الغارة الإسرائيلية على حلب.. الاهداف والأبعاد

بِقَلَم ألْعَميد مُنْذِر ألأيوبي*
لَيل ألأربعاء ألماضي ألساعة صفر أوعَزَ قائد سلاح ألجو الإسرائيلي ألجنرال « عميكام نوركين » Amikam Norkin لِقيادة عملياتِهِ بِألتنفيذ ، خلال 10 دقائق أقلَعَت 6 طائرات نوع F35-I تابعة لِلسَرب ألجَوي “ألقَدير” Adir Squadron من قاعدة “نفاتيم” Nevatim ألواقعة في صحراء النَقَب مقر القيادة الجوية الإستراتيجية ISAFC مُتوجهةً شَمالَآ ، حيث استهدفت بصواريخها جو-أرض نوع “بوباي” Popeye سَبعَة مواقع عسكرية سوريَة – إيرانية في محيط مطار مَدينَة حَلب وَ ألمنطقة الصناعيًة “شيخ نجار” شمال شرقي ألمَدينَة وَ تَضُم : مصنع إنتاج صواريخ أرض-أرض “فَجِر” Fajr 5 ، مَخازِن أسلحة وَ ذَخائِر ، مُكونات أنظمة توجيه صاروخية دَقيقَة “وِفقَ إعلام ألعَدو” ،، كَما إستَهدَفَت ألغَارَة أيضَآ قاعِدَة ألطائِرات ألمُسَيَرَة “دون طيار” طِراز MK-82 وَ Shahed 129 في مطار النَيرَب ألعَسكَري وَ هوَ مُنشَأَة تابِعَة لِلحَرَس ألثَوري ألإيراني (( نَقلَآ عَن مَصادِر في ألمُعارَضَة ألسوريَة ))..
تُعتَبَر مَدينَة حَلَب عاصِمَة ألشَمال ألسوري ثاني أكبر ألمُدُن وَ ذات أهَميَة إستراتيجيَة قُصوى ،، فَهيَ مَركَز ألثُقل ألعَسكَري وَ نُقطَة إرتِكاز مِحوَريَة سِواءً بِألنِسبَة لِوََحَدات ألجَيش ألسوري النِظامي أو لِقوات ألحَرَس ألثَوري ،، إذ أنها جُغرافيَآ تُجاور الحدود التركية ألشماليَة رَابِطَةً تُركيا بِألداخِل ألسوري كَما يَجتازهَا ألخط ألتجاري ألمُزمَع إنشاءَهُ بين طهران و ميناء أللاذقيَة ،، وَ تُشَكِل أيضَآ عقدة مواصلات بين العراق و سوريا وَصولَآ إلى ألساحِل أللبناني …
في ألأبعَاد و ألإنعِكاسات ..!
رَسائِل دَقيقَة في ألتَوقيت وَ ألمَضمون حملتها الغارة ألإسرائيلية على محيط مطار حلب تُؤشِر إلى أن قرار إخراج قوات ألحَرَس ألثَوري ألإيراني مِن سوريا أولوية ،، أو على ألأقل تحجيمها و إبعادها عَن ألحدود ألسورية ألجَنوبيَة مسافة 100 Km عَن خط ألهدنة حيث تتمركز قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك UNDOF عَمَلَآ بِألقَرار ألدوَلي رَقم 350 تاريخ 31.05.1974 ..
في هَذا ألإطار سُجِلَ ما يَلي :
مُنذُ أواخر شهر شباط ألماضي وَ بَعدَ ألقِمَة ألأخيرة بوتين – نتنياهو في موسكو تَوقَفَ سِلاح جو ألعدو عَن شَن ضَرَباتِهِ عَلى سوريا فَهَذِهِ ألغَارَة هِيَ ألأولى بَعدَ شَهرٍ مِن أللِقاء تَقريبَآ .
أتَت ألضربَة ألجَويَة إثْرَ قرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ألإعتراف بِضَم هضبة الجولان المحتلة إلى ألدولة أليَهوديَة .
تَزامَنَت مع انعقاد جَلسَة مجلس الأمنالدولي بِناءً لِطَلب مَندوب سوريا ألدائم في ألأمم ألمُتَحِدة د.بشار ألجَعفَري لِبحثو إدانَة الاعتراف ألأميركي بِضَم الجولانالمحتل لِلكَيان ألعِبري .
 
نُفِذَت بَعدَ إجتِماع رؤساء أركان الجيوشألسوري ، ألإيراني و العراقي” مُنتَصَف ألشَهر ألحالي ألَذي عُقِد في دِمَشق وَ بَحَث قواعِد ألتَنسيق ألعَسكَري وَ ألأمنيلِمواجَهَة ألتَنظيمات ألإرهابيَة في بُقعَةالحدود السوريةالعراقية وَ إمكانيَة إعادَة فَتحَها .
 
هَدَفَت إلى تَحذير إيران مِن مُتابعَتَها ألعَمَل في ألمَمَر ألبَري الجاري تَنفيذه من إيران إلى لبنان مرورآ بالعراق عَبرَ سوريا وصولَآ إلى ألساحِل ألشَرقي لِلمُتَوَسِط وَ الذي تَعتَبِره تَل أبيب تهديدَآ إستراتيجيَآ لا يُمْكِن ألتَساهُل بِهِ .
هيَ بِمَثابَة إختِبارٌ بِألنار لِمَنظومَة ألدِفاع ألجَوي ألصاروخيَة S 300 ألتي زوِدَت بِها سوريا مُؤخَرَآ
وَ مُحاوَلَة كَشف مَواقِعَها .
 
إدراج مَطار حَلَب وَ مُحيطِه ضِمنَ بَنك أهداف ألطيران ألإسرائيلي وَ تَوَغُلِه في ألأجواء ألسوريَة لِتَنفيذ غاراتِهِ جاءَ نَتيجَة مُعطيات مَفادَها تَركيز ألحَرس ألثوري قيادَتَهُ وَ قوته ألعَسكَريَة وَ بُنيَته أللوجِستيَة في هَذِه ألبُقعَة – جَبَل عَزان. تَلَة ألمشرف. تَلَة شغَيب – . “نَقلَآ عَن مَصادِر إستِخباراتيَة”.
وجود مَعلومات “إحتِمالية” لَدى جِهاز “موساد” ألعَدو ألإسرائيلي أنَ ألصاروخ SY 301 ذو مَدى 120 Km ألَذي أُطلِقَ عَلى شَمال تَل أبيب ألأُسبوع ألماضي وَ أحدَثَ دَمارَآ ماديَآ على ألأرض وَ مَعنَويَآ لَدى ألسُكان ، مَصدَرَهُ و مُنتِجَهُ مَصنَع ألصواريخ ألإيراني في قاعِدَة ألنَيرَب ،، عِلمَآ أن هَذِهِ ألقاعِدَة تَضُم سَربآ من طوافات سلاح ألجو ألسوري نَوع Mil Mi-17 ألروسيَة ألصُنع .
في ألإستِنتاجات ..!
مَفروغٌ مِنهُ أنَ موسكو تُحافَظَ عَلى مُكتسباتها في سوريا و مَصالحها ألإستراتيجية إذ لا رُجوع إلى ألوراء “نُقطَة أللا عودة” و ذلك أوَلَآ مِن خلال ألإتِفاقيات ألمَعقودَة مَع ألحُكومَة ألسوريَة ،، ثانيَآ مِن خِلال إدارَتَها ألمَيدان ألسوري بِكُلِ تناقضاته و تعقيداته وَ تَنَوع ألقِوى ألعَسكَريَة ألمتواجِدَة عَلى أرضهِ وَ مَصالِح ألدوَلِ ألتابِعَة لَِها هذه ألقِوى حُلَفاء وَ خُصوم ، فَفي ألمَبدَأ لا عمليات “جِراحية” جَذريَة غالِبَآ في مَرحَلَة ألشِفاء ، ألمُعالجات تَكون بِألمُضادات ألحَيَويَة وَ ألمُسَكِنات لِتلافي أيَة مُضاعفات ..!!
رُبَما جَاءَت ألغَارات مَع غَض نَظَر روسي عَقَب زيارة ألرئيس ألسوري إيران عَلى خَلفيَة ألتَبايُن في وُجُهات ألنَظَر بَينَ طهران وَ موسكو حَولَ عِدَة قضايا و تَكتيكات في ألمَيدان ألسوري بِألإضافَة إلى أُفُق وَ شُروط ألتَسويَة ألسياسية ،، مَع إستشعار تَوجُهٍ غَير مُؤكَد مُستَنِد لِتَسريبات مَصادِر عَسكَريَة أن ألقيادة ألسورية تُحاوِل ألتَمَلُص مِن التنسيق مع قيادَة عَمليات ألقوات ألروسية ألمُتَمَركِزَة في قاعِدَة “حمَيميم” ..!
تُحاول إسرائيل مِن مُنطَلَق إستراتيجي تَعديل قواعِد ألإشتِباك عَبرَ تثبيت قُدرَتَها على ألتَوَغل في عُمق ألأجواء ألسورية مَعطوفَآ عَلى قرار حُكومتها ألمُصَغرَة مُلاحَقَة ألتَحَرُكات وَ تَمَوضعات ألقوات ألإيرانية داخِل سوريا و إجهاضَها ..!
رُبَما تَتَناغَم ألضَربات ألجَويَة مع خَرق ألخطوط ألحَمراء ألتي رَسمتها روسيا لِأيران في إنتِشار قواتها لا سيَما في شَمال وَ شَمال شَرق سوريا أو بِما لا تَرغَب بِه تَكتيَآ على ألأقَل ،، إذ أنَ عَدَم تَفعيل مَنظوماتها ألصاروخيَة S-300 وَ S-400 يَطرَح ألكَثير مِن ألتساؤلات ..! هَل تَجاهُل هَذِه ألغارات يَأتي كَتَرجَمة لِتَفاهُمات تَمَت بَينَ ألرئيس بوتين و رئيس وزراء ألعَدو خِلال لقاءِهما ألأخير ..؟ ماذا عن بطاريات S-300 ألموجودة بحوزة ألجيش ألسوري ..؟ هل إستخدامها أيضَآ يخضع لِقرار أو يستوجب تنسيق روسي مقرون بموافقة مُسبقة ..؟
قَد تَكون ألغارات على ألمواقع ألإيرانية تَصُب بشكل غير مباشر ضِمنَ تَوَجُه ألكرملين إنشاء لَجنَة مُهمَتها تَنسيق وَ تَرتيب خروج جَميع ألقوى ألعسكرية مِن سوريا أيَآ تَكُن بِما يَدعَم وِحدتها و إستِعادة سيادتها ،، لَكِن موسكو تَعلَم يَقينَآ أن خُروج وحدات ألحرس ألثوري ألإيراني وَ حِزب ألله يَخضع لِقرار ألرئاسة ألسورية حَصرَآ ،، بِألتَوازي فإن مصلحة روسيا و إيران ألمُشتركة هي إنسحاب جميع ألقوات ألأجنبية من سوريا بما فيها ألقوات ألأميركية ألمتبقية ..!
في نفس ألسياق أتى قرار ألرئيس ألأميركي ترامب ألإعتراف بِضَم ألجولان لإسرائيل ليزيد ألأمور تعقيدآ ،، إذ لَيسَ من ألمستبعد أن يكون هذا ألقرار “قوطَبَة” أو قَطَعَ ألطريق مُستَقبَلآ أمام عَمليَة مقايضَة ألخروج ألإيراني من سوريا بِألإنسِحاب ألإسرائيلي من ألجولان ألمُحتَل ، و ما أعلان ألمتحدثة بإسم وزارة ألخارجية ألروسية ألسيدة ماريا زاخاروفا عَن أن روسيا مُتَمَسكة بِألقرار رقم 2254 تاريخ 18.12.2015 ألصادر عن مجلس ألأمن ألدولي ألذي يَنص على “عدم شرعية إحتلال أي جزء من أراضي سوريا بِدءآ بِألجولان وصولَآ إلى أقصى نُقطَة في شرق ألفرات” سوى رَدٌ تلقائي على قرار ألرئيس ترامب و حافِزٌ لباقي دول ألأمم ألمتحدة إلتزامهم ألقرار ألمذكور ..!
خِتامَآ ،، إنَ تَجدد ألغارات ألعَدوَة على سوريا هو “عَودٌ عَلى بَدء”،، فَهذا ألسُلوك مُستَمِر مُنذُ عام 2013 وَ لَم يُؤدِ إلى أيَة مَكاسِب كَما أنَ إستمرارها حَاليَآ لَن يَكون مَحمودَ ألعوافب لا سيما وَ أنَ ألتَشَدُد لا يَزال سِمَة ألمَوقف ألروسي تِجاه إسرائيل ..! في ظِل تشابك ألمّتَغيرات ألإقليميَة يَبقى ألملف ألسوري على مَكتَب ألرئيس بوتين بِكل صَفحاته يُدَوِن عليها مُلاحظاته فيما خَصَ بُنود ألتَسويَة ألسياسية ألمُرتَقَبَة وَ ألتي يبدو أنها مُدرَجَة ضمن “أجندة” ألعام 2019..