“LBC” ترتقي بالاعلام الى الدور الانساني فيما تروج الشاشات اللبنانية الاخرى للابتذال والتسخيف والسطحية

الدنيا نيوز – دانيا يوسف

—————-

 

بينما تحفل الشاشات الاعلامية اللبنانية ليلة رأس السنة ببرامج المسابقات والتهافت على استقبال المنجّمين وأحاديث التوقعات والأبراج، يطّل الاعلامي مالك مكتبي عبر شاشة المؤسسة اللبنانية للإرسال بقصة إنسانية وقضية تحرّك العقل وتهز العواطف والوجدان.
حلقة معدّة بحرفية وإتقان بعنوان “الدمية”، اشتغل عليها صاحبها على شكل فصول وعناوين تأسر المشاهد لتتّبع خيوط القصة/القضية.
رولا وريم وفرح كنّ ضحية طلاق والديهم. بعد الانفصال عن والدهن والطلاق منه، وبهدف الضغط عليه لأنه لا ينفق على أطفاله الخمسة الذين بقوا في عهدة والدتهم في بيروت، ترسلهم أمهم هناء الى والدهم حسن في طرابلس ليتحمّل كامل المسؤولية تجاهم. وبعد عجزه عن إعالتهم، يتفق حسن مع أحدهم بإرسال بناته الى أحد الأديرة في فرنسا ليتسنى لهنّ العيش بشكل أفضل. وبعد رحيلهن، يفقد حسن الاتصال بالشخص الذي توّلى المهمة بسبب وفاته ويصبح مصيرهن مجهولا لمدة 25 عاما. وبعد أن مسك مكتبي القضية ونتيجة البحث، توصّل الى أماكن وجود الفتيات الثلاثة قي ايطاليا بالتحديد وقرّر اصطحاب حسن وهناء الى هناك في محاولة للمّ الشمل وايضاح الأسباب لهن عن سبب تخلّي والدهم عنهم.
يصل الى إحدى الفتيات التي غيّرت اسمها من ريم الى فالنتينا وهي التي كانت في الثالثة من عمرها يوم وصلت ايطاليا. وبعد اتصالات عديدة ومحاولات حثيثة لتلتقي بوالديها البيولوجيين، تأتي بمشاعر باردة وتؤكد لهما أنها لا تكنّ لهما أي كره ولكن مشاعرها الحقيقية لعائلتها التي تبنتها وربّتها ومنحتها الحب ولحياتها الحالية. وتتركهم كما لو كانوا غرباء وتسير في طريقها برفقة صديقها.
الفتاة الثانية “رولا” التي أصبح اسمها “كارلا” شكّلت محور الحلقة بدموعها السخية ومشاعرها الجيّاشة ورغبتها الحقيقية في نبش الماضي والذاكرة ومعرفة أسباب هجرها من قبل أهلها الحقيقيين. كارلا التي تحن إلى رولا القديمة والى لغتها العربية التي نسيتها، نجدها بداية تغفر لوالدتها وتشعر بالكره تجاه والدها خاصة أنها عانت من قسوة أمها بالتبني التي كانت تضربها باستمرار. افتقادها الى العاطفة والمعاناة التي عاشتها دفعاها للزواج من رجل يكبر والدها سناً وأنجبت منه أربعة أولاد.

أحضر مالك مكتبي لرولا من لبنان صندوقا للذكريات تضمّ صورا لها وهي طفلة ولأخوتها ولجدّها وجدّتها والملفت هو حفظها لكل التفاصيل بما فيها رائحة عطر أمها التي رشّها أمامها من زجاجة فاحتضنتها بشدة. وعندما ظهرت لها هناء عانقتها بحرارة برغم صعوبة التواصل بين الام والابنة بسبب عائق اللغة. اللحظة المؤثرة كانت عندما اصطحبها لترى والدها وهي تشعر بالكره نحوه، لكنها وفور رؤيته تعانقه بشدة فيقدّم لها دميتها التي ما زال يحتفظ بها.
الحلقة تثير تساؤلات عدة حول مَن المذنب ومَن الضحية؟ لكن أهم ما قدّمته هو موضوع التسامح وإن كان في حالة رولا قد يكون في غاية الصعوبة. ف”رولا” تطلب من والدها مسامحتها لأنها كرهته طيلة 25 سنة وتشير في الوقت نفسه إليه أن يسامح نفسه لأنه هو مَن جعلها تكرهه. لم تنته الحلقة بعد وقد تكون التتمة متعلقة بالأخت الثالثة ولكن الرسالة منها وصلت وبعمق إلى كل مَن تتبعها بدهشة وتأثّر بأحداثها.
في ظلّ الإسفاف والابتذال الذي يسيطر على معظم البرامج التلفزيونية، يسجّل لمالك مكتبي من خلال سلسلة “الدمية” الحرفية والبراعة في الإعداد وفي احترام المشاهد اللبناني والعربي والتأكيد بأن الاعلام يمكن أن يحمل رسالة نبيلة ويكون مؤثرا وفاعلا.

——————