جيش الاتحاد الاوروبي – الاسباب والاهداف(2)

بقلم ألعميد منذر ألأيوبي*

جيش ألإتحاد ألأوروبي – ألأسباب و ألأهداف (2)
لَم يستطع ألرئيس ألأميركي دونالد ترامب خلال مشاركته في إحتفال باريس – مئوية الحرب العالمية ألأولى – تلطيف عباراته فيما يتعلق بسياسته ألخارجية ألمُرتكزة على إبتزاز الدول و ألأحلاف و المنظومات السياسية ، مواصِلآ تصريحاته ألمُتجددة و ألمُتشددة في آن ” على ألدول ألغربية أن تدفع مقابل حمايتها ” ،، مُعتبرآ أن الولايات المتحدة يجب أن تُعامل بإنصاف و هو ما لم يَتم حتى ألآن ..!!

و إذا كان هذا النَهج “فلنَقُل: ألترامبي Trumpiest” يَسلُك أو سَلكَ طريقه بسَلاسة مع بعض الدول العربية النفطية رغم قساوة ألمٌفردات ألمُستخدمة و مَهانَتها لاقى تجاوبآ إن لم نَقُل رضوخآ أدى إلى تَسديدها مئات مليارات الدولارات ضمانةً لحمايتها و بقاءها تحت المظلة ألأميركية ..!! فإن هذا الأسلوب ألإبتزازي لا يَسرِي على أوروبا و قادتها و قوبِل رفضآ و إستهجانآ إلى حدود ألإستهزاء ألمُغَلف بأللياقة ،، إذ أن العِبرة بالتنفيذ لا بالتهويل عبر تصريحاتٍ غير قابلة للصرف .!!

فَإقتراح ألرئيس ألفرنسي إيمانويل ماكرون بإنشاء الجيش ألأوروبي ألموَحَد لم يَكن يتيمآ أو وليد الساعة “كما أسلفنا سابقآ” و قد لاقى ترحيبآ و تأييدآ من الدول ألأوروبية و إن مُضمَرآ من بعضها ،، لا بل خََطا خطوة متقدمة إضافية عندما دعت ألمستشارة ألألمانية إنجيلا ميركل في كلمتها أمام ألبرلمان ألأوروبي ألمُنعقد في مدينة ستراسبورغ إلى ضرورة مواصلة العمل على إنشاء “جيش أوروبي موَحَد” مُقتَرِحة بالتالي إستحداث “مجلس أمن أوروبي” مهمته إتخاذ القرارات العملانية ألهامة و ألطارئة .. و بألإمكان تلخيص كلمة ألمستشارة ألألمانية بعبارة : (ضرورة أن يُمسك ألإتحاد ألأوروبي مصيره بيده) في سبيل إستقلالية أكثر ..!
ماكرون و ميركل متفقان و يعتبران أوروبا موحَدة تعني آوروبا قوية !! هذه الوحدة تستوجب شمولها كافة المجالات و على جميع المستويات ، ألسياسية و ألإقتصادية ألمالية و العسكرية ألدفاعية ، فالطموحات مَشروعة و ألأُمنيات مطلوبة لكن تحقيقها ليس من السهولة بمكان و إذا كانت أللُبنة ألأولى ” ألإتحاد ألأوروبي و ألسوق ألأوروبية ألمُشتركة ” وضعت عام ١٩٥٧ فإن أللُبنة ألثانية في البيت ألأوروبي ستكون توحيد الجيوش ألأوروبية و ألقوى ألعسكرية إستراتيجيآ و تكتيآ ، تَسليحَآ و إدارةً ..

يَقينَآ ،، لن يكون الجيش الأوروبي مُضادآ للناتو بَل ربما سَيُرَوَج له كقيمة عسكرية إضافية لقوات حلف شمال ألأطلسي ،، إلا أنه سَيعكس بُعدآ جديدآ في ألإستراتيجية ألأوروبية و يؤسس لعقيدة عسكرية مختلفة عِمادها وحدة ألقوى العسكرية ألأوروبية و إستقلالية قرارها ،، كما أن هذه ألخطوة ستعطي دفعآ لنهج ألتعددية ألدولية في ألواقع ألعالمي ألجديد ..

إستطرادآ ،، سيكون لِأنقرة دورآ هامآ في هذا ألمجال ،، “كما أشرنا في بحثنا ألأول” ،، إذ لم يتأخر ألأمين العام لحلف شمال ألأطلسي رقم ١٣ “ألنروجي ستولتنبرغ” Jens Stoltenberg خلال مقابلة له مع قناة DW ألألمانية من التصريح بأنه “لا يمكن توفير ألأمن لأوروبا من دون بلدان مثل تركيا” .. ألأمين العام “ستولتنبرغ” عَلَق بتحفظٍ إيجابي على مُقترح ألرئيس الفرنسي مُعتبرآ أنه يمكن أن يعزز القدرات ألدفاعية ألأوروبية لكن يجب أن يكون مُكملآ ل “ألناتو”..

من جهة أخرى و بالرغم من أن قرار الرئيس ألأميركي ألإنسحاب من معاهدة START-3 أقلَقَ أوروبا ،، إلا أن ألخشية ألأوروبية كما ألأطلسية تضاعفت تجاه روسيا – بوتين حيث أهمها ألمُستجِد إتهام موسكو بإنتهاكها معاهدة ألأسلحة النووية لعام ١٩٨٧ عبر نشرها منظومة صاروخية جديدة مُتحركة يَصعُب إكتشافها و قادرة على حمل رؤوس نووية ،، في حين يرفض ألرئيس بوتين هذا ألإتهام مؤكدآ قناعته بأن وجود بطاريات صواريخ ( SCS-8) ذات مدى ٥٠٠ كلم على ألحدود ألروسية هو غلاف وقائي و عملٌ دفاعي متعلق بألأمن ألوطني ألروسي و مَسموح به بموجب المعاهدة ..

بالمقابل ،، بعيدآ عن حيثيات ألصراع و في خطوة شجاعة غير مسبوقة طَرَح رئيس الوزراء التشيكي “أندريه بابيش” Andrej Babiis مبادرة للسلام تَقضي بإعطاء جزء من ألأموال التي تُصرف على ألتسلح للدول الفقيرة “١٧٥٠” مليار دولار أنفقت العام الماضي .. مقاربة Babiis ألإنسانية في مئوية الحرب الأولى و منتدى باريس للسلام و إن أعتبرت طوباوية إلا أنها فُسحَة أملٍ و رَجاء ،، هي أكثر ما تحتاجه دول العالم و شعوب هذا الكوكب — تساؤل ؟؟ أَ يأتي ألسلام قبل أن يَفقد ألنصر و الهزيمة معناهما ..؟

*كاتب و باحث في ألشؤون ألأمنية و ألإستراتيجية.