“Gone With The Wind” ذهب مع الريح رواية من روائع الادب العالمي

 

“الدنيا نيوز” – دانيا يوسف

 

إنّها صاحبة الرواية الوحيدة، الرواية التي جعلتها من أشهر الروائيات. إنها مارغريت ميتشل، التي ولدت بمدينة أتلانتا بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1900.
في شبابها عملت مارغريت ميتشل كمراسلة صحفية في جريدة أتلانتا، وقد ألّفت روايتها الوحيدة “ذهب مع الريح” هرباً من الملل وذلك أثناء مرضها الذي أبقاها طريحة الفراش مدة طويلة، وقد شرعت بتأليف روايتها بطريقة غريبة، فكتبت الفصل الأخير أولاً ثم كتبت فصلاً في الوسط، ثم عادت إلى ما قبل الفصل الأخير وهكذا. وقد ساعدها على ذلك ذاكرتها القوية، كما استفادت في تأليف روايتها بما سمعته من قصص عن الحرب الأهلية الأمريكية، وبما توافر لديها من معطيات تاريخية، فكانت المحصلة رواية ضخمة لم تنشر إلاّ عام 1936. وفور صدور الرواية، حطّمت الأرقام القياسية للمبيعات، وفازت عام 1937 بجائزة البوليتزر الأدبية. توفيت مَرغريت ميتشل عام 1949 على أثر حادث سير، فيما كانت في طريقها إلى حفل تكريمي لها.
أحداث الرواية:
تقع أحداث رواية “ذهب مع الريح” على امتداد اثني عشر عاماً من حياة “سكارليت أُوهارا” الشخصية الرئيسية بالرواي، حيث تقدّمها أحداث الرواية كشابة جميلة ومدللة معروفة بحدة مزاجها وأنانيتها وطموحها وقوة إرادتها. تعيش سكارليت مع أسرتها الجنوبية الأرستقراطية التي تضم ثلاث بنات هي اكبرهن سناً وخدم من العبيد في منزل فخم بمزرعة “تارا”.
تبدو سكارليت أوهارا وعائلتها كنموذج للمجتمع الأرستقراطي الجنوبي الذي طبع الحياة هناك بطابعه الخاص وتقاليده قبل اندلاع الحرب الأهلية الأمريكية عام 1860، وهو المجتمع الذي تقوّضت أركانه بما مرّ عليه من متغيّرات خلال تلك الحرب وبعدها. فسكارليت تبدو ضائعة في تحديد هويتها ومكانها، هذا الضياع يتجلّى في عواطفها الموزّعة وغير الناضجة، وفي الرجال الذين مرّوا بحياتها. وفي الوقت ذاته تظهر بشخصيتها القاسية الوصوليّة، التي تدوس على عواطفها وإنسانيتها ساعة تشاء وإن على حساب عواطف من تحب ومشاعرهم.
فمع اندلاع الحرب الأهلية، تعيش “مزرعة تارا” ظروفاً قاسية، وتفقد سكارلت زوجها ووالدتها، فتصبح مسؤولةً عن أسرتها بعدما غدا والدها شبه مجنون. خلال هذه المحنة تظهر قوة شخصية سكارلِت وجرأتها. ومع انتهاء الحرب بهزيمة الجنوب، تنخرط سكارلِت في طبقة رجال الأعمال المستجدّة عبر أساليب ملتوية ولا أخلاقية، ولكنها تبرر أساليبها تلك بأنها تريد الحفاظ على “مزرعة تارا” وتسديد الديون المترتبة عليها. ولكن برغم تحقيقها هذا الهدف، فإنها تواصل نشاطاتها التجارية، لتغدو سيدة أعمال ضمن الطبقة الجديدة التي أنتجتها الحرب الأهليّة. فتخطف خطيب أختها وتقترن به طمعاً في ثروته، فيما عواطفها تتجه نحو رجل متزوج طوال الوقت، وتهجر مزرعة تارا، وتقيم في المدينة تماشياً مع نشاطها التجاري المتزايد. وبعد مقتل زوجها تقترن بـ”ريت بَتلِر” أحد أفّاقي المرحلة السابقة، وأحد أثرياء الوقت الراهن. هذا الزواج ونتائجه المأساوية التي تتوالى، ستجعل سكارليت تواجه الحقيقة المرّة، وهي أنّها لم تكن تعرف من تحب ومن تكره، وأنها لم تعد تشبه نفسها، ولم يعد لديها أي يقين، إلاّ بأمر واحد هو حبّها مزرعة تارا، فكل ما فعلته كان من أجل تلك المزرعة، ومن أجلها فقدت من تحب: من زوج وابنة وحيدة. فتقرر سكارليت أوهارا العودة إلى تارا، لتبدأ من جديد، وهي تقول: وغداً يوم آخر.
أبرز ما عالجته الرواية:
في رواية (ذهبَ مع الريح) تأتي الأحداث على خلفية انعكاسات الحرب الأهلية الأميركية في ولايات الجنوب الأميركي وحالة الدمار التي عاشها ملّاك الأراضي الزراعية، وما جرّته الحرب من نتائج جذرية غيّرت طبيعة المجتمع في هذه الولايات، لعل أبرزها انهيار الكيانات الإقطاعية وتحرير العبيد، ما أحدث خللاً اجتماعيا واقتصادياً كبيرين، زاد من حدّتهما فرض قيم المجتمع الشمالي الصناعي المنتصر في الحرب، على المجتمع الجنوبي الزراعي المهزوم. حيث تبدو سكارليت تجسيداً قاسياً لحالة الضياع التي عاشها هذا المجتمع، بعد أن تهاوت طبقات اجتماعية بتقاليدها، لتقوم طبقات اجتماعية جديدة، بنت ثروتها بطرق استغلالية بشعة.
مكانة الرواية وأثرها:
تعتبر رواية ذهب مع الريح من أشهر الروايات على الإطلاق، وقد ترجمت إلى عشرات اللغات، وتعد من أولى الروايات التي تناولت الحرب الأهلية الأمريكية. ولئن باتت تعتبر إحدى كلاسيكيّات الرواية، فإنها قد اقتبست سينمائياً في فيلم حمل العنوان ذاته، وبات من كلاسيكيات السينما الروائية.