الكلم 4321 !!

بقلم العميد منذر ألأيوبي*

في الجغرافيا ،، 8642 Km المسافة جوآ بين موسكو و واشنطن و هي تفصل أيضآ روبرت مولر المحقق الاميركي الخاص في قضية التدخل الروسي في ألإنتخابات الرئاسية ألأميركية عام ٢٠١٦ عن سيد الكرملين فلاديمير بوتين ،، و إذا كانت تذكرة السفر تعادل 1600 $ تقريبآ فأن الثمن الذي يمكن أن يدفعه الرئيس ألأميركي دونالد ترامب في حال ثبوت ألإتهامات أغلى بكثير ،، سيكلفه ألأمر ولايته الرئاسية !!
جهاز المخابرات ألأميركي CIA أكد أن روسيا تدخلت في ألإنتخابات ألأخيرة لترجيح كفة ترامب على منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون ،، علمآ أن موسكو نفت ألأمر و هذا بديهي ،، كما نفى ترامب تواطؤ حملته ألإنتخابية مع ألأجهزة الروسية ..
عمليآ ،، و ضمن سيناريو المؤامرة Conspiracy من المرجح أن يكون جهاز المخابرات الخارجية الروسي SVR RF تعامل مع ألإنتخابات الرئاسية ألأميركية بهدف فوز ترامب دون معرفة ألأخير ،،
هنا لب القضية ،، ألآن لا يستطيع ترامب سوى أن ينكر علمه بالتدخل مما سيظهره كأنه آخر من يعلم ماذا كان يجري في حملته الانتخابية و هذه مصيبة و ان كان يعلم و تواطأ فهي مصيبة أعظم ..

القلق البالغ من نشاط جهاز المخابرات الخارجية الروسية بهذا الشكل دفع واشنطن و لندن و دول غربية أخرى إلى ترحيل ما يقارب ألف و خمسمائة شخص يحملون جوازات سفر ديبلوماسية بإعتبارهم رجال إستخبارات يعملون تحت ستار ديبلوماسي ..
و قد جاء قرار ترامب إقالة رئيس مكتب التحقيقات الفدرالي FBI جيمس كومي من مهامه و الذي كان يشرف على التحقيق في هذه القضية ليصب الزيت على النار و يبقي الملف مفتوحآ على كل ألإحتمالات ،، فشخصية ترامب و ردود فعله العبثيه إضافة إلى أسباب أخرى دفعته عفوآ أو قصدآ لِلإبتعاد عن موسكو لا بل معاداتها مستغلآ تدخلها العسكري أو محاولة الهيمنة في-أو بعض الدول لفرض عقوبات أقتصادية و مالية كدليل براءة مفترض لديه ..
من جهة أخرى ،، نأى ترامب بنفسه عن لقاء بوتين رغم أن الحروب و ألأزمات السياسية و الاقتصادية منتشرة على مدى الكوكب كما أن الصراع بين القطبين و المصالح المتضاربة يفرض ألتنسيق .. اللقاء اليتيم بينهما عقد في تموز ٢٠١٨ في هلسنكي دون ان يخرج بنتائج ملموسة ،، و رغم إعلان ترامب رغبته بلقاء بوتين مجددآ إلا أن إدارة ألأخير تجاهلت ألأمر ..
الرهان ألآن على لقائهما أثناء مشاركتهما الذكرى المئوية لإنتهاء الحرب العالمية ألأولى في ١١ تشرين الثاني المقبل في باريس الواقعة جغرافيآ من “حسن الصدف” منتصف المسافة بين موسكو
و واشنطن 4321 Km تقريبآ ،، و سيشجع لا بل سيسعى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على إجتماعهما عله يحمل إيجابيات تنعكس على أزمات العالم المتشعبة: ” حروب عسكرية، إقتصادية، تجارية، عقوبات إقتصادية،، تطرف ديني و إرهاب مستشري إلخ..”
حقيبة ترامب مزدحمة بالملفات رغم أن فِكْرَهُ لدى “روبرت مولر” !! أما حقيبة بوتين فمليئة بأوراقٍ بيضاء سيدون عليها ما يرضيه من خصمه و يتناسب مع مصالح روسيا كقطبآ ندآ لأميركا ،، فَرفع العقوبات الاقتصادية عن موسكو برمزيته إن لم يوقع عليه ترامب في صدر الصفحة ألأولى “فعبثآ يحاول البناؤون” ..
اللقاء إذن وارد الحدوث بعد ضمان ألإتفاق على جملة قضايا: الحرب السورية – قضية القرم و بحر آزوف – ألتهديدات ألإسرائيلية – الحروب التجارية – الوضع التركي و الكردي”..
ليس أدل على تأكيد إجتماع باريس من تحرك مستشار ألأمن القومي ألأميركي جون بولتون لزيارة موسكو في ٢٠ تشرين ألأول الجاري ،، و إن أُعلن عنه تحت عنوان لقاء سكرتير مجلس ألأمن الروسي نيقولاي باتروشيف و بحث قضايا ألإرهاب ،، إضافة إلى زيارة نظرائه في كل من أذربيجان، أرمينيا و أوكرانيا للغاية نفسها ..
بإنتظار اللقاء المرتقب “بوتين-ترامب” ،، يقف العالم في المُنتَصَف على ناصية شارع Saint Honore’ حيث مقر رئيس الجمهورية الفرنسية ‘L’E’lysee لعَلَ و عَسى الغيوم المتلبدة في سماء باريس تمطره بردآ و سلامآ ..!

*كاتب و باحث في ألشؤون ألأمنية و ألإستراتيجية