لبنان في انتظار حدث..!

بقلم العميد مُنذِر الايوبي*

يبدو المشهد السياسي مرحليًا سواء على مستوى الاقليم الشرق اوسطي او المحلي المتلقي، المنتظر انعكاسات ومجريات كما تداعيات حراك الاول “الاقليمي” الاشمل والاكثر سخونة بلاعبيه الاكبر حجما وتأثيرا، سواء على الصعيد السياسي او الحراك الديبلوماسي المتزاوج مع الامني، ام على ارض الميدان وساحات الصراع بالحديد والنار، ذات التنوع الطَقسي المتعددة الطُقوس، دمويآ داميآ الى حد منع الغذاء والدواء عن الضحايا الاحياء، فيما تستحيل جثث الاموات رمادآ يمتطي الريح ان هبت على توقيت تسويات وتفاهمات لاحقة مؤجلة..!
تاليآ في اتقان اللعب لِ سعة خشبة المسرح جغرافيآ، تبين ان قابلية التمدد الجيوسياسي ضرورة في كثير من الاحيان، من خلال ضم بعض دول المحيط الاقرب المعتبرة حدائق خلفية وان متيبسة، ساحات انتظار لدول تصطف احاديآ، عسى تطالها هوامش الحلول، او تحقن بمهدئات من مشتقات الافيون Opium، المصنعة لدى الطالبان من “الخشخاش” الافغاني الاكثر جودةً، لا سيما بعد عودة فتيان المارينز الى قواعدهم..!
وفيما تؤمن المشتقات الافيونية بعد المعالجة الكيميائية عقاقير الاستخدام الطبي، الا ان سائل “اللاتكس” Latex الناتج عن خدش قرون البذور غير الناضجة بالات حادة، يتشابه انتهاء نضوحه في صفراوية اللون مع كعكة اليورانيوم الصفراء Yellow Cake وقود المفاعلات Moderator النووية في المنشآت الايرانية “نطنز-آراك- بوشهر- اردكان”..! كما ان نجاح اجتماع فيينا المرتقب في 29 الجاري بعد طول انتظار بهدف احياء الاتفاق حول البرنامج النووي، يحتاج الى رفع درجة التخصيب السياسي بطريقة “فصل النظائر” Isotope Separation لحظ وحفظ المواد المخصبة عن العادمة المنضبة..!
من جهة اخرى؛ وانطلاقا من مبدأ تجدد الاستراتيجيات بالتزامن مع القابلية الجيوسياسية، فان تقليص بقع الصراع مع رفع درجة اللهب تعني التركيز على الاهداف كاوراق تفاوض منجزة وجاهزة لصالح المنتصر.. اما تمدد بقع الصراع وتوسعتها مع تخفيض درجة الحرارة، فقرار العقول الدولية حلول لحظة تنفيذ الاذرع الاقليمية المطلوب منها وبالتالي الدفع نحو الجلوس على طاولة التقسيم والتعديل او التبادل..! استطرادآ، اصاب هذا التمدد الجيوسياسي على سبيل المثال لا الحصر، الحديقة الخلفية المشتركة لتركيا و روسيا عبر حوار متجدد بالمدفعية الثقيلة بين آذربيجان وارمينيا ضمن استراتيجية “مقايضة الجبهات” Swap Fronts “ناغورني كاراباخ- ادلب”.. مع لحظ تحييد منطقة خفض التصعيد “الحسكة- دير الزور- الرقة” الخاضع قسم منها لسيطرة قوات سوريا الديموقراطية- قسد؛ الغنية بموارد الطاقة والاهم ضمن ترتيب بنود التسوية السياسية..
اشعال المحيط الشرق اوسطي شمل ايضآ دولة اثيوبيا بلد الاعراق المتعددة، حيث الحرب الاهلية تهدد بتداعيات خطيرة وانقسامات تنعكس بالعمق على منطقة القرن الافريقي..! وفي “الارادة الألوهية” Theism قدرة التحكم والتنظيم عند الاله الاميركي، فإن المشهد السياسي الافريقي بعد طول صراع وتجاذب مصري- سوداني- اثيوبي فيما يتعلق ب “شريان الحياة” النيل وسد النهضة، فضل اخيرا على ما يبدو الاشعال الداخلي لصاعق “تيغراي” وسيلة اخضاع لتوازن المصدر مع المصب..!
في الوطن الصغير لا يزال المخاض المؤلم لولادة جديدة بحاجة لعام او اقل، وذلك لبطء اكتمال تنفيذ فصول السيناريو المرسوم. واذ حاول الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون اثر انفجار ومجزرة الرابع من آب 2020 اختصار درب الجلجلة في وادي الموت بتضاريسه الخطرة معيشيا ونقديا وصحيآ الخ.. بدا عناد الافرقاء المحليين مساهم معبر عن التزام سيناريو الهدم المقرر لدى “الاحادية الالوهية” التي سارعت الى اصدار ورقة العقوبات “مذكرة توقيف” للمناورة الفرنسية؛ واذ استمر حراك الاليزيه دفعا لتشكيل الحكومة اللبنانية باي ثمن نوعآ من التمرد الخجول، بدا التنازل عن كثير من بنود مبادرته هبوطا اضطراريآ على المدرج الاميركي.. اما العقاب فاتى ثمنه مسبوق الدفع بقيمة 89 مليار دولار، عبر فرض فسخ والغاء صفقة الغواصات الفرنسية مع اوستراليا. وبالرضوخ المهذب لاحقآ تم محو كل عبارات الغضب الباريسية القاسية مثل “طعنة في الظهر- خرق الثقة- معاملة غير لائقة- الكذب الخ..” وذلك خلال لقاء الرئيسين بايدن/ ماكرون ..!

