عوالمٌ من نار ..

بقلم : فاطمة صالح*

 

يا أيها المَنفيُّ في الضلوعْ..
كيفَ اتجَهْتُ، دائماً، أراكْ..
مِنْ أينَ جاءتْ هذهِ الوجوهْ..؟!
هل كنتُ، أو مازلتُ، في عيونِها مزروعةً..؟!
هل، يا تُرى، استَبَنْتُ من خلالِها..
عينينِ، في أعماقِها تستوطِنُ الآهاتُ والأحلامْ..؟!
هل هذهِ عيناك..؟!
يا أيها المَنفيُّ في الوَريدْ..
يا أيّهذا المُورِقُ الحزينْ..
أحتاجُ أضلُعَكْ..
إذ، طالَما مَزّقَني اغتِرابْ..
وطالَما طِرْتُ معَ السّحابْ..
ودُرْتُ حولَ الأرضِ دَوْرَتَينْ..
انشَطَرْتُ لاثنَتَينْ..
وحِرْتُ، في أيِّ السماواتِ.. وأيِّ الأزرَقِ..
وأيِّ تلكَ الأرضِ، والبِحارْ..
نثَرْتَ في رِحابِها أشلاءَكَ المليون..؟!
فتحتُ ساعِدَيّ..
حضنيَ الحَصينْ..
أرجَحْتُهُ في كلِّ مَيْلٍ..
أزرَعُ الجِهاتَ كلَّها..
لأجمَعَكْ..
بَذَرتُ نفسي في سَحائبِ الجنونْ..
نثرْتُ روحي كالرّذاذِ، والأمطارِ، والإعصارْ..
قَطَّبْتُ..
هِجْتُ..
ماجَتِ البحارْ..
وزَوْبَعَ الإعصارْ..
تجَمّعَتْ أوراقيَ الخضراءُ، والصفراءُ، والحمراءْ..
رأيتُ ذاتي فيكَ، نصفَ عالَمٍ.. يضمُّ نِصفَهُ..
تناثَرَ البَياضُ، والحَنينْ..
أذابَ ثلجَ الكونِ، فوقَ نوميَ الحَرونْ..
فاستيقظَ الجنونْ..
***
يا أيها المَنفيُّ في عَوالِمي..
كيفَ اتّجَهتُ، ساحِراً أراكْ..
وغائماً.. وطالِعاً، كالبَدْرِ، كالجنونِ، كالرياحِ..
كالزوابِعِ الهَوجاءْ..
يا أيها المَجنونْ..
تعالَ..
ضُمَّ عالَمي الحزينَ، والحَرونْ..
غَيمٌ، يضمُّ غيمةً خضراءْ..
زوبَعَةً، في كَفِّها إعصارْ..
يا أيها المَجنونْ..
بي رَغبَةٌ مجنونةٌ إليكْ..
بي عالَمٌ يهفو ليَحتويكْ..
بي طفلةٌ تلهو بساعِدَيكْ..
يا أيّهذا العالَمُ المَجنونْ..
هل لي بإصبَعِكْ..؟!
***

*كاتبة وشاعرة سورية