العالَم يَتَداعَى …!!

 

 

 

بِقَلَم ألعَميد مُنْذِر ألأيوبي*

يُزَنِر ألعَالَم أليَوم فالِقٌ زلِزالي كَحِزام ناسِف يٍلُف الكَوكَب بِدءآ مِن ألأميركيتين مُرورآ بأوروبا وصولآ إلى شواطيء بَحرَي اليابان و أخوتسك Okhotsk Sea شَرقَآ ..
و إذا كانَ الزِّلْزال Earthquakeٌ ظاهِرَة طَبيعيَة تَاتِجَة عَن إنزِلاقات ألصَفائح ألتَكتونية Plate Tectonics بَعدَ تراكُم إجهادات داخِليَة نَتيجةً لِمؤثِرات جيولوجية يَترَتب عَنها هَزاَّت تَلي إرتِدادت بِدءآ مِن “ألبؤرة” The Epicenter أمرَآ مَفهومَآ وَ عِلميَآ صَرْفَآ ،، فإنَ ما هوَ غَيرُ مَفهوم أو مُستَغرَب أن يَكون سُكان ألكَوكَب و بِقَرارِهِم ألذاتي يَعيشونَ على صَفيحٍ ساخِن أينَ مِنهُ ألبَراكين ألنَشِطَة و حِمَمَها Lava ألرَحومَّة أكثَر مِن بَعض بَني ألبَشَر ..

بألتَوازي ،، و ضِمنَ مَفاهيم عِلم ألزلازل فإنَ نَظريَة ألإنجِراف ألقاري Continental drift تَتَماثَل أيضَآ مَع مَوجاتِ ألنازِحين
و أللاجئين مِن بَلَدٍ لِآخر حَتى أولَئِكَ ألذينَ إمتَطوا زوارِق ألمَوت كَنَتيجَةٍ حَتميَةٍ لِ”ألصَهارَّة” ألحارِقَة Magma ألناتِجَة عَن أسلِحَة ألحُروب و صَواريخَها ألمُدَمِرَة ألمُنتَظِرَة في صَوامِعَها “بِفارِغِ ألصَبرِ” لِتَنهَمِر عَليهم بِشَغَف “ألتَتَبع ألِإكترونيَ” GPS Tracker وصولَآ إلى جَرفِهِم في مَقابِر أو مَحارِق جٍماعيَة ..

ما هوَ لافِتٌ أيضَآ ،، مِن سُخريَة ألقَدَر أنَ عَدَد “ألصَفائِح ألتَكتونيَة” حوالي سِت أو سَبع وِفقَآ لِتَعريفاتها ،، وَ يُماثِلها في ألعَدَد أيضَآ قِوى ألكَوكَب ألعِملاقَة ألقادِرَة عَلى تَدميرِه وَ هِيَ ألدوَل ألدائِمَة ألعُضويَة في مَجلِس ألأمن إضافَةً إلى ألمانيا 5+1″…

إستِكمالآ ،، أنَ حَرَكَيَة ألصَفائح ألنِسبيَة هِيَ ألَتي تُحَدِد نَوع ألحُدود تَقارُبيَة ، تَباعُديَة أو مُتَحَوِلَة مِما يؤدي إلى نُشوء ألجِبال وَ ألخَنادِق ألمُحيطيَة كَذَلِكَ ألسياسات و ألأِستراتيجيات تُنشِئُ أحلافآ تَتَقارَب أوَ تَتَباعَد ،، أو تَنهار أو تَتَحَوَل َ: Warsaw – NATO – مؤخرآ حِلف MESA “ألناتو ألعَرَبي”.. كَما تَتَهاوى ألمَنظومات ألجيو سياسية فَتَسقُط دِكتاتوريات و تَصعَدُ أنظِمَة ،، إضافَةً إلى تَخَندُق ألقِوى ألعَسكَريَة بِمواجَهاتٍ تَحرُق سَطحَ ألبَسيطَة في حِين أنَ نَواة ألأرض Inner Core مُستَكينَة مُستَنكِرَة ..!!

