ستون عاماً من السنفرة واكثر… نحن والسنافر

 

“الدنيا نيوز”-  دانيا يوسف


السنافر كائنات لطيفة زرقاء تعيش في قرية سريّة في الغابة، تريد هذه الكائنات العيش في سلام وحب بينما يحاول الشرير شرشبيل نصب المؤامرات والمكائد لاصطيادهم وتخريب ممتلكاتهم والقضاء على وجودهم. فكلمتا “سنفور” و”سنفورة” تستخدمان كنوع من التحبب بمعنى صغير. أما “سنفروا” فهي بدورها أصحبت مفردة نستخدمها بمعان شتى، كما تستخدم في المسلسل الكرتوني نفسه.
كل المحاولات اللغويّة لفهم أصل الكلمة الفرنسي ” Schtroumpf” أو السنافر بالعربيّة لا معنى لها، ويقول بيير كويفوردPierre Culliford البلجيكي مخترع شخصيات السنافر، أن الأمر يعود إلى ما قبل بدئه بكتابة قصص السنافر ورسومهم.
فبعد أن نال عملاً في مجلة سبيرو Spirou الشهيرة عام 1951، كان مع زوجته وبعض الأصدقاء في إجازة، وعلى مائدة الغداء، طلب من صديقه أن يعطيه الملح لكنه نسي كلمة الملح، وما كان منه إلا أن قال له ” أعطني…السنفور!”، بقيت الكلمة عالقة في ذهن بيو، إلى عام 1958، حيث ظهرت السنافر للمرة الأولى.
كانت باكورة السنافر ضمن العدد السادس من مغامرات جوان وبيروليت، التي يؤلفها بيو بصورة دوريّة لصالح سبيرو، وذلك في قصة “الناي ذو الحفر الستّة”، وحينها كانوا الكائنات الغريبة المسؤولة عن صناعة الناي السحريّ، الذي يجعل من يستمع لموسيقاه يرقص بشكل لا إرادي، لكن حينها، واجهت بيو مشكلة، ما لون السنافر؟ اقترحت زوجة بيو اللون الأزرق، ووافق عليه، كونه محايد ولا يحيل إلى أي عرق أو توجه ديني.
حقق السنافر شهرة بسرعة كبيرة، وفي العام التالي لظهورهم، تم إنتاج ستة أفلام كرتونيّة قصيرة عن قصصهم، أشهرها “السنافر السود”، وهي القصة الأولى التي يظهر فيها السنافر بشكل مستقل، وبقي الأمر كذلك حتى عام 1981، حين تم إنتاج السنافر ضمن مسلسل تلفزيوني في الولايات المتحدة، ليتحولوا بعدها إلى ظاهرة عالميّة، إذ أنتجت العديد من الأفلام المختلفة آخرها كان عام 2011.
كما دخل اسمهم ضمن الثقافة الشعبيّة، سواء في إحالة مباشرة لهم أو للتهكم، أو كفعل يدلّ على غسيل الأموال، كما حدث في أستراليا، حيث “تُسنفر” النقود عبر وضعها بالبنك عبر مجموعة مختلفة من الأشخاص بكميات قليلة لا تثير الشبهات، لتكون سنفرة الأموال، جهداً جماعياً لغسيلها.
تحدث مغامرات كثيرة لكل شخصيات السنافر ولكن بمساعدة بعضهم يتمكنوا من اجتيازها، ومن تلك الشخصيات الحاكم سنفور وسنفور عبقري وسنفور مغرور وسنفور موسيقي وسنفور مفكر وسنفور أكول وسنفور رسام وأيضا سنفورة الجميلة وسنفور الطفل وأيضا بابا سنفور الذي يرشدهم دائما للطريق الصحيح.
وهناك عدوهم الساحر شرشبيل وقطه الأحمر هرهور، وطوال الأحداث يريد شرشبيل القضاء عليهم أو أكلهم، لأنهم بالنسبة له غذاء سحري يمكنه أن يستفيد من قواهم ويستغلها في الشر. وجميعنا يحفظ عبارة شرشبيل الشهيرة: “سأقضي على السنافر .. حتى لو كان آخر عمل في حياتي”. وتدور الأحداث الممتعة في فلك هذه المطاردة الكوميدية بين شرشبيل والسنافر، ولعل أكثر ما يميز هذه الشخصيات السنفورية هي أنها تقدم قيمة للطفل من خلال الحكايات التي ينتصر فيها الخير على الشر.
ولعل من أكثر دلالات نجاح هذه الشخصيات هو ارتباط الصغار بها ومحاولة محاكاتها، واستقاء بعد الألفاظ والعبارات التي وردت في سياقها، فعلى سبيل المثال عندما يكون هناك شخص ملهم يفكر باستمرار في حل المشكلات واختراع الأشياء نقول له: أنت سنفور عبقري، وحينما يكون هناك شخص يحب الأكل ولا يدع مناسبة إلا ويأكل فيها نقول له: يا لك من سنفور أكول.
السنافر كشخصيات كرتونية محببة انطبعت في ذاكرتنا وباتت لغتها لصيقة بلغتنا اليومية فبتنا نتودد لأحدهم بكلمة “سنفوري”.

ونستخدم فعل “سنفروا بحياتكم” أي انجوا بحياتكم التي يختتم بها السنافر كل حلقة.

ونشبّه أحدهم ب”سنفور الغضبان” وغيره ب”سنفور الأكول” وكلها تصبّ في خانة التودد والألفاظ المحببة.

فكل ما يشي بالطفولة يلتصق بالروح ويطلع على شكل فلتات كلامية صافية لا نطلقها الا على مَن نشعر أنه يستحقها فعلا!