وكأن احداً لن يبقى في لبنان..؟!

 

بِقَلَم العميد مُنذِر الايوبي*

انها حروب وهمية طالت مسافاتها الزمنية وتوسعت الابعاد لمدى عقود، “دون كيشوتية”في صفتها على اشتقاق من رائعة الادب العالمي Don Quixote للاسباني Miguel De Cervantes في حبكتها “احمق ظن نفسه عبقريآ نبيلآ فارسآ في مهمة مقدسة”، هي مقارنة براغماتية مؤسفة لجمع سياسي على ندرة قلة خارجه ستسقطه طواحين الحقيقة بعد ان بلغ السيل الزُبى. لطالما لعب افراده وما برحوا في تفاهم ضمني ادوار الفوارس لمعركة سراب لبها استيلاد الخصوم اما “الثعلبة” Vixen ففعل متلازم صفيق وصِفَة موصوفة دائمة في آن..!
بعد كارثة تدمير مرفأ بيروت وبالتزامن مع البحث عن Sherlock Holmes “المحقق الخاص الشهير ذو القدرات المذهلة والسرعة الخيالية في الاستنتاج وكشف الجرائم المستعصية، شخصية خيالية ايضآ ابتدعها الانكليزي Arthur Conan Doyle لروائع قصصه الادبية البوليسية المثيرة،”، توسع المسرح فَضُمَ قيادات من دول المعمورة الى نوائب الداخل، واذ رمت البوارج الحربية مراسيها لتجانب الارصفة وتشهد على هول الجريمة، ارتفعت الاعداد وتنوعت منهم من حزن وتأسف لما رأى وسمع فحاول انقاذآ عسيرآ كالأم الحنون وجيرانها في الاتحاد؛ وآخرين تشاركوا فرحآ متحمسين لقتل وطن أُعِز على حقد معلن دفين واهل نتنياهو مع من صادقهم شواهد ..

كان دؤوبآ من تحكم او هيمن على اعمار الأجيال ومستقبلهم؛ لم يرعوِ جعل ارض الوطن ساحة الصراع اما الضحايا فأهله.! لم تعد الناس قادرة على الصبر وما اًمَرَهُ ان احتوى مع البؤس يأسآ وانعدم الامل. ورغم جماليتها الوجدانية النابعة من وطنية صافية، سقطت عبارة “منرفض نحن نموت ،، ،، قولولن رح نبقى..” من اغنية جوليا بطرس، باتت هذه العبارة في لب المعضلة شعار انكار لا افتخار،
إذ انعكست الآية فالشعب المتألم دون دواء او غذاء يموت مئة مرة كل يوم، أما نزيف الهجرة فمستمر كأن لا احد سيبقى رغم التكتم على الارقام..!
لم تتوقف ممارسات المسؤولين والسياسيين القابضين على اعنة المال والمصير، لا زالوا على سيرتهم الاولى يتبعون فلسفة الاخضاع لا لعدو فقد كرامته وعنجهيته فانسحب، بل لشعب نقي أبي يجهدون لقهره وكسر ارادته، اذ يُذَلُ  بتمادي .. اما الاشقاء فنالهم التعب، هالهم ما ظهر من سلوكيات وتبدى من خصال تمارس، الى حد دفعهم للتخلي عن مروءة هي الخلق الجليل واتصاف النفس بالكمال الانساني هم تاليآ نبعها ومن صفات اهلها منذ الجاهلية..!

استطرادآ؛ لم يعد من داعٍ للشكوى وتعداد المصائب والنكبات؛ طالما انعدمت المعالجات فالكل ادار ظهره للكل، أكان من هذه الملة ام تلك، لا نفع ان انتمى لهذا الحزب او ذاك، سيان ان والى دولة خارجية على هجر الانتماء، وما الولاء الا الاخلاص للوطن في زمن الشدائد والملمات وهو حالنا الحال.
بات الجماعة يحاضرون في “علم المواريث” اي ما يُعنى بتقسيم ورثة الميت وهو اللبنان، بعد ان أخضع لعملية إنعاش فاشلة لانعدام النية في احيائه ام لسوئها، إثر افتقاد القدرة لدى الحكام الاقوياء وما حكموا ثم انقلبوا على كل احتكام..

المأساة رديفة ألأسى، لا سطوة من.! على.! تتساوى قلة الصلاحيات مع فائضها، طالما ان الايادي مشلولة والعقول متحجرة..! في حمأة انحطاط العيش وذل البحث عن الحاجات والاولويات، يخبروك عن سعي لتثبيت هوية الوطن المستقبلية، كيف يكون؟ والاسانيد بعيدة عن علم السياسة مجتزأة من دستور او قوانين.! وفي الصحيح سيطبق المعتاد لا قانون انتخابات سليم، اما النتائج فستكون معلقة على مقصلة التف حبلها على رقاب العباد، جدائل من خوف وجوع وفساد..
انها الدولة الفاشلة فقدت كل حيز حضاري حتى في التحاور مع المجتمع الدولي؛ اضحت موازينها فاقة قحباء عممت البلاء، ازمات جدباء الحلول عقيمة تتناسل من اصطفافات وانتقائيات جعلت المواطنين ارقامآ ونِسَب تقارن مع اعداد نازحين ولاجئين..!

من نافل القول الثابت؛ اننا لم نعد نقارب الارتطام اذ قضي الامر؛ اسودت العروق من غضب لا من ظمأ، ثبت الأجر ونالوا الثواب، قد أدوا الامانة بكفاءة جليَة في خراب البلد وهدمه على رؤوس ساكنيه وما عابوا..! غافلين على عناد وبلادة وجهل او قلة فطنة على غَبوة أنَ أسابيع تفصلنا عن الفوضى العميمة والعصيان المدني على مخافة الصنف المسلح ان اشتدت العاصفة.. واذ تسبق علامة التعجب زميلتها الاستفهام.! لكم ببساطة ان تراقبوا بعض محطات المحروقات حيث صبية وفتيان يشترون البنزين بقناني الليتر ونصف.! أَٰ لبيعها حقآ في السوق السوداء لسائقين استجاروا من الرمضاء بالنار ؟ ام لمآرب اخرى.؟ ان اللبيب من الاشارة يفهم..!

ختامآ؛ قد خلقنا هنا على الارض المقدسة نتمرغ بالتراب العطر، نرضع حليب الكرامة دون فطام وأثداء الامهات الرؤومات صنو الوطن، لكن قدرنا على ما يبدو ان لا نموت هنا؛ بتنا نفتش عن مقبرة تأوينا في البعيد البعيد..!

بيروت في 26.06.2021