بَعدَ هَذِه ألمُقدمَة ألجيولوجية ..! نَعودُ إلى ألبِدايات ،، في عام 1942 و خِلال ألحَرب ألعالمية ألثانيَة أنشِأت مُنظَمَة ألأمَم ألمُتحدة بِهَدَف ألمُحافَظة على السِلم العالَمي والأمن وألتعاون ألإقتصادي و ألإجتماعي ألدَولي ،، كَذلِك ألدَفع بإتجاه خَفض ألميزانيات ألعَسكَريَة ، مَنع ألنِزاعات و ألحُروب ألمُستَقبَليَة ، ألحَد مِن إنتِشار ألأسلِحَة ألنَووية ، ألكيمائية و ألدَمار ألشامِل ،، إلا أن تِلكَ الآمال لَم تُدرَك بَعد لا بَل أنَها شِبه مُستحيلة في ظِل إنقِسام العالَم بِدايَةً خِلال ألحَرب ألبارِدَة إلى مُعَسكَرين عِدائيين شَرقي و غَربي ،، وَ لاحِقَآ بَعدَ هَيمَنة “ألقُطب ألواحِد” الولايات المتحدة عَلى ألعَالَم مُؤكِدَةً ضُعف دَور و تَأثير المُنَظمة ألدَولية ألعاجِزَة عَن تَصفير إنتهاكات حُقوق ألإنسان، مَنع ألإبادة ألجَماعيَة، حَل ألأزَمات ألمُستَعصيَة ألمُتَنَقِلَة ..

 

مِن جِهَةٍ أُخرى بَدَأت مَلامِح ظُهور ألثُنائيَة ألقُطبيَة مُجَدَدآ : “روسيا ألإتحادية و ألولايات ألمُتحدة ألأميركية” .. فَمُنذُ عام 2000 تاريخ تَسَلَم ألرئيس فلاديمير بوتين مَنصِبَهُ باشَرَ وَ بِخُطى وَئيدة و صَمت إعادة بِناء روسيا ألحَديثة كَقوة عُظمى ،، فَكانَ نَجاحَهُ أحد أسباب تَجَدُد ألصِراع على مَناطِق ألنُفوذ وَ أمرَآ لا مَفَر مِنهُ ، كَما عَادَت ألحروب بِألوكالة للظُهور و ألتَمَدُد ،، أما أليَوم و بَعدَ صُعود ألتَنين ألصيني إقتصاديآ و صِناعيآ ، أفُقيآ و عامُوديَآ فإنَ ألمَنظومَة ألسياسية ألعالَميَة تَنحو إلى “ألتَعَدُديَة ألقُطبيَة”..!

بِألتَزامُن ،، باتَت ألحَرب ألعالَمية ألثالثة أمرَآ واردآ أكثَر مِن أي يَومٍ مَضَى !! تَلوحُ بوادرهَا في ألأفُق وِفقَ عَوارِض تَراكُميَة :
“فلَسطين ، جَنوب لبنان ، ألرَبيع ألعَرَبي ، ألحَرب في سوريا ، ألتَدخُلات ألتركية ، ألحَرب على أليمن ، حُروب أفغانستان و جَماعة طالبان وَ ألقاعِدَة ، كوريا ألشمالية و بَرْنامجها ألصاروخي ألنووي، ألتَوتُر ألحُدودي بين ألهند و ألباكستان ، إيران و بَرنامجها ألنَووي وَ تَمَدُدِها ألإقليمي ، ألحروب ألداخلية ألأفرو-أفريقية ، شبه جزيرة ألقُرم و ألأزمة ألأوكرانية، وصولآ إلى فنزويلا و ألمُثَلَث الذَهَبي في أميركا أللاتينية” إلخ ..