في السياق الوطني؛ السيناريو المرسوم لدولة المئوية الثانية قارب الانتهاء، اذ لم يبق من بنيان الدولة وهيكلها الا بعض اشلاء.. وفي التحليل لا المعلومات تفترض المرحلة الحالية وقوع حادث ضخم دموي جلل من نوع الاغتيال او خلافه يفجر الوضع نهائيا يتلازم مع لهيب الدولار الحارق والتمرد على رغبات الخارج باجراء الانتخابات النيابية.. ومع مؤتمر دولي او دونه فإن الوليد الجديد سيكون “خلاسي” من اب فارسي “ايران” وام عربية “السعودية”، وسينمو في الحاضنة الاميركية – الروسية، على ان تتم التغذية بالغاز والنفط ب “القطارة” تلافيا لتخمة غير مطلوبة؛ فيما الصحن الاساسي سيكون ثلاثي الحصص باضافة الاوروبي- الفرنسي..!
كما سيسمح لاحقا بلعبة التطبيع اثر انتهاء فترة الرضاعة ؛ ل يُقَص عليه قصص المزارع والتلال ضمن “وحدة المسار والمصير”، مع تحديد مقاييس القوى واحجامها توفيرا لنفقات تواجد قوات الامم المتحدة UNIFIL و UNDOF..!
ختاما؛ البنية التحتية الاستخباراتية على تعدد انتماءاتها العاملة في الساحات المحلية وفق الغالبيةالطائفية والمذهبية تجهد حاليا لترتيب الاولويات وتلافي الاضرار الجانبية Collateral Damage خلال التنفيذ…

 

واذ تفرض الواقعية السياسية الحصول على بركة الكرسي الرسولي بصلاحية زمنية تكفي المئوية الثانية، فإن لحظتها لم تَحُن بعد، والزيارة الاخيرة لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي الفاتيكان كانت ضمن اطار قِراءَة بعض بنود الاحجية ليس اكثر..

—————

بيروت في 28.11.2021