سُليك ـ فرخ البط .
ـ إذا كان خطاب الخصم سطحيا يقال له : مهلهل ـ أي النسج السريع والإرتجال بدون تنقيح .
ـ إذا سطا على مفردات غيره يقال له : عامر ـ الضبع الصغير .
ـ إذا كان كبيرا في العمر يقال له : حوقل .
ـ إذا استعرض قواه وعضلاته يقال له : عنترة ـ أي ذبابة .
ـ إذا كان كثير اللحم على الخدين والوجه يقال له : كلثوم .
ـ إذا كان ثقيل الحركة أو ثقيل اللسان يقال له : لبيد ـ أي الذي لا يتحرك من مكانه .
ـ إذا كان قصيرا ويرتكب أخطاء كثيرة يقال له : هبنقة ـ أي قصير وأحمق .
ـ إذا كان كثير الكلام يقال له : همذاني .
أيها ” الرجل السياسي الحليم “و ” المحلل السياسي الحكيم” و “الناشط العليم” في وسائل التواصل الإجتماعي :
ـ إذا أردت وصف الخصم بالحيونة قل له : عيدشون ـ دابة .
ـ إذا أردت تأنيث الخصم ووصفه بالمرأة قل له : حيزبون ـ المرأة الدميمة والطاعنة في السن .
وإذا استنفد أهل السياسة والمقام والمحللون الكرام ما لديهم من سباب وشتائم ، فهذه دفعة ثانية من الراجمات الصوارم :
ـ إذا كان خصمك قصير القامة قل له : جزولق .
ـ إذا كان خصمك ذا رأس كبير مما يدل على عاهة ، قل له يا : قندويل : كبير الرأس او ضخم الرأس .
ـ إذا كان صوت خصمك جهوريا وضخما ، قل له يا : جلنبلق ـ صوت الباب القوي عند إغلاقه وفتحه.
ـ إذا كان خصمك كثير الكلام ولا يدل إلى معنى ، قل له يا: حيثلوط .
ـ إذا قال قولا غير مفهوم ، قل له : الشينقور .
ـ إذا أردت اتهام خصمك بالخرق والحمق ، قل له يا : عفنجج .
ـ إذا أردت اتهام خصمك باللؤم والقبح ، قل له يا: جُعسوس .
ـ إذا كان قصير القامة وضخما ، قل له يا : كردوم .
ـ إذا كان بطيء الكلام ، قل له : بسبس ـ أي اسرع .
ـ إذا كان غير أنيق ولا يهتم بمظهره ،قل له يا أبو شعافيل ـ شعر الرأس المرسل بدون ترتيب.
ـ إذا أردت الإستخفاف بحسبه ونسبه ، قل له : لكع بن لكع .
ـ إذا كانت بطن خصمك مسترسلة أمامه ، قل له : يا وخواخ .
ـ إذا كان خصمك غليظا وقصيرا ، قل له : يا فرزدق ـ ربما يظن أنك تمدحه وتشبهه بالشاعر المعروف فتضحك على غبائه وبذلك تناله مرتين .
ـ إذا كان خصمك صاحب شفة متدلية فقل له : يا أبو الشنفرة .
ـ إذا تكلم بغضب واتسعت عيناه فقل له يا : أدعج .
ـ إذا حاول خصمك التفلسف عليك فإقصفه بهذه الأبيات الشعرية :
تدفـق في البـطـحـاء بعد تبهطـل
وقعقـع في البيـداء غيـر مزركـل
وســار بأركـان العقيـش مقـرنصـا
وهـام بكـل القارطـات بشنكــل
فيـا أيها البغـقـوش لسـت بقاعــد
ولا أنـت في كـل البحيـص بطنبـلِ
طبعا هذه الأبيات لا تعني شيئا ، ولكن حين تقولها يا أيها ” السياسي المصون ” أو المحلل الميمون ” أو ” الناشط الحفصون ” ، فسيظن السامعون انك تتفلسف وأنك من أحفاد أرسطو أو من أحفاد سقراط. .
إذا كان خصمك من النساء فيقال له :
ـ قفنزعة : المرأة القصيرة جدا .
ـ دعشوقة : المرأة القصيرة .