وَ زَادَ في تَفاقُم ألأمور قَرار ألرئيس ترامب إنسِحاب ألولايات ألمُتحدة مِن إتفاقيَة ألحَد مِن ألصواريخ ألقَصيرة و ألمتوسِطة ألمَدَى MRBM ألمَعقودَة سَابِقَآ مع ألإتحاد ألسوفياتي مِما يَعني حُكْمَآ ألعَودَة إلى سْباق ألتَسَلُح ،، بِألمُقابِل أتى رَد ألرئيس ألروسي بوتين أمَام ألجَمعيَة ألفِدرالية أوَل مِن أمس غَيرَ مَسبوق :
“إن رَد فِعل موسكو على أي نَشر للصواريخ في أوروبا سَيَكون حازِمآ و يَتعَيَن عَلى صُناع ألقَرار ألأميركي حِساب ألمَخاطِر قَبل أي خُطوَة” .. و بألرُغم مِن تأكيدِه عَدَم سَعي روسيا لِلمواجَهة أو تَفعيل مَنظوماتِها ألصاروخية ، إلا أنَه إستفاضَ في كَلْمَته عَن تَطور ألأسلِحَة ألروسيَة و ألقَفزَة ألنَوعيَة ألتكنولوجيَة ألمُحَققَة إضافَةً إلى قُدُرات ألرَد ألنَوعي ألمؤلِم ..!

فَجاءت ألجَردَة ألمُلفِتَة ألتي قَدَمَها لِنَوعيَة ألأسلِحة ألروسية ألحَديثة ألمُتطوْرة و مَداها و فَعاليتَها صادِمَة للخُبراء ألعَسكريين و شرِكات تَصنيع ألسِلاح ألغَربية و مُختَبراتها بدءآ بألصاروخ بحر-بحر ألمُضاد للسُفُن Zircon-3M22 ألأسرَع مِن ألصَوت – ألمنَظومَة ألصاروخيَة ألأسرَع مِن ألصَوت أيضَآ Yu-71/74 Avangard
ألمَحمولَة على عَربات HGV – ألغواصات ألنَووية ألمُسَيَرَّة عَن بُعد ، إضافَةً إلى حامِلات ألطائرات و ألسُفُن ألسَطحيَة ألشَبٍحيَة Ghost Fleet إلخ ..

مِما تَقَدَم ، واضْحٌ أن فَرض ألوجود ألروسي عَلى ألساحَة ألدَولية أصبَحَ قَدَرَآ مَحتومَآ كَما أنَ ألنُفوذ ألجيو سياسي أمرَآ واقعآ في ظِل ألقُدرَة ألعَسكرية غَير ألْمَحدودَة ،، وَ بَاتَت لُعبَة ألتوازُنات ألدَوليَة تَفرضُ نَفسَها على ألطَرَفَين إذْ أنَ ألمُعادَلة صَعبَة وَ طَريق مُواجَهَة موسكو صَارَت وَعِرَة لَيسَت كَما في ألسابِق و ألعَكس صَحيح ..!

خِتامَآ ، “توازُن ألرُعب” Balance of Terror سَمَاهُ “ليستر بيرسون” Lester Pearson رئيس وزراء كندا ألحائِز جائزة نوبل لِلسلام – “ألسَلام ألهَش” Fragile Peace ،، وَ بِألإمكان تَحويلُه إلى فُسحَةِ “سَلامٍ سَلِس” Smooth Peace إذا أحسَنَ كِلا ألرئيسَين “ترامب و بوتين” إستيعابَهُ ، و مِن ألخطورَة بِمَكان لا بَل هوَ خَطَأٌ مُميت تَجاهُلَه أي “توازُن ألرُعب” سَواءً مِن قبل ألبنتاغون و دَوائِر ألقَرار ألأميركي أو مِن قِبَل ألكرملين .. إذ لا بُد مِن تَرك ألزَلازِل لِلطَبيعَة ألرؤوفَة ، و ألإنصِراف إلى إحلَّال ألسَلام في ألعَالَم وَ تَحقيق رَفاهيَة ألبَشَريَة ..

*عَميد،كاتِب وَ بَاحِث ..