النحلة المغرورة … والخروف

 

“الدنيا نيوز” – دانيا يوسف

جميلة(تحادث نفسها): لا أريد يعني لا أريد
الجدة:(من بعيد) ما لي أرى حفيدتي الصغيرة غاضبة؟
جميلة: أمي… أمي يا جدتي
الجدة: وما بها أمك يا جميلة
جميلة: تصرّ دائما أن تصحبني معها الى منزل الخالة سحر!
الجدة: وما المشكلة في ذلك.
جميلة: المشكلة في لميس ابنة خالتي؛ لا أحبها ولا أحب أن ألعب…
الجدة: لمَ يا حبيبتي؟ لميس لطيفة ومن عمرك وزميلتك في المدرسة…
جميلة: لا أراها تناسب جمالي ولا ذكائي ولا اجتهادي في المدرسة…
الجدة(مقاطعة): ما تقولين يا جميلة؟
جميلة: ولا أجد حاجة لصحبتها.
الجدّة: اسمعي اسمعي… يا صغيرتي علينا ألا أن نتكبّر فنكون مثل النحلة المغرورة لا نرى الاشياء على حقيقتها..
جميلة:النحلة المغرورة؟ ما قصتها؟
الجدة:حسنا…سأرويها لك…
في يوم من الأيام، كانت النحلة تهم بالطيران لتتنقّل بين الأزهار الملونة عندما استوقفتها نبتة الصبّار قائلة:
المشهد 1:
نبتة الصبّار:الى أين أيتها النحلة الجميلة؟
النحلة: أنا ذاهبة إلى خليتّي. لكن، من أنت وما اسمك أيتها النبتة الغريبة؟
نبتة الصبّار(بصوت خجول): يسمونني تاج الملك
النحلة(تضحك بسخرية): تاج الملك!؟اسم جميل لكنه لا يليق…أقصد…
نبتة الصبّار:تقصدين لا يليق بي…معك حق…فكيف يكون التاج من الأشواك؟
النحلة:لم أقصد ذلك…اعذريني
نبتة الصبّار: لا تأسفي، هذه حقيقة لا يمكن لأحد أن ينكرها، انظري اليّ، شكلي خلقه الله بدقة وعناية وملأه بالأشواك
النحلة: أجل انك تشبهين تاج الملك حقيقة، لكن…
نبتة الصبّار: لا يقدر أي ملك في العالم على أن يضعه فوق رأسه. بالرغم من كلّ ذلك، أرجو منك أن نكون صديقتين.
النحلة(تحدث نفسها): نكون صديقتين؟ يا الهي… ما الفائدة من مصادقتها، فهي عديمة النفع، قبيحة المنظر، مخيفة جدا.
*****
الجدة: شعرت الصبّارة بما يدور في ذهن النحلة، فقرّرت أمرا
جميلة: مممم ماذا قررت؟
الجدة: طلبت من النحلة زيارتها لمرة واحدة فقط…
*****
مشهد 2:
النحلة (بصوت خافت): ما أصعب صحبة الأشواك
نبتة الصبّار: ماذا قلت… لم أسمعك جيدا
النحلة(ترتبك): لا… أعني… سأحاول قدر استطاعتي
نبتة الصبّار: وأنا سأكون في غاية السرور اذا أتيتي لزيارتي
النحلة (بصوت خافت): لن تري وجهي بعد الآن
نبتة الصبّار: وأعدك بهدية مميزة غدا…ولك حرية الحضور أو الغياب
النحلة: (تصيح فرحا) هدية…هدية لي
نبتة الصبّار: نعم هدية…(تقول في سرّها) سترين ماذا ستفعل نبتة صبّار شائكة بنحلة مغرورة.
*****
مشهد 3:
النحلة: (تطير وتغني فرحة)لا لا لا أنا نحلة جميلة…أطير بين الحقول … أجمع رحيق الأزهار…أعطي العسل الصافي…آ…كيف حال صديقي الخروف اللطيف؟
الخروف: أهلا بصديقتي نحّولة الظريفة… يبدو أنك في عطلة.
النحلة:(بتعجب) عطلة… أنا… أبدا
الخروف: لم أرك منذ مدة طويلة
النحلة: أنت تعرف أيها الخروف أننا معشر النحل نعمل باستمرار دون كلل أو ملل…
الخروف: وهل كنت مسافرة؟
النحلة: في الواقع قطعت مسافة طويلة لأجني الرحيق من الأزهار المتنوعة… ووصلت للتو وصادفتني منذ قليل نبتة قبيحة تدعّي أن اسمها “تاج الملك”
