كن بطلاً من المنزل مع ركوب الدراجات الافتراضي التنافسي

 

 

“الدنيا نيوز” – دانيا يوسف*

في وقت لاحق من هذا الشهر (كانون الثاني\يناير 2022)، ستقوم ميغان إيسلر بتركيب مروحة مؤطرة في النافذة، وذلك حتى تضخ هواء فبراير/ شباط البارد إلى شقتها في مدينة دي موان بولاية آيوا. كما ستقوم بحشو أكياس باردة -وهي عبارة عن سراويل ضيقة مليئة بمكعبات الثلج- ضمن ملابس ركوب الدراجات الخاصة بها.
وبعد ذلك، ستبدأ بتحريك الدواسات بسرعة جنونية .
ستشارك إيسلر في منافسة مع العشرات من راكبي الدراجات الإلكترونيين من جميع أنحاء العالم في بطولات الرياضة الإلكترونية للاتحاد العالمي لركوب الدراجات في 25 فبراير/ شباط 2022. وستكون هذه المنافسة الثانية على الإطلاق –أقيمت الأولى في 2020- التي ستحدث بالكامل ضمن بيئة شبيهة بألعاب الفيديو، بتصميم مستقبلي لمنطقة مانهاتن، وذلك على منصة ركوب الدراجات الإلكترونية زويفت. سينضم 100 راكب دراجات و100 راكبة دراجات إلى السباقات عن بعد، حيث سيتحركون بأقصى سرعة على دراجاتهم الثابتة، فيما شخصياتهم الإلكترونية تتبع منعطفات والتفافات المسار المصمم خصيصاً على الشاشة.
تُعتبر إيسلر، وهي تعمل كفنية مخبرية، من أفضل الدراجين الإلكترونيين في أميركا، وقد تأهلت مؤخراً على الإنترنت للمشاركة في فريق الولايات المتحدة للبطولة العالمية لركوب الدراجات. ولم تقرر بعد ما إذا كانت ستدعو أياً من أصدقائها أو أفراد عائلتها لتشجيعها خلال السباق.