ـ إذا أردت إهانة إمرأة وهي خصمك السياسي فقل لها يا : آنسة ـ والآنسة في معاجم اللغة لا تعني ـ حصرا ـ المرأة غير المتزوجة كما يظن أهل العامة والأميون ، بل تعني : المعابثة من دون زواج .
وإذا فرغت نبال الشتائم وسهام السباب ، فهذه قاذفات لا تعرف الحلال والحرام :
ـ إذا أراد خصمك السياسي أن يتعنتر ويتعاظم عليك ويصف حزبك أو مناصريك بالقلة والصغر ، قل له ما قاله واحد من ” عظمائنا ” ، الشاعر جرير :
ولو ان تغلب جمعت أحسابها / يوم التفاضل لم تزن مثقالا.
وليس أمام “السياسي البليغ” “أو “الإعلامي الفصيح” ، سوى استبدال آل تغلب بآل خصمه السياسي أو الإعلامي او الناشط الإجتماعي .
ـ أما إذا أراد “السياسي الرصين” أو ” المحلل الرزين” وصف خصمه بالفاحشة والعربدة والمجون ، فما عليه سوى أن يقطب حاجبيه ويجحظ عينيه ويصرخ رافعا يديه ويقول هذا البيت من الشعر العائد لكبير شعرائنا وأعلامنا ، العلامة الفهامة الشاعر جرير ، فيقول :
نبئت تغلب ينكحون رجالهم / وترى نساؤهم الحرام حلالا.
– وإذا أراد هجاء بنات خصمه وتشويه سمعتهن وإبقاءهن عانسات غير متزوجات ، فليستغل ظهوره على وسيلة إعلامية متلفزة ، ويتلبس لبوس الأخلاق والحشمة ويطلق العنان لكل ثأر ونقمة ، وينصح الأقربين والأبعدين بعدم الزواج من بنات خصمه وقريباتهن إلى الفرع الخامس بعد الألف ، فيقول :
لا تطلبن خؤولة من تغلب/ فالزنج أكرم منهم أخوالا.
أيضا هنا ، على “السياسي الوقور” أو “الإعلامي الخلوق ” أن يحذف كنية تغلب وإسقاط كنية أو عائلة خصمه مكانها.
ـ وإذا أراد شتم خصمه وتعميم الشتيمة إلى جذر العائلة لتطال الوالدة فيقول كما قال شاعرنا الخالد المخلد ، الأخطل :
قوم إذا استنبح الأضياف كلبهم / قالوا لأمهم بولي على النار
فتمسك البول شحا لا تجود به / ولا تبول لهم إلا بمقدار.
ـ وإذا أراد أن يمعن أكثر في شتم والدة الخصم ، بإمكانه أن يقول ما قاله تاج الشعراء العرب وكبير كبارنا المتنبي العظيم :
وما عليك من العار أن أمك قحبة
وما يشق على الكلب أن يكون ابن كلبة.
ـ وإذا أراد “السياسي العظيم” أو “الإعلامي الرفيع ” أن ينال من إنسانية خصمه ، فليقل له :
ولقد قتلتك بالهجاء فلم تمت / إن الكلاب طويلة الأعمار.
ـ أما إذا أراد وصف اعوجاج أو عورة في الخصم ، كأن يكون أنف الخصم كبيرا ، فليقل ما قاله إبن الرومي :
لك أنف يا ابن حرب /أنفت منه الأنوف
أنت في القدس تصلي / وهو في البيت يطوف.
ـ وبإمكان ” المحلل المهذب ” أو ” الناشط المؤدب ” أن يشتم والد خصمه ، وحينئذ يقول :
إنا لنضرب رأس كل قبيلةٍ / وأبـوك خـلف حماره يــتـقمــلُ .
ـ وإذا استشعر “السياسي المبجل” أو “الإعلامي الموقر” او “الناشط المكرم “، أن خصمه أكثر غباء وجهلا منه ، فبإستطاعته الإستعانة بشعر أجدادنا في الجاهلية ، من مثل الجليل والوقور عمرو بن كلثوم ، إذ يقول :
ألا لا يجهلنً أحد علينا / فنجهل فوق جهل الجاهلينا.
هذا غيض من فيض “الشتائم المؤدبة ” من كنوز أدبنا العظيم.