حلِّقي ……..

 

فاطمة صالح صالح*

 

حلّقي أيتها الأميرة……! …… امخري عُبابَ البحارِ المجهولةِ، المُظلمة.. فالنورُ هناكَ، يا أختي.. خلفَ الضبابِ في الآفاق… وراءَ عتمةِ البحارِ البعيدةِ الأعماق..
لا تخافي، يا أميرتي على ثوبكِ الملكيّ، من أن تمزّقهُ الرياحُ العاتية.. التي تصادفينها في الآفاق.. والأمواجُ الصاخبة.. التي تمرّين بها خلالَ عبوركِ بحارَ الظلام..
لا تهابي الموت.. لا تخشي العذاب..
إنكِ تسعينَ نحو هدفٍ سامٍ، جميل.. كلهُ خيرٌ، وسلام، وسعادة للجميع..
إنكِ أينما وضعتِ قدمَكِ، ستجدين الموضعَ صلباً، قوياً.. وأينما مَدَدْتِ يدَكِ، ستجدين مُستنداً..
فلا تبالي..
إنكِ تسعَينَ نحوَ العُلا… وقد قيل ? شرَفُ الوثبةِ، أن تُرضي العُلا…. غلَبَ الواثبُ، أم، لم يغلبِ )
ستغلبين….. أنا متأكّدة..
جَمّعي طاقاتَكِ، في التحليق..
شدّي قواكِ، في العبور..
لا تبالي بالضباب.. لا تُرهِبْكِ العتمة.. فقد قال الشابّيّ : (فما ثَمّ، إلاّ الضحى في سناه.. ).. هل هنالكَ أجملُ من الضحى..؟!…
ما أجملَ الصباح..!!
ما أعظمَ البدايات..!!
إنها الإنتصار…
إنها العزمُ، والحزمُ، واتخاذُ القرار..
وما ذلك بقليل..
إنهُ الضياءُ في العتمة.. إنه الهدايةُ إلى الخير.. وبدايةُ مسيرةِ الحياةِ الهنيّة.. الرغيدة.. للجميع..
استعيني بالنورِ الذي تحملينَ، في غياهِبِ الظلام.. إنهُ يهديكِ دوماً.. إنهُ لا ينطفي…
لا تدَعي ظلامَ اليأسِ يستبدّ بكِ.. اطعنيهِ بالنورِ الذي تحملين.. ويا لها من طعنةٍ لا تخيب..!! حالاً، يتبدّدُ الظلام.. ويسودُ التفاؤلُ، والإقدام..
إنها البداية..
حُثّي الخُطا..
فالمُثابرةُ هي أساسُ النجاح..
أقدِمي.. أقدِمي.. أقدِمي..
شخصٌ مثلكِ، يحملُ النور، لا يُرهِبُهُ الظلام…. وهل يخافُ جُنديّ في يدهِ سلاحٌ أقوى..؟!
لكن، عليكِ أن تعتني دائماً بهذا السلاح.. وتشحَذيهِ، وتصقليه.. كي تحسّي بالأمان.. في كلّ مكانٍ، وزمان..
لستِ وحدَكِ في الطريق.. أينما كنتِ ستجدينَ أصدقاء.. رفاقَ درب.. بأيديهم أنوار..
انضمّوا إلى بعض.. ليُصبحَ النورُ أقوى.. ولتُصبحَ الرؤيةُ أجلى، وأوضح..
إن استوقفتكم جماعةٌ من المُتخاذلينَ، الهائمينَ، الضعفاء.. دَعوهم.. وسيروا..
تأنّوا.. إن استدعى الأمرُ أناةً.. عند المُفترَقات.. لتسيروا في الدروبِ الأسلم.. التي بها تنجون.. استريحوا.. عندما ترونَ حاجةً إلى ذلك.. في الأفياء.. وعلى الأعشاب…. اجمعوا الأزهار.. ليكونَ ذلكَ تجميعاً للقوى.. لتزدادوا حَماسةً، وقوّة…. انثروا الزهورَ التي حَمَلتم.. انثروها على الجميع.. لتُسعِدَ الجميع…. لتبعَثَ الآمالَ في النفوسِ الخائرة.. لتُنعِشَ، بشذاها العَطِر، النفوسَ الظمأى للعبير.. لحُبّ الحياة…. عَلّها توقظُ، ببرودَةِ نداها، كلّ مَن يحبّ الحياة.. وتبعَثَ فيهِ النشاطَ، والأمل.. والتفاؤلَ، والسعادة..
إن وَخَزتكِ الأشواك.. امسحي الجرحَ بعصيرِ الورود..
لا تبالي بالآلام..
فإنها هي التي تُشعِرُكِ بحلاوَةِ الحياة..
أحِبّي الآلام..
فإنها هي التي تُشعِرُكِ بحلاوَةِ الصحة.. والحياة السعيدة..
أحِبّي الظلام..
لأنهُ هو الذي يُشعِرُكِ بسِحْرِ النور..
أحِبّي الفراغ..
فإنهُ يُشعِرُكِ بجَلالِ العمل..
أحِبّي الوَحدة..
فهيَ تُشعِرُكِ بحَلاوةِ الإجتماع..
أحبّي الضجيج..
فإنهُ يُشعِرُكِ بمُتعَةِ الهدوء..
أحِبّي الشتاء..
فإنهُ يؤذِنُ بقدومِ الربيع..
أحِبّي الصيف..
فإنهُ يؤذِنُ بخريفِ النضوج..
ثلجُ الشتاءِ، هو ماءُ الحياة..
رَعْدُ الشتاءِ، هوَ مخاضُ الحياة..
بَرْدُ الشتاءِ، هو إيقاظُ النفوسِ، لتستمرّ في الحياة..
ما أعذَبَ الحياة..!!
والحَرّ.. والبردَ.. والدفءَ.. والندى.. والطيرَ.. والشجر.. والزهرَ.. والأعشاب..!!
ما أعظمَ تفاعُلاتِ الطبيعة.. التي تلِدُ الحياة..!!

———-

*شاعرة وكاتبة سورية