وتقول: “قد أخوض السباق وحيدة في الشقة، وأضع كامل قوتي وتركيزي في السباق”.
الحجر المنزلي وقيود السفر عززا شعبية ركوب الدراجات الإلكتروني
أدت إجراءات الحجر وقيود السفر إلى تعزيز شعبية ركوب الدراجات الإلكتروني خلال الوباء، وقد أبلغت منصات اللياقة البدنية، مثل بيلوتون وواهو، عن زيادة كبيرة في أعداد المستخدمين، شأنها شأن زويفت. وعلى الرغم من أن الشركة لم تفصح عن عدد المستخدمين الحالي لديها، فإنها تقول إنها أحصت إجمالاً نحو 4 ملايين عملية تفعيل لحسابات جديدة. ووفقاً للشركة، فإن قاعدة مستخدميها تضخمت إلى أكثر من الضعف في السنة الماضية.
وفي المحصلة، يأمل مؤسسو زويفت بأن هذا الشكل الجديد من ركوب الدراجات التنافسي سيظهر يوماً ما في الألعاب الأولمبية، وهو ما يمكن أن يحدث في حال وجود دعم من الهيئة الأولمبية المعنية بالموضوع، أي الاتحاد العالمي لركوب الدراجات “UCI”. وتوجد بعض المؤشرات على إمكانية تحقق هذا الأمر، ففي يونيو/ حزيران الماضي، ظهرت زويفت لأول مرة في حدث جديد يحمل اسم السلسلة الأولمبية الافتراضية، وهو حدث نظمته اللجنة الأولمبية الدولية. أحد الفروق بين ركوب الدراجات الإلكتروني وغيره من الأحداث الرياضية المخصصة للنخبة على مسارات السباق، هو أن المشاركة فيه أمر سهل نسبياً، ومتاح للجميع.
يقول مدير الاستراتيجية في زويفت، شون باري: “يمكن لأي شخص في أي مكان في العالم، ومن داخل منزله، المشاركة في عملية التأهل”.
تجاوز المراتب
هكذا تمكنت إيسلر من التأهل، وكانت قد أخفقت في التأهل خلال جولة التأهل المفتوحة للمستخدمين عبر الأميركيتين، ولكنها تمكنت من التأهل للمشاركة في الفريق الوطني الأميركي عبر عملية تأهل منفصلة. إنها ليست مبتدئة، فقد سبق لها أن شاركت في سباقات التحمل الثلاثية عندما كانت طالبة، ولكن السباقات الافتراضية ليست أقل تشويقاً من المنافسات في الهواء الطلق. تقول إيسلر: “هذه المنافسات تجعل الأدرينالين ينتشر في عروقك، وذلك لإدراكك بأنك في مواجهة أشخاص حقيقيين وأشداء”.
ستلتقي إيسلر وزملاؤها جميعاً في البطولات العالمية نفس المدرب الذكي، وهو عبارة عن جهاز يحل محل العجلة الخلفية في الدراجة الثابتة، بحيث يستطيعون التنافس بشكل متكافئ. ويقوم المدرب الذكي تلقائياً بزيادة أو إنقاص مستوى المقاومة، وذلك للتوافق مع بنية سطح الطريق الافتراضي على مسار زويفت. ومن الممكن حتى محاكاة عملية المرور فوق الحصى والأحجار.
تلعب البيانات دوراً كبيراً في المنصات مثل زويفت، حيث يميل الدراجون إلى مراقبة أدائهم باستمرار. وتعرض الشاشة خلال السباق العديد من المؤشرات بشكل متواصل، مثل معدل نبض القلب، والسرعة، وخرج الطاقة مقيساً بالواط، وغيرها من الأرقام. يستطيع المعلقون رؤية بعض هذه المؤشرات بشكل مباشر، وذلك حتى يبينوا للمشاهدين مدى الجهد الذي يبذله المتسابقون.
وعلى سبيل المثال، تدرك إيسلر أنها تحتاج إلى أن تحافظ على معدل نبض القلب (مقيساً بعدد النبضات في الدقيقة) تحت حد معين لتفادي الانهيار. وتقول: “أستطيع أن أستعيد قواي إذا وصل معدل النبض إلى 185 نبضة، ولكن إذا وصل إلى 195، فلن أتمكن من ذلك”. وبمتابعة الأرقام المعروضة على الشاشة، تستطيع إيسلر الوصول إلى حدودها القصوى دون تجاوزها، وهو أمر تقول إنها أصبحت أكثر براعة فيه مع مرور الوقت.
الغش مرفوض
أيضاً، تسمح بيانات الزمن الحقيقي حول أداء كل دراج لزويفت ومسؤولي “UCI” بكشف أي عمليات غش ممكنة في البطولات، وقد يستخدم المتنافسون الغشاشون العديد من الحيل، بدءاً من الكذب حول وزنهم –وهو ما يعطيهم دفعة إضافية من حيث الطاقة- وصولاً إلى محاولة خداع اللعبة.
