لبنان .. ينتظر رصاصة القتل الرحيم !

 

 

بِقَلَم العميد مُنذِر الايوبي*

يبدو ان الوطن الصغير قد تجاوز حالة الانهاك السياسي والاجتماعي والاقتصادي، كما الاستنزاف المالي والمعيشي والصحي ..الخ وصولآ الى مرحلة تداعي الكيان وسقوطه. اذ انتقل الى مرحلة الغيبوبة، ولم يعد ينتظر سوى رصاصة الموت الرحيم لإنقاذه من عذاباته وآلامه هذا إن وجدت.. وفي ظل عصف متسارع ممارس هادف “لفرط البلد”، فإن إرتفاع معدل جرائم القتل المتنوعة اضافة الى جنايات السلب والسطو المسلح والسرقات الخ.. التي تطال المواطنين الآمنين من قبل مأجورين مرتزقة او موتورين فارين من وجه العدالة اضافة الى عصابات الجريمة المنظمة والمخدرات سبق وسادت ثم بادت عادت وافرخت، فإن “خبرية” الخشية من اغتيال مسؤولين او سياسيين هامين “حماهم الله” مزنرين بالمئات من عسكر ومناصرين، لم تؤرق جفون الفقراء ولا هزت مشاعر الصامتين ذوي قلوب صدأت منذ سنين، كما لم تقفل افواه الجائعين، فالقضية لم تعد تعني جميع الناس لا من قريب او بعيد، لا بل اكثر من ذلك باتت الدعوات تترى لتشمل الكل من الكل ومن كل فجٍ عميق غدوة يوم واصيل علَّ النوائب تصيبهم والمصائب تنزل عليهم، تلهج بها السنة امهات ومعذبين متألمين شاملة مسؤولين وسياسيين، أٰ مذنبين متورطين كانوا ام ابرياء (دون منة)، فالتفريق بين كلا الفئتين بات صعبآ او متعذرآ لغلبة عدد الاولين وندرة الثانين. إذ ان الفرز العقلاني يتطلب اداءً من قضاء مستقل لم ينتهك السياسيين طهارته يكشف العورات ألكأدأ وهو اليوم المُستَغَل لا حول له ولا قوة امام هٰذي الاوليغارشية الفاجرة ..!
تاليآ؛ إذا كانت جرائم القتل الفعلي تتطلب احكامآ قاسية عادلة، فكيف بقتل شعب بأكمله في مستقبل اولاده وقوت رزق عياله ومدخراته المودعة مصارف الاذلال و الضلال.؟ يتساءل اهل البلد..! ما يستوجب حسابآ جماعيآ يكون العقاب فيه أمر و اقسى على مقصلةِ ألمَطهَر في برزخ الثورة إن أفلحت..!

إستطرادآ، في الفاعل الجاني والمفعول به الضحية والمضاف اليه الشريك او المحرض والمتدخل الى غير ذلك من صفات جنائية، فجميعهم في قواعد اللغة العربية من اسماء العلم الممنوعة من الصرف، إذ لا حاجة للتنوين والاغلب الاعم انها معطوفة على صيغة منتهى الجموع من وزن “مفاعيل” سندآ لمرجعية معقدة من بنود الدستور اللبناني وقواعد مبسطة في الصرف والنحو. اما ألإبتذال وقلة آداب البلاغة فيتقنها جمع من عتاة متحذلقين ومحاضرين متزلفين على الشاشات أَ ٰمستقلة كانت ام موالية هم من نوع الاسماء المُعَرَبة حيث تشكيل العبارات وتنقيط الحركات مرتبط بتغير مواقعهم سواء في متن الجملة أو ميدان الواقع المنصوب على فَتحَة الترسيم البحري وضَمَة الاقليم ليصبح الوطن في موقع خبر كان.

من جهة اخرى، في رائعته الكوميدية “حلم ليلة صيف” للعظيم “ويليام شكسبير” لعالم الجن نصيب في شخوصها يتداخل مع عالم الانس ويتلاعب بقلوب البشر. وكما كانت احلام اللبنانيين تستثير الخيال في بلوغ الكمال لجمال البلد و اهمية موقعه الشرق اوسطي فان اليقظة لديهم اتت صادمة مليئة بالكوابيس. فَٰ ألأبالسة على خشبة وطنهم لاعبين مقامرين