العصر الحجري …!

بِقَلَم ألعَميد مُنذر ألأيوبي *
مِن علوم التاريخ The History Of Science و مشتقاته يعود العصر الحجري Stone Age في بداياته إلى 3 مليون سنة و في تلك الحقبة أطلق عَلى الانسان اسم “اشباه البشر” Hominins كما كان الاعتماد عَلى استخدام الادوات المصنوعة مِن الحجارة و منه بدأ التطور في طبيعة المعيشة و اساليب الحياة ..! و في علم ألمصطلحات Terminology يُسمَّى العَصر الحجريّ القديم بعَصر Paleolithic و هي كلمة من جزأين Paleo عصور ما قَبْل التاريخ أمّا lithos فذات أَصْل يونانيّ تعني ألحجر ..! في هندسة البناء اللبناني يعتبر ألحجر أداة إبداع جميل به تلبس جدران المنازل لتمنحها رونقآ و تعيد طابعها الى كنف الابنية التراثية فجماد الحجر يتحول فنآ رقيقآ و دقة العمل مع الغبار و الشمس الحارقة يحول القناطر المنحوتة باب الحاضر مِن مدخل الماضي أما الدافع الابرز الذي يمتاز و يختص به اللبنانيين فهو عامل “الوجاهة” و لا بأس هنا بذلك طالما ان القضية بريئة في المضمون بين ثالوث النحات و المنحوت و ألراغب الوجيه ..!
هذه المقدمة عدنا إليها في مراجعة تاريخية بعد إرتفاع منسوب إستِخدام العبارة العنوان و عَلى سبيل الذكر لا التعداد عام 2017 هدد وزير الاستخبارات ألإسرائيلي (يسرائيل كاتس) بـ”إعادة لبنان إلى “العصر الحجري” في حال حاول حزب الله الهجوم على إسرائيل بأوامر إيرانية”. محذرآ في نفس الوقت ايران 
و حزب الله مِن اقامة مصانع لاسلحة متطورة في لُبنان معتبرآ في آن خطوة الحريري بالاستقالة من ألعاصمة الرياض بـ”المهمة في إسقاط ورقة التوت عن حزب الله و إيران أيضآ إقرار جامعة الدول العربية أن حزب الله منظمة إرهابية”..!
في معادلة توازن الرعب و تثبيت قَواعد الاشتباك أعلن الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله عام 2018 “أن لُبنان منذ العام 2006 في مأمن و هناك أمن في الجنوب على الحدود و عَلى مستوى كل لبنان ،
لا احد اعطى لبنان هذا الامن انما هو حققه بدماء شهدائه” مضيفآ أن قوات “المقاومة” قادرة على استهداف إسرائيل بأكملها حتى إيلات و إعادتها إلى “العصر الحجري” حال نشوب حرب بينهما ..! يشار الى أن أركان جيش العدو عَلى قناعة ميدانيآ “أن الجيش اللبناني سوف يلعب دورا فاعلا ضد إسرائيل في الحرب المقبلة على لبنان حيث أنه سوف سيعمل تحت قيادة حزب الله”..!
 
وزير الدفاع الإسرائيلي السابق (أفيغدور ليبرمان) سَبَقَ و اعتبر ان الحرب المحتملة المقبلة قد تكون مختلفة تماما عن سابقاتها كما ان قدرتها التدميرية فعالة و سريعة ..! و مِما لا شك فيه ان قيادة العدو لم تعد ترى فرقآ بين الجيش اللبناني وقوات حزب الله نتيجة العقيدة الوطنية الثابتة في الجيش و Behind The Line عبارة أمر بها الملازم محمد قرياني مجموعة مِن جنود العدو بالتراجع الى خلف الخط الازرق خلال محاولتهم نصب شريط شائك موجهآ سلاحه بوجههم مع اتخاذه وضعية الاستعداد للرمي لا زالت مؤرشفة في خوادم جهاز الاستخبارات “ألموساد” المعني بتنفيذ العمليات و تزويد حكومة الاحتلال ألتقييمات الاستراتيجية عَلى مستوى المواجهة في جبهة الشمال ..!
في نفس السياق ؛ وزير الاسكان الاسرائيلي (يواف غالانت) اطلق تهديدآ بات معتادآ : سنعيد لبنان “للعصر الحجري” بحال فتح النار على إسرائيل ..! و في توقيت متقارب مِن العام 2019 كبار ضباط اركان سلاح الجو العدو يرون ان مِن الضرورة في اي حرب مقبلة مع لُبنان قصف و تَدمير البنية ألتحتية الحيوية و أن “مثل هذا الهجوم سوف يعيد لبنان إلى – العصر الحجري”..!
