تعرفوا على أصول أمثالنا الشعبية وأسباب إطلاقها (2)

 

“الدنيا نيوز”- دانيا يوسف

 

ثقافتنا العربية بها الكثير من الأمثال الشعبية التي تقال في مناسبات محددة، اخترنا لكم مجموعة من أشهر هذه الأمثال الشعبية سنعرضها على شكل سلسلة مع سرد لأصلها وسبب قولها ومناسباتها.
-اللي بيعرف بيعرف واللي ما بيعرف يقول كف عدس:
أحد الأمثال الشعبية الشهيرة التي تقال للإشارة إلى الأشخاص الذين يحكمون بالمظهر ولا يعرفون أصل القصة، ولا ريب أن المثل المنتشر في البلدان العربية جميعها قد يستغرب سامعه في البداية، ما علاقة العدس بجهل المتحدث؟ ولماذا عدس تحديدا؟ يقال أنه كان هناك رجلاً يبيع البقوليات وذات ليلة قام لص بمحاولة سرقة الدكان لكن من حظه العثر أن التاجر ضبطه وهو يسرق حيث كان يمر على المحل باستمرار ليطمئن عليه، فما كان من اللص إلا أن اغترف حفنة من العدس أخذها وانطلق فارّا والتاجر وراءه صائحا بالناس أن يمسكوا اللص، ولكن المفاجأة أن تقاعس المارة عن الإمساك باللص بعد أن رأوا أن اللص لم يسرق سوى حفنة من العدس لا تستحق كل هذه الضجة التي يحدثها التاجر بل لاموا عليه أنه يحاول الإمساك بهذا اللص المسكين الذي ربما لا يجد القوت ويبيت جائعا لذلك أخذ هذه الحفنة من العدس كي يطبخها ويأكلها، وفجأة وجد نفسه التاجر هو المُلام بينما الناس يتعاطفون مع اللص الذي ظنوا أنه لم يسرق سوى حفنة العدس هذه، فتأسى الرجل لهذا الحال وردد هذه العبارة: من لا يعرف قال عدس.
وصارت من هنا هذه العبارة أشهر الأمثال الشعبية وتقال دوما لمن يتسرع في الحكم أو إصدار الأحكام على غيره أو على حال غيره دون الوقوف على الملابسات الدقيقة أو الظروف التي جعلته على هذه الحالة، أو أن حاله الحقيقي يناقض مظهره الذي يحكم به هؤلاء الناس بسطحية.

-بين حانا ومانا، ضاعت لحانا
أحد الأمثال الشعبية المنتشرة في الدول العربية، ويقال لمن تم استنزافه وتشتيته بين أكثر من جهة حتى وجد نفسه لم يفز بشيء في النهاية بسبب تضارب المنافع وتعارض المصالح وما يترتب على هذا من استنزافه مع ظن كل جهة أن معها الحق، وأصل هذا المثل أن رجلاً قد بلغ من العمر أرذله متزوجا من امرأة عجوز مثله اسمها حانا، وفي يوم قرر الزواج من فتاة صغيرة تعيد له شبابه وتعيده إلى الدنيا والإقبال عليها، وكانت هذه الفتاة تدعى مانا، وكانت مانا تنتف من لحيته الشعر الأبيض كي لا يشيب وتظل لحيته سوداء كدليل على الشباب، بينما كانت حانا الزوجة القديمة المسنة تنتف من لحيته الشعر الأسود كي يشيب مثلها ويصبح مناسبا لها، وبالتالي لم يتبق في لحية الرجل شعر بسبب تناوب الزوجتان على نتفهما، ولذلك كان هذا المثل: بين حانا ومانا، ضاعت لحانا. ومن هنا أصبح أحد أشهر وأهم الأمثال الشعبية في بلداننا العربية.

-دخول الحمام ليس مثل خروجه
بالطبع نسمع كثيرا هذا المثل الذي يعد من أشهر الأمثال الشعبية ويقال لمن ظن أن الأمور بسيطة بحيث يقبل على شركة أو زواج أو شراء شيء أو أيا كان من المعاملات بين الناس ويريد أن ينسحب وقتما يحلو له فيفاجأ بالطرف الآخر من هذه المعاملة يخبره بأن دخول الحمام ليس مثل خروجه، ومثلما يبدو أن دخول الحمام يعني أنك تدخل دورة المياه وأنت متصعب وظروفك سيئة فتخرج مرتاحا مستريحا وهذا ظاهر المثل ولكن الحقيقة تناقض ذلك، حيث يروى قديما أن أحد أصحاب الحمامات التركية قد قام بتعليق لافتة تخبر الزبائن أن الدخول مجاني، ولذلك أقبل الزبائن واكتظ الحمام بهم، وكان صاحب الحمام يأخذ ملابسهم وهم داخلون فيفاجئون وهم خارجون أن صاحب الحمام يقول لهم أن صحيح الدخول مجاني لكن الخروج مقابل أموال، ولن يتسلموا ملابسهم سوى بعد الدفع، وبناءً عليه قال الناس أن صحيح دخول الحمام ليس مثل الخروج منه ومن هنا صارت هذه الجملة توصيفا دقيقا لعدم سهولة الانسحاب من الأمور وأصبح من أشهر الأمثال الشعبية في بلداننا العربية.