المماطلة سلوك طبيعي قد يكون من الخطأ محاربته …

 

“الدنيا نيوز” – دانيا يوسف*

 

قد لا تشكل المماطلة مشكلًا بحد ذاتها، حيث أن الاستفادة من المواعيد النهائية بشكل فعال من شأنه مساعدة الناس على إنجاز مهامهم.
جميعنا يعاني مشاكل مع المماطلة أحيانًا. يجب علينا إنجاز بعض المهام كمشروع مدرسي أو مهمة للعمل غير أننا بكل بساطة لا يمكننا التحرك لإنجازها. يجب القيام بأعمالنا ولكن المضي فيها يبدو صعبًا للغاية.
ما الذي يحول دون مضينا قدمًا كما نريد؟ لماذا لا يسهل علينا القيام بالأشياء؟
إحدى نظريات المماطلة تشير إلى أن القلق حيال إنجاز المهام يبقى في مستوى منخفض حتى النقطة التي يتجاوزها القلق حيال عدم الالتزام بالموعد النهائي. وبالتالي، نميل إلى المماطلة لأنه وحتى نقطة معينة، لسنا مهتمين بما فيه الكفاية لكي ننجز المهمة في وقتها.
تُعزز السلوكيات بشكلٍ أقوى عندما تنجز في نهاية المهمة
أشارت البحوث على مدى السنوات العديدة الماضية أن نظرية أخرى تسمى «نظرية تخفيض الدافع» قد تساعد أيضًا في شرح المماطلة. هذه النظرية، كما تنطبق على المماطلة، تشير إلى أن كل من الكائنات البشرية والحيوانات تجد السلوكيات معززة عندما تُنهى قبيل المواعيد النهائية.
طُبقت هذه النظرية في تجاربٍ استُعمل فيها الحمام. في عدة مواضع، قُدم للحمام اختيار استقبال التعزيز قبيل بداية المهمات الطويلة أو قبيل نهايتها. في كل تجربة، أظهر الحمام تفضيلًا كبيرًا للتعزيز بالقرب من نهاية المهمات.
كانت التجربة أن الحمام كان يكمل المهمة التي تقدم لهم إشارة عند بدايتها ثم إشارة أخرى عند نهايتها. رغم أن التعزيز كان متماثلًا، انتظر الحمام في غالب الوقت حتى الإشارة النهائية قبل تقديم استجابة. عُزز بشكلٍ أكبر عند علمه بنهاية المهمة وبشكلٍ أقل عند تذكيره بأن المهمة قد بدأت للتو.
هناك العديد من التجارب المتماثلة عند البشر والحيوانات التي تدعم هذه النظرية التي كانت موجودة منذ سنين غير أنها استُخدِمت مؤخرًا فقط في النماذج الحيوانية لمحاولة شرح المماطلة. السلوكيات عند العديد من الأنواع مكيفة بطريقة تُعززها بقوة أكبر عند الانتهاء قبيل الموعد النهائي أو نهاية مهمة معقدة.
كيف تستعمل المواعيد النهائية لصالحك
شيء ما تقترحه هذه النظرية وهو أن المماطلة قد تكون أكثر طبيعية مما نعتقد. ربما ليست هي المشكلة وهي من صلب عملياتنا السلوكية. الانتظار حتى قرب الموعد النهائي لإنجاز المهمة قد لا يكون المشكل الحقيقي. المشكل المحتمل بدلًا من ذلك هو أننا نحارب هذا الميول ولا نستخدم تفضيلاتنا الطبيعية لإنجاز المهام بطريقةٍ أكثر فاعلية.
هل يزودنا هذا بأي معلومة مفيدة حول المماطلة؟
في الحقيقة، إنه يُظهر لنا أن المواعيد النهائية مهمة. قد لا نكون نستعمل المواعيد النهائية بما فيه الكفاية. يجب أن يكون لكل عمل مهم يجب عليك إكماله موعدًا نهائيًا محددًا.
غالبًا ما نفكر في المواعيد النهائية على أنها اللحظة الأخيرة التي يمكن فيها إنجاز المهمة. إنها تمثل اللحظة التي تموت فيها المهمة إذا لم تُنجز. نظرًا لمدى التعزيز الذي يمكن أن يكون عليه العمل قبيل الموعد النهائي، من الأفضل اختيار المواعيد النهائية بناءً على الوقت الذي ينبغي فيه إنجاز المهمة بدلًا من وقت وجوب إنجازها.
صحيح أنه من الصعب خداع أنفسنا عند معرفتنا عن الموعد النهائي الفعلي، قد نتجاوز الموعد النهائي الأقل صرامةً عندما ندرك أننا سنكون على ما يرام، غير أنه من الممكن أن يكون للتعود على تغيير معنى مصطلح موعد نهائي تأثيرًا ايجابيًا مع مرور الوقت.
هناك مفهوم آخر في علم النفس السلوكي قد يكون مناسبًا جيدًا هنا «التكييف». العملية التي نقسم فيها المهام إلى أجزاءٍ أصغر. يمكن أن يساعد التكييف في المماطلة من خلال تحديد موعد نهائي أقصر لكل جزء أصغر. ومنه، بدلًا من أن يكون لديك مهمة جدًا كبيرة مع موعد نهائي مدته أسبوعين، يمكن أن يصبح لديك 14 مهمة أصغر لكل منها موعد نهائي ثابت ليومٍ واحد.
إذا كنت تشعر أنك غالبًا ما تحس بالقلق لأنه يبدو أنك دائمًا تنتظر حتى اللحظة الأخيرة لإكمال مهمة، فأنت لست وحدك. قد يكون ذلك راسخًا في سلوكنا أكثر مما نود أن ندركه أو نعترف به. بدلًا من محاولة محاربة هذه العملية، قد يكون من الأفضل استخدامها لصالحنا.

————————————-

*رئيسة القسم الثقافي في “الدنيا نيوز”