علمات .. الكنز الصامت في جرودها شيد نمرود وديدب قصريهما .. وضبابها يقدم عروضاً من الروعة

 

“أخبار الدنيا” – دانيا يوسف

 

هي منارة غنّاء في جرود مدينة جبيل، تحتفظ بأساطير تاريخية وبطابع قروي وحكايات من الماضي الجميل.
ترتدي وشاحا أخضر مطرزا، طرفه الأول معلّق في السماء والآخر يتأرجح عند أقدام نهر ابراهيم. انها بلدة علمات التي قصدناها في صبيحة يوم صيفي ونسينا عند عتباتها هموم أمسنا وغدنا…
على بعد 51 كلم من العاصمة بيروت، تقع بلدة علمات احدى قرى قضاء جبيل. تقودنا اليها الطريق الممتدة من بيروت مرورا بمدينة جونية وصولا الى نهر ابراهيم حيث المياه تجري بهدوء وانسياب بين احضان الطبيعة.
ومن النهر نمر ببلدة الفيدار التاريخية حيث نشاهد بقايا لبرج وجسر روماني وقناة مياه قديمة، ومنها نعبر بلدتي رأس أسطا وطورزيا حتى نصل الى علمات.
علمات كلمة فينيقية تعني فتاة أو صبية جميلة… وربما تكون المساحات الخضراء النضرة التي نشاهدها أمامنا هي خير تفسير لمعنى اسمها.
ترتفع علمات عن سطح البحر 950 مترا ويبلغ عدد سكانها حوالي 8250 نسمة. ولا تكاد تخلو أي شرفة من شرفاتها من الشتول الطبيعية وأصناف الزهور الملونة الفواحة.
ها هي السيارة تتسابق مع أشجار السنديان والبطم والزعرور المنتشرة بكثافة على امتداد الطريق…
من الجبال التي تحيط بالبلدة وتحدّها، يُلاحظ رأس قرنة عالية تُسمى قرنة “الملك دَيْدَب”. هناك يقع قصر هذا الملك منذ العصور القديمة، وأحجار قصره الهائلة الحجم قائمة حتى اليوم.
في الجهة المقابلة لهذه القرنة، كان يقع قصر الملك “نمرود”، الذي ما زالت حجارته موجودة أيضاً.
آثار قصرَي الملك دَيْدَب ونمرود الباقية من الصعب الوصول اليها، وقد أتى باحثون من فرنسا ليفتشوا عن موجودات ثمينة فيها ولكن لم يعرف أحد ماذا وجدوا من مدفونات. توجد في علمات أيضا قبور قديمة (يُقال انها لليهود) باتت على شكل صخورٍ ومنحوتات.
وفي أسفل البلدة، تقع مغارة “المبعاج” التي تشبه مغارة جعيتا ولكن حجمها أصغر. كما تضمّ البلدة، وعلى الرغم من صغرها، 4 مساجد و3 حسينيات. هذا بالاضافة الى دير سانت تيريز الذي يقع عند مدخل البلدة وهو دير قديم جداً. هذا التنوع بالمعالم الدينية يميّز علمات، التي يمكن اعتبارها نموذجاً مميزاً للعيش المشترك والوفاق في لبنان.
وفي بعض جنبات البلدة يمكن مشاهدة معصرتين صغيرتين أصبحتا شكلاً من أشكال الآثار. ونرى حولهما أحجاراً وصخوراً قديمة عليها منحوتات متنوعة.
انه الضباب… يقدم عروضه الساحرة بين الحين والآخر بصورة متقنة تضفي جوا رائعا على الطبيعة المحيطة بنا… الغيم الأبيض يرمي بظله على سلسلة الجبال الممتدة أمامنا فتحسب أنها ساكنة ساجية خاشعة…
ومع الهدوء، تبدو هذه الجبال متساندة متخاصرة كأن الحدود ما بينها كانت ممحوة ثم بانت وتجلت للبصر…
تستمر غلالة الضباب بالزحف فوق القرية، تتكشف حينا وترق أحيانا. وسط هذه الطراوة في الطقس تابعنا طريقنا في تلك الدروب العابقة بسحر الألوان…
هنا باحة رحبة… وعند الطرف القصي من الباحة تمتد كروم العنب بسخاء، وتتلألأ أوراقها كالمعدن النفيس… عند نهاية الباحة بيت حجري قديم ذو أسقف عالية أمامه بئر قديمة وبعض الارانب تركض جذلى…
نسال عن صاحب الدار فيأتي الجواب: رحمه الله… كان من أهم رجالات البلدة. انه منزل المرحوم الشيخ حسين عواد أحد شخصيات علمات.
المنزل اليوم يعيش فيه نجل الشيخ حسين وأحفاده الذين ملاوا المكان ضجيجا وحيوية.
تبدو المعالم الأثرية هنا شامخة وكأنها تتحدى عبقريات المهندسين، حتى ليبدو أن يد الخالق حفرتها بعوامل الطبيعة عبر الأزمان، فجعلت منها لوحة طبيعية تخلب الألباب. صخور وأوابد قديمة:
كوع المشنقة، أدون وعشتار، منحوتات قديمة… كلها مواقع وشواهد تفصح عن غنى تاريخ علمات وتعاقب الحضارات جولة في بعض قرى جرود جبيل… علمات الكنز الصامت
هي منارة غنّاء في جرود مدينة جبيل، تحتفظ بأساطير تاريخية وبطابع قروي وحكايات من الماضي الجميل.
ترتدي وشاحا أخضر مطرزا، طرفه الأول معلّق في السماء والآخر يتأرجح عند أقدام نهر ابراهيم. انها بلدة علمات التي قصدناها في صبيحة يوم صيفي ونسينا عند عتباتها هموم أمسنا وغدنا…