في 2019، حظرت زويفت أحد مستخدميها مؤقتاً بعد استخدامه برنامجاً حاسوبياً للوصول إلى دراجة افتراضية أكثر قوة والمشاركة بها في السباقات. في البطولات العالمية، سيُراقب خرج الطاقة لدى المتسابقين عبر أجهزة المدرب الذكي وجهاز منفصل آخر، وهو مقياس طاقة مدمج ضمن دواسات الدراجة. وهكذا، سيكون من السهل كشف أي تناقضات، كما أن أداء المتسابقين يجب أن يكون متوافقاً مع البيانات المسجلة في السباقات السابقة التي شاركوا فيها، سواء أكانت افتراضية أم حقيقية.
يقول الناطق باسم زويفت كريس سنوك: “لدينا استيعاب فائق الدقة لقدراتهم البدنية، وعند تجاوز هذا النطاق، سنكتشف الأمر على الفور”.
أيضاً، ستقوم وكالة الاختبارات الدولية، والتي تشرف على البرامج المضادة للمنشطات في الألعاب الأولمبية، بإجراء اختبارات على الدراجين خلال البطولة.
يمثل كل ما سبق مستوى عالياً من التدقيق والمراقبة، كما يقول فريدريك بروشيه، المدير التقني في اتحاد الدراجات البلجيكي، والذي يشرف على فرق ركوب الدراجات التقليدية في البلاد. وقد قام مع زملائه مؤخراً باختيار المتسابقين لتمثيل بلجيكا في بطولات العالم لركوب الدراجات الإلكتروني بعد تلقي نحو 50 طلباً من كافة أنحاء البلاد.
منافسة بين المنصات
ومن بين هذه الطلبات، توجد نسبة تساوي النصف تقريباً من الدراجين الذين يفضلون استخدام زويفت على أنماط ركوب الدراجات الأخرى، ويضيف إنها تحولت بسرعة إلى رياضة “اختصاصية”. ولكن المتفوقين على زويفت لا يمتلكون بالضرورة خبرة كبيرة في ركوب الدراجات التقليدي في الهواء الطلق، كما قد لا يكونون قادرين على المنافسة في هذا المجال، فبعضهم، على سبيل المثال، لا يعرف كيف يطوي ذراعيه إلى الداخل، أو ينحني بطريقة صحيحة إلى الأمام، أو يتخذ وضعية عامة مناسبة للجسم للتقليل من مقاومة الهواء.
يقول بروشيه: “لن تتعرض لمقاومة الرياح على الدراجة الثابتة، ولهذا فإن وضعيتك غير هامة على الإطلاق، أما على الطريق، فإنها مهمة للغاية”.
وعند اختيار أعضاء الفريق، فإن تقييم بروشيه لا يقتصر فقط على أدائهم الإجمالي وفق مؤشرات زويفت، بل يعتمد أيضاً، بطبيعة الحال، على مقاربة تكتيكية، فهو قادر على دراسة أداء الدراجين ومؤشراتهم السابقة، ويرغب طبعاً باختيار متنافسين تشير خبرتهم على المنصة إلى أنهم سيتعاملون مع المسار بشكل جيد.
ستُجرى البطولات العالمية لهذه السنة في نيكربوكر، وهو أحد مسارات زويفت التخيلية الجديدة في نيويورك. ويمثل هذا المسار رؤية جديدة للمدينة بعد 100 سنة من الآن، مع دروب دراجات مصنوعة من الزجاج ومرفوعة في الهواء بين ناطحات السحاب. ويجب على المتنافسين قطع دورتين للمسار، وهو ما يكافئ مسافة أقل بقليل من 55 كيلومتراً من ركوب الدراجات في الهواء الطلق.
ماريو كارت وبيلوتون
يقول باري: “هناك فرص يمكن استغلالها في كل مكان”، ويضيف أن زويفت تركز أيضاً، وبشكل كبير، على تصميم السباقات لتحقيق قيمة ترفيهية كبيرة أيضاً، وسيتمكن المشاهدون من مشاهدة مجموعة الدراجين الافتراضيين وهي تنطلق بسرعة على المسار، كما سيتمكنون أيضاً بين الحين والآخر من مشاهدة بث حي للوجوه الفعلية للمتسابقين من غرفة الجلوس أو مركز التدريب، حيث يركبون الدراجة الثابتة.
