هل تستعيد أميركا دورها في سوريا؟..

بِقَلَم ألعَميد مُنْذِر ألأيوبي*

سبعة قنابل نوع GBU-38 JDAM القتها عدة طائرات اميركية هجومية مقاتلة نوع Fighting Falcon F-16 ليل الخميس الماضي، على منشأة عسكرية تقع ضمن الاراضي السورية غربي نهر الفرات بريف محافظة دير الزور الشرقي بالقرب من نقطة المراقبة والسيطرة الحدودية مع العراق، ادت الى تدميرها ومقتل 22 عنصرآ من الحشد الشعبي وحزب الله العراقي كانت كافية لتقلب مشهد الانكفاء، فخلافآ لكل التوقعات اتت الضربة الجوية مفاجأة غير محسوبة او متوقعة فهي الاولى التي تنفذها القوات الاميركية على سوريا في ظل ادارة الرئيس الاميركي جو بايدن.

 

تاليآ؛ بدا واضحآ ان ابلاغ قيادة العمليات العسكرية الروسية في قاعدة حميميم قرار الضربة الجوية قد تم بعد اقلاع السرب الاميركي وتحليقه، اي قبل عدة دقائق من الانقضاض على الهدف، في خرق واضح للإجراءات المعتادة المتفق عليها المتعلقة بقواعد “منع الاشتباك” في الاجواء السورية تلافيآ لاية اخطاء. مما أثار غضب موسكو التي أدانت الغارة الجوية الأمريكية، داعية واشنطن إلى احترام سيادة سوريا.

وفي تصريح لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اعتبر “وجود القوات الأمريكية في سوريا غير شرعي، ويتناقض مع جميع أعراف القانون الدولي، بما فيها قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 الخاص بالتسوية السورية”.

كما اكد أن “العسكريين الروس والأمريكيين لا يزالون على اتصال في إطار آلية التنسيق “منع وقوع الاشتباك”، مشددا على “الأهمية القصوى لاستئناف الاتصالات على المستوى السياسي والدبلوماسي بين موسكو وواشنطن بشأن سوريا.!

من جهة اخرى، إذا كانت الغارة الاميركية في محدودية تأثيرها تحاذر ان تكون سببآ للإنزلاق نحو مواجهة مفتوحة، كما في خلفيتها التكتية الميدانية والعسكرية اتت نتيجة توفر معلومات استخباراتية مصدرها جهاز المخابرات الوطني العراقي INIS “رغم نفي الجهاز لذلك لاحقآ” على اعتبار ان المنشآت تستخدم من قبل عدد من قوات الميليشيات المدعومة من ايران، وذلك ردآ على الهجمات الصاروخية التي حصلت في ألآونة الاخيرة واستهدفت مراكز اميركية في العراق ادت الى مقتل متعاقد اميركي مدني وجرح آخرين؛ فإن خلفيتها السياسية الاستراتيجية بعيدة عن منهج الفعل ورد الفعل، خِلافآ لما اوردته صحيفة “نيويورك تايمز” بل تدخل في باب الرسائل المتبادلة سواء السلبية او الايجابية، ومن باب تحسين الشروط او توسيع الخيارات بين الولايات المتحدة وايران قبل مفاوضات مرتقبة تتعلق بالعودة الى الاتفاق النووي، بالتزامن مع التزام الاخيرة بنوده، لا سيما وقف عمليات التخصيب وبالتوازي مع رفع العقوبات الاميركية جزئيآ.

إستطرادآ؛ مما لا شك فيه ان الادارة الاميركية الحالية في موقع المنتصف بين فريقين حليفين الاول الدول المتضررة او الرافضة لعودة الولايات المتحدة الى الاتفاق “إسرائيل – بعض دول الخليج” والآخر تلك المستفيدة او المقتنعة به “اطراف اتفاق 5+1″وض هي بالتالي (ادارة بايدن) لا تستطيع البقاء في المنطقة الرمادية ذات سِمَة التردد ان لَم نقل الارتباك مما يعني “الضعف او العجز”، و ذلك لاسباب عدة ليس اقلها تعهدات اطلقها الرئيس بايدن خلال حملته الانتخابية..

إستنتاجآ؛ يبدو من خلال الضربة العسكرية الجوية ان الرئيس بايدن يكرس خياراته الاستراتيجية المفتوحة على خطين، اولآ انها ليست امتدادآ لخيارات الرئيس الديمقراطي الاسبق باراك اوباما، كما انها غير متوافقة لا بل متعارضة مع قرارات سلفه الرئيس دونالد ترامب. فالمتحدث باسم وزارة الخارجية Ned Price اعتبر ان سياسة الضغط الاقصى عَلى ايران باءت بالفشل، لا بل حفزت طهران عَلى الاقتراب اكثر من امكانية انتاج السلاح النووي، كذلك الدعوة الى انهاء الحرب اليمنية، مِما يعني ان الخيار الديبلوماسي سيبقى المرجح دائمآ و إن ترادف مع بعض مظاهر القوة التي تأتي او تصب في السياق.

ختامآ؛ بالرغم من انغماس الرئيس بايدن وادارته في مواجهة وباء COVID 19 ومعالجة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية الداخلية، فإن حيز الاهتمام بالملفات الخارجية سيمضي قُدُمآ وان بوتيرة بطيئة؛ كما ان العبرة مِن الغارة الاميركية ليست بنتائجها العسكرية بَل بمؤشراتها السياسية المرمزة عَلى الصعيد الاقليمي وفيما قاله وزير الدفاع الاميركي Lloyd Austin “واثقين مِن الهدف الذي سعينا لأجله – نحن نعرف ما ضربنا”. اما تفكيك شيفرة عباراته فتعني ايضآ استعادة الدور الاميركي في سوريا. و الامور مرهونة بنتائجها و اوقاتها..!

———-

بيروت في 28.02.2021