مي منسى درة على جبين الصحافة وحكاية اخلاق لا تُنسى

مي منسى…
الوجع عميق، والحزن مؤلم…
وجعٌ عميق لغياب وجه ملائكي آخر من وجوه الظلال الرديفة للاخلاق العالية المقام، ووجع لبراءة الانسان الصافية. وجعًٌ على غياب من حملت طوال سنيها قلباً أطيب من قلب عصفور، وقلماً من أنبل الاقلام الاديبة في وطني، وطيفاً أرق من طيف نسمة صيفية.
مي منسى التي شاءت الاقدار أن أتشرف بزمالتها طيلة 17 عاماً في جريدة ” النهار” كانت الصرخة المدوية بصمت…والدعوة الدائمة لطهارة النفس الانسانية، والارتقاء بالذات، الى أعلى مصاف المبدعين والخالدين والقديسين ممن يخلقون من الركود حياة… ومن الجماد ثورة…
كانت مي تحرضنا جميعاً على السموِّ الانساني..
قد تكون العبارة التي وصفت بها مي منسى يوماً بأنها “حبر تعشقه الكلمة” هي ما تعبر عنها فعلاً،  فهي لم تكتب يوماً في نقد ظاهرة ثقافية، إلا أثقلتها قيمة ومعنى، وأعطتها أبعاداً رؤيوية وفلسفية، وغاصت في أعماق الاعماق، لتخرج بمادة غنية تقدمها لقرائها في القسم الثقافي. ولا كتبت نقداً في أي انتاج فني مسرحياً كان، او تشكيلياً، او حتى قراءة في كتاب، ولا حاورت شخصية ثقافية الا وأغنت العمل الابداعي نفسه بعبارات وصياغات فريدة، واضاءت على مكامن النقص فيه لإكماله وليس للنيل منه.
كانت مي منسى تحمل في يدها مبضعاً أقوى من كل الاقلام، لكنها ما استخدمته يوماً في التجريح، ولا آثرت ان توجه نقدها نحو السلبية الرعناء ولا الى الابتزاز المرذول.
مي منسى كانت درة الخير المشعة والمتألقة دوماً على صفحات “النهار” وستبقى شعلة وضاءة على جبين الصحافة اللبنانية والعربية، وحكاية أخلاق لا تنسى في تاريخ لبنان.
رحم الله مي منسى، وألهم ذويها الصبر والسلوان.
                                                عباس صالح