الصَرخَة…

بقلم ألعميد منذر ألأيوبي*
تَحتَل بكركي مَكانةً خاصَةً في عُقول و قُلوب أللبنانيين مُنذُ زَمَن ألبطريرك ألياس ألحويك ألكُلي ألطوبى ألصَارِخُ يَوْمَآ بِوَجه ألإنتداب ألفرنسي
” طائفتي لبنان ” ،، و ألذي اعتَبَر ألوحدَة ألوطَنيَة اللبنانية أمانةً هي بمَثابة “ألوَديعَة ألثَمينَة” مُؤَديَآ دَورًا قياديًا وَسياديَآ بارِزآ في إستقلال لبنان و وِلادة دَولَة لبنان ألكَبير عام ١٩٢٠.
مِن هَذا ألمُنطَلَق و في إستمراريةٍ لِدَورِ أسلافِه ألوَطَني ألجَامِع ألمُتَجَذِر تاريخيَآ دَعا ألبطريرك ألماروني مار بشارة بطرس ألراعي رؤساء ألكُتَل ألنيابية و ألنواب ألمَوارِنة إلى لِقاءٍ تَشاوريٍ في ألصَرح ألبطريركي و ذَلِكَ لِلبَحثِ في “إنقاذ ألجُمهورية” …
لَا شَك أنَ عَمَليَة ألإنقاذ تَستَوجِب ألتَعاون و ألتَكاتُف و تَوحيدِ ألرؤى بَينَ مُختَلَف “ألشُعوب أللُبنانية – سركيس نعوم” بِطوائِفها و مَذاهبها كَما أحزابها و تياراتها حَول لبنان الدَولة و الكَيان و الدُستور ،، حَول لبنان ألتَعدُدية و العَدالَة الاجتِماعية و الحُقوق ،، حَولَ السياسات ألمُتَبَعة ،، الارتباطات الخارِجية ألإقليمية و ألإنقِسامات السياسية ..
و مِن مَبدأ “إبدأ بِنَفسِكَ ثُمَ بِأخيك”،، مُقتَنع سَيد بكركي أنَ جَمع ألعائلة ألمارونية و تَرتيب ألبَيت ألداخلي هوَ بِدايَة طَريق ألإنقاذ ألوَطَني و عَلى هَذا ألأساس إجتَمَع ألشَمل تَحتَ عَباءتِه كُلٌ على كُرسِيه جَالِبَآ مَعه خُصوماتَه وَ مُستَحضِرَآ طُموحاتَه و ما بَينَهُما ..
إستِطرادآ و بَعيدآ عَن مَواقِف ألأفرِقاء و مُشاركَتهم ، مَن حَضرَ وَ مَن غَابَ ، مَن مَثَل أو تَمَثل ،، إضافَةً إلى طُروحاتِ و آراءِ كُلٍ مِنهُم كَما إنشِقاقاتهم و خِلافاتهم و مُشاكساتِهم ألَتي لا تَنتَهي ،، فإنَ ما يُريدُه سَيد بكركي مِنَ أللِقاء يَتَلَخَص في عُنوانه بِعِبارَة : “صَرخَة إنقاذ ألْوَطَن”.!
⁃ ألصَرخَة بألعَربية في مَعاجِمها أللُغوية هي : “إستغاثة أو صَيحَة شَديدَة نَتيجَة عاطِفَة كَالخَوف أو الفَرَح” ..
و ألكاردينال البطريرك ألمَرجَع ألوَطَني ألجامِع ألقَلِق هوَ مَن أطلَقَها و مِن هُنا أهَميتُها و قِيمَتها .. إنها صَرْخَة إستِغاثَة إذَن ..!
هُنا يُطرَح ألسُؤال مِن مَاذا و مِمَن نَستَغيث ..؟؟
و ألسُؤال ألثاني مَن ألمُغيث ..؟؟
ألجَواب عَلى ألأول سَهلٌ و مَعروف ،، فألبطريرك بإسم ألناسِ يَستَغيث بِسَبب مُعاناة ألمواطنين مِن أوضاعٍ مَعيشية، حياتية، صُحية و أقتصادية قاسية إضافَةً إلى هِجرةٍ فَرَغَت ألْوَطَن و أزمةُ نُزوحٍ و لُجوء و إنعِدام ضَمانات الحَياة الكريمَة ألهانِئة الخ …
أما ألإستِغاثَة فَهيَ مِِن طَبَقَة سياسيَة مَالية فاسِدَة
و مُفسِدَة بِمُعظمِها ، و مِن قُصُورِها في إدارة أجهِزة ألدَولة و مَلفاتها و سياساتها إلى حَدٍ بَاتَ إضمِحلالها وَشيكآ ..
يُشَكِل ألجَواب على ألسؤال ألثاني جَوهَر ألقَضيَة : “مَن ألمُغيث ؟؟”
عَلى قولِ أبناء قَريَتي “لَو كانَ ألحَاصود مَوجودآ ما إبتَلَ ألقَمح” .!! وَ لو كانَ ألمُغيثُ مَوجودَآ لَمَا كنّا وَصَلنا أصْلآ إلى هَذِه ألحَال ،، قالَ : “فيك إلخِصامُ و أنتَ ألخَصمُ و ألحَكَمُ – ألمتنبي”..
لَكِنَ صَاحِب ألنيافَة و مِن وَحي قَولِ ألرَسول مُحَمَد عَليه ألسَلام : “و ألله في عوَنِ ألعَبدِ مَا كانَ ألعَبدُ في عَونِ أخيِه” يَمُدُ لَنا يَد ألعَون عَلى رَجاءَ أن يُعِينَهُ و يُعينَنا ألله ..!
ألثَوابِت أل ١٣ ألَتي تَضَمنَها ألبَيان ألخِتامي لِلِقاء ألماروني ألتَشاوُري بأبعَادها ألوَطنية و ألسياسيَة و ألإقتصاديَة أتَت شَمعةً مِن مَذبَح بكركي لِتُنيرَ دَربَ مُستَقبلٍ مُظلمٍ نَسيرُ إليه طَوعَآ ، و ذَلك عَبرَ ألدَعوَة إلى ألتَمَسُك بألدُستور و مِيثاقِ ألطائْف و تَأليفٍ سَريعٍ لِحُكومَةْ وِحدَةٍ وَطَنيَةٍ فِعْلآ لَا شَكلآ إضافَةً إلى تَمتين ألتَضامُن ألوَطَني لِمواجَهَة ألأخطار و ألحُروب ألتي تَتَهَدٍد ألْوَطَن ألرِسالة ..
لا جُنْدٌ عِنْدَ بكركي و لا معجِزات لِفَرضِ وِحدَة ألمَسيحيين ألموارِنَة عَلى ألأقَل و إلتِقاء قَادتهم عَلى كَلِمَةٍ جَامِعَة و يَقظَة وَطَنيَة مُتَرَفِعَة عَن ألأنانيات و ألمَصالِح شَخصيَة ،، و إذا كَانَ ألواجِب ألوَطَني الذي يَدعوهُم لِلإرتِقاء إلى مُستَوى مُواجَهَة ألأخطار ألكُبرى ألمُحدِقَة بِألجُمهوريَة و ألمِيثاق هُم عَنهُ لاهُونَ ،، فَما عَليهِم سِوى ألإلتِزام بِالواجِب ألديني و تَعاليم ألكَنيسَة و سَيدِها فَهُم بإسمِ ألطائِفَة تَرَبَعوا و بِها و بالوَطَنِ مُلْزَمونَ وَ لَو كَرِهَ ألكافِرون ..
*عَميد، كاتِب وَ بَاحِث .