على بعد 51 كلم من العاصمة بيروت، تقع بلدة علمات احدى قرى قضاء جبيل. تقودنا اليها الطريق الممتدة من بيروت مرورا بمدينة جونية وصولا الى نهر ابراهيم حيث المياه تجري بهدوء وانسياب بين احضان الطبيعة.
ومن النهر نمر ببلدة الفيدار التاريخية حيث نشاهد بقايا لبرج وجسر روماني وقناة مياه قديمة، ومنها نعبر بلدتي رأس أسطا وطورزيا حتى نصل الى علمات.
علمات كلمة فينيقية تعني فتاة أو صبية جميلة… وربما تكون المساحات الخضراء النضرة التي نشاهدها أمامنا هي خير تفسير لمعنى اسمها.
ترتفع علمات عن سطح البحر 950 مترا ويبلغ عدد سكانها حوالي 8250 نسمة. ولا تكاد تخلو أي شرفة من شرفاتها من الشتول الطبيعية وأصناف الزهور الملونة الفواحة.
ها هي السيارة تتسابق مع أشجار السنديان والبطم والزعرور المنتشرة بكثافة على امتداد الطريق…
من الجبال التي تحيط بالبلدة وتحدّها، يُلاحظ رأس قرنة عالية تُسمى قرنة “الملك دَيْدَب”. هناك يقع قصر هذا الملك منذ العصور القديمة، وأحجار قصره الهائلة الحجم قائمة حتى اليوم.
في الجهة المقابلة لهذه القرنة، كان يقع قصر الملك “نمرود”، الذي ما زالت حجارته موجودة أيضاً.
آثار قصرَي الملك دَيْدَب ونمرود الباقية من الصعب الوصول اليها، وقد أتى باحثون من فرنسا ليفتشوا عن موجودات ثمينة فيها ولكن لم يعرف أحد ماذا وجدوا من مدفونات. توجد في علمات أيضا قبور قديمة (يُقال انها لليهود) باتت على شكل صخورٍ ومنحوتات.
وفي أسفل البلدة، تقع مغارة “المبعاج” التي تشبه مغارة جعيتا ولكن حجمها أصغر. كما تضمّ البلدة، وعلى الرغم من صغرها، 4 مساجد و3 حسينيات. هذا بالاضافة الى دير سانت تيريز الذي يقع عند مدخل البلدة وهو دير قديم جداً. هذا التنوع بالمعالم الدينية يميّز علمات، التي يمكن اعتبارها نموذجاً مميزاً للعيش المشترك والوفاق في لبنان.
وفي بعض جنبات البلدة يمكن مشاهدة معصرتين صغيرتين أصبحتا شكلاً من أشكال الآثار. ونرى حولهما أحجاراً وصخوراً قديمة عليها منحوتات متنوعة.
انه الضباب… يقدم عروضه الساحرة بين الحين والآخر بصورة متقنة تضفي جوا رائعا على الطبيعة المحيطة بنا… الغيم الأبيض يرمي بظله على سلسلة الجبال الممتدة أمامنا فتحسب أنها ساكنة ساجية خاشعة…
ومع الهدوء، تبدو هذه الجبال متساندة متخاصرة كأن الحدود ما بينها كانت ممحوة ثم بانت وتجلت للبصر…
تستمر غلالة الضباب بالزحف فوق القرية، تتكشف حينا وترق أحيانا. وسط هذه الطراوة في الطقس تابعنا طريقنا في تلك الدروب العابقة بسحر الألوان…
هنا باحة رحبة… وعند الطرف القصي من الباحة تمتد كروم العنب بسخاء، وتتلألأ أوراقها كالمعدن النفيس… عند نهاية الباحة بيت حجري قديم ذو أسقف عالية أمامه بئر قديمة وبعض الارانب تركض جذلى…
نسال عن صاحب الدار فيأتي الجواب: رحمه الله… كان من أهم رجالات البلدة. انه منزل المرحوم الشيخ حسين عواد أحد شخصيات علمات.
المنزل اليوم يعيش فيه نجل الشيخ حسين وأحفاده الذين ملاوا المكان ضجيجا وحيوية.
تبدو المعالم الأثرية هنا شامخة وكأنها تتحدى عبقريات المهندسين، حتى ليبدو أن يد الخالق حفرتها بعوامل الطبيعة عبر الأزمان، فجعلت منها لوحة طبيعية تخلب الألباب. صخور وأوابد قديمة:
كوع المشنقة، أدون وعشتار، منحوتات قديمة… كلها مواقع وشواهد تفصح عن غنى تاريخ علمات وتعاقب الحضارات عليها.
ها هي الشمس تعمل جاهدة اتزيح عن وجهها سترا ثقيلا وبعد لحظات تطل بوجهها الضاحك بين غمامتين!
ما اروع هذا المنظر!
ينقضي النهار وكأنه ساعة من العمر…
هوذا لبنان! سهول حلوة، جمال مبتسم، طيوب فواحة الشذا، أرض معطاء، تراث أقدم من التاريخ…
هذه هي أعالي جرود جبيل… ها هنا ترعرع الماضي… من هنا سافر الجمال وانتشر…
يا لهذه القرى!عليها.
ها هي الشمس تعمل جاهدة اتزيح عن وجهها سترا ثقيلا وبعد لحظات تطل بوجهها الضاحك بين غمامتين!
ما اروع هذا المنظر!
ينقضي النهار وكأنه ساعة من العمر…
هوذا لبنان! سهول حلوة، جمال مبتسم، طيوب فواحة الشذا، أرض معطاء، تراث أقدم من التاريخ…
هذه هي أعالي جرود جبيل… ها هنا ترعرع الماضي… من هنا سافر الجمال وانتشر…
يا لهذه القرى!