الخروف: تاج الملك؟اسم جميل
النحلة:(تضحك بسخرية) كان ينبغي أن تسمى باكليل الشوك…
الخروف: لعلها ظريفة ولطيفة ومفيدة أيضا…
النحلة: مفيدة؟هههه…هل يشفي الشوك المريض ويعطي العسل الصافي؟
الخروف:(غاضبا) وهل عسلك اللذيذ أكثر نفعا من صوفي الدافئ؟
النحلة:أ… أنا لم أقصد الاساءة اليك
الخروف: ولكنك شديدة الزهو بنفسك أيتها النحلة الكريمة… كل مخلوق لديه ما يميّزه عن غيره وان اختلفت الأشكال؟
النحلة: لكن تلك النبتة مليئة بالأشواك وهي ثابتة في الأرض لا تطير مثلي أو تدب على الأرض مثلك…
الخروف: لعلّ لها فوائد تجهلينها يا صديقتي…
النحلة:هي طلبت مني زيارتها ثانية ووعدتني بهدية
الخروف:آ… هذا رائع
النحلة: لم أكن أنوي زيارتها ثانية
الخروف: انت مخطئة يا عزيزتي… قد يكون في هذه النبتة سر عجيب
النحلة:(هامسة) لعلّها تخبئ لي شوكة كبيرة استعين بها لأطرد بها كل من يحاول الاعتداء على خليتي… ههههه… رزمة أشواك هههههه
*****
الجدة: في الصباح الباكر، اتجهت النحلة بسرعة الى الحقل. وعندما وصلت ملأت أنفها رائحة منعشة فصاحت بصوت عال:
مشهد 4:
النحلة: الصبّارة الشائكة في خاصرتها زهرة رائعة يملأ عطرها المكان وهي بلون الشمس. يا لعظمة الخالق!
نبتة الصبّار(بفرح): ما بك؟ لم هذا الاضطراب؟ قولي صباح الخير على الأقل؟
النحلة: صباح الخير،صباح النور،صباح الصبّار… لقد أذهلتني الزهرة الصفراء المنبثقة منك، فقد زيّنت تاجك الرائع …
نبتة الصبّار:أشكر لطفك يا عزيزتي
النحلة: أقول الصدق…انها أجمل زهرة رأيتها في حياتي… بصراحة ما توقّعت أن تكون الهدية بمثل هذه الروعة، شكرا لك.
نبتة الصبّار: لا يغرّنك المظهر الشائك أيتها النحلة اللطيفة، ففي قلبي الكثير من الحب والخير والجمال.
النحلة(بخجل): أرجو المعذرة، ربما خبرتي القليلة في الحياة جعلتني أحكم عليك حكما خاطئا.
نبتة الصبّار: لا تهتمي.هيا تفضّلي وارشفي ما شئت من رحيق زهرتي النديّ.
النحلة: سأعترف لك أيتها الصديقة الطيبة
نبتة الصبّار: تفضلي
النحلة(بارتباك): كنت أحذر صداقتك وأشعر أنني أفضل منك لكنني كنت مخطئة بحقك
نبتة الصبّار: وأنا مللت الوحدة وابتعاد الآخرين عني لأنهم فكروا مثلك بأشواكي ولم يروا زهوري
النحلة: الآن أقول لك أن جميع ممالك النحل تنحني احتراما واجلالا لنبتة تاج الملك
نبتة الصبّار: وأنا في غاية السرور بصديقة الجميلة نحّولة
*****
الجدّة: وهكذا يا عزيزتي جميلة،اكتشفت النحلة أن غرورها منعها عن رؤية الجمال الموجود لدى نبتة الصبّار. ومنذ ذلك الحين أصبحتا صديقتين لا تفترقا… هل أعجبتك الحكاية؟
جميلة:قصة جميلة فعلا يا جدتي
الجدة:الأجمل يا عزيزتي جميلة أن نستفيد من القصة ونحسن تعاملنا مع الآخرين ولا نفضّل أنفسنا على أحد. فلكل واحد فينا صفات جميلة يمكن أن يستفيد منها الآخرون ونستفيد بدورنا منهم…
جميلة: معك حق يا جدتي ولن أكون بعد اليوم مثل النحلة المغرورة…
الجدة(تضحك) والآن أين تذهب صغيرتي الحبيبة؟
جميلة:عليّ أن أسرع بارتداء ملابسي كي أرافق أمي الى بيت الخالة سحر لأقضي وقتا طيبا برفقة صديقتي لميس…
الجدّة:بأمان الله يا عزيزتي.

————–