كما سيرتفع مستوى التشويق بفضل احتمال آخر. ففي زويفت، وعلى عكس سباقات الدراجات التقليدية، يستطيع المتسابقون تحسين أدائهم لفترة وجيزة بفضل عناصر تقوية -بشكل مشابه لألعاب الفيديو- مثل تحسين في مزايا الديناميكا الهوائية لمدة 15 ثانية، أو زيادة للوزن الافتراضي لمدة 30 ثانية بحيث تستطيع الشخصية الإلكترونية أن تقطع المنحدر نحو الأسفل بسرعة أكبر. ومن بين الميزات التي تعمل زويفت حالياً على تطويرها “خلايا التعزيز” التي ستعطي زيادة في القدرة لفترة قصيرة من الوقت، إنها أشبه بمزيج من منصة بيلوتون ولعبة ماريو كارت.
وعلى الرغم من كل ما سبق، إضافة إلى التصميم المبهرج لمسار السباق، فإن زويفت تأمل بالحفاظ على درجة واقعية من تصميم المنطقة كمسار للسباق، وعلى سبيل المثال، ليس هناك مسارات بانحدار يزيد على 20% .
ومع تزايد شعبية هذه الرياضة، بدأ مدربو رياضة ركوب الدراجات العادية، وعلى نحو متزايد، باستخدام ركوب الدراجات الإلكتروني ضمن برامجهم التدريبية، كما وجدوا أن بعض العملاء يرغبون بالاستعداد للسباقات الافتراضية، إضافة إلى السباقات الحقيقية في الهواء الطلق.
يعمل ريك ستيرن كمدرب ركوب دراجات قرب برايتون في جنوب بريطانيا، وقد شارك في سباقات الدراجات في كل سنة منذ 1984، كما بدأ التدريب الاحترافي منذ عام 1998، ويقول إن منصات ركوب الدراجات الإلكتروني وأنظمة محاكاة ركوب الدراجات، مثل “RGT Cycling”، تجعل ركوب الدراجات في المنزل أكثر تسلية من ذي قبل.
سلبيات على زويفت التعامل معها
ولكن راكبي الدراجات على المسارات الحقيقية في الهواء الطلق بحاجة إلى تطوير نوع معين من الشجاعة في التعامل مع الزوايا بسرعة، أو التسابق على مسافة قريبة من دراجين آخرين ضمن مجموعة، وهو أمر يمكن أن يضغط على الأعصاب بشدة. ويقول إن زويفت لا تساعد المستخدمين على تطوير هذه المهارات.
أما ساندرا بوبيان، وهي راكبة دراجات جبلية ومدربة في رايد أوتاوا في كندا، فتستمتع باستخدام زويفت كأداة لتحسين اللياقة البدنية، ومن السهل عليها وعلى عملائها التركيز على تحسين اللياقة تحديداً، دون أي تشتيت للانتباه بسبب أغصان الشجر أو الصخور المرمية في المكان أو تلة شديدة الانحدار. ولكن، من ناحية أخرى، فإنهم لا يستطيعون الاستمتاع بتجربة توجيه الدراجة على مسارات جبلية متعرجة، وهو أمر لا يمكن الاستمتاع بتجربته سوى بشكل فعلي في الهواء الطلق.
تعمل زويفت حالياً على اختبار التوافقية مع صفيحة التوجيه الذكية إيليت ستيرزو المزودة باتصال بلوتوث، وهي أشبه بقاعدة دوارة توضع تحت العجلة الأمامية للدراجة لالتقاط بيانات التوجيه، ما يسمح للمستخدم بالتحكم بالشخصية الرقمية بدقة أعلى، وتوجيهها بشكل فعلي أثناء السباق. في الوقت الحالي، يتم تقييم المتسابقين في البطولات العالمية وفق السرعة والطاقة، مع تحديد مكان المتسابق ضمن المجموعة آلياً.
وتقول بوبيان إنها تستمتع بالتسابق في سويفت، ولكنها ترغب في رؤية عدد أكبر من النساء على المنصة، بحيث تستطيع الاشتراك في المزيد من السباقات النسائية.
وعلى الرغم من هذا، فإن إيسلر وغيرها من المتسابقات يقفن على قدم المساواة مع الرجال في البطولات العالمية، فهناك نفس الرقم من المتسابقين في سباقات الرجال والنساء، وسيقطعون نفس المسافة على المسار، وسيتلقى الفائزون نفس الجائزة المالية: 8,000 يورو (9,000 دولاراً) للمركز الأول.
تقول إيسلر: “إن مواجهة أفضل المتسابقين الإلكترونيين في العالم، على الأقل في زويفت، أمر مخيف إلى حد ما”، وأضافت أنها سعيدة لأنها تمكنت ببساطة من التأهل. ولكن احتمالات الوصول إلى مستويات جديدة من القوة والعظمة ارتفعت بعض الشيء ولا شك، ولهذا، وكما يقول أي متسابق حقيقي: “إن الحلول ضمن المراتب العشرة الأولى سيكون أمراً رائعاً”.

————————————

*رئيسة القسم الثقافي في “الدنيا نيوز”