تزامنآ ؛ يَبدو ارتفاع درجة الاستعداد و التدريبات الدائمة لألوية النخبة و المشاة في الجبهة الشمالية عَلى مدار ال 24 ساعة مؤشر جدي الى ان احتمالات الحرب باتَت مرتفعة لدى العدو الذي يعتبر ان الضغوط الاقتصادية و الحصار المالي و الانهيار النقدي كذلك الانقسام العمودي بين القوى السياسية في لُبنان قد تدفع حزب الله الى فتح المعركة ضمن سياسة (الهروب الى الامام) إذ ان الحزب في وضع لا يحسد عليه فالحكومة الحالية حكومته كما ان الوضع الحالي المزري و الغير مسبوق الذي وصل اليه اللبنانيين يعتبر قسم كبير منهم و بِغَض النظر عن الفساد المستشري و نهب المال العام ان مِن أبرز اسبابه أيضآ سلاح الحزب و دويلته المؤسسة و سياساته المحلية و الاقليمية العدائية التي ينتهجها كذلك ساحات الصراع الخارجية المنغمس بها ..!
إستطرادآ ؛ “بيني غانتس” رئيس حزب أبيض أزرق الذي تقاسم الحكومة الجديدة إثر سلسلة اخفاقات في تشكيلها مع رئيس الوزراء الإسرائيلي (بنيامين نتنياهو) بعد جمود سياسي استمر اكثر مِن عام توجه إلى السيد نصر الله قائلاً: “ارحم لبنان، لا تتسببّ في أن يعيده جيش الدفاع الإسرائيلي الى “العصر الحجري” في حال قمتم بعملية إرهابية ضدّ إسرائيل فالدولة اللبنانية ستتحمل المسؤولية”..!
مِن جهة أُخرى ؛ يقتضي القول و الطلب و تحذير المسؤولين اللبنانيين “إرحموا لُبنان و اللبنانيين
و لا تعيدوه الى العصر الحجري” ..! لكن من متطلبات عكس ذلك أن حرائق لبنان في احراجه و البراري التي يضربها اليباس و التي تكفلت بإطفائها طوافات “سيكورسكي” Sikorsky الثلاث المعروضة للبيع حاليآ بالمزايدة العمومية مع خمس طائرات مقاتلة تابعة لسلاح الجو نوع Hawker Hunter تبدو أيضآ مِن علامات الشؤم وفق المنجمين مؤشرآ خطيرآ الى بيع لُبنان بالتراضي بأبخس ألأثمان مع الاسف و الخيبة مِن السلطة السياسية الحاكمة و ألأوليغارشية المتحكمة ..!
توازيآ ؛ بدا جليآ أيضآ أن اعلان وزيرة الدفاع زينة عكر خلال لقاءها مع الاعلاميين يوم امس : لسنا حكومة شراء وقت و علينا ان نكون يدآ واحدة لكي ننجح .. إلخ .. الذي ترافق مع إرتفاع جنوني في سعر صَرف الدولار الاميركي ~ قارب ال 10.000 ليرة في السوق السوداء مع توحش في اكل رغيف خبز الناس و اسعار السلع الغذائية كذلك فقدان المحروقات و إنقطاع التيار الكهربائي لَم يكن سوى مصل الموت الرحيم Sérum for merciful death حاولت السيدة عكر حقن الحكومة به دون جدوى ..!
مؤكدآ لا رواية فإن ألإنهيار سيكون مهولآ ؛ و إذ أعلن مدير عام وزارة المالية آلان بيفاني إستقالته من منصبه معتبرآ “أن قوى الظلمة و الظلم متكاتفة لإجهاض محاولات الانقاذ المالي” مؤكدآ “ان النظام استخدم شتى الانواع لضرب الخطة الحكومية” رافضآ ان يكون شريكآ مضاربآ في غرق السفينة ..! بات مِن الواضح المعلوم ان اركان السلطة دون تحديد خسائر ألحياء أو قطع حساب ألضمير مع هتك المصارف عرض أموال المودعين قد تكفلوا بإعادة الوطن المعشوق الى “العصر الحجري” و تحويل اهل البلد إلى “أشباه البشر” إذ لم يعد مِن حاجة الى أوامر الميجور غيمل Gimel قائدة سرب “نحشون” Nahshon Squadron في سلاح جو العدو بألقصف الجوي العشوائي و اعادة لُبنان الى ما خُطِطَ له طالما أن أهل البيت أولى بالمهمة و أنجزوا ألأمر ..!
بيروت في 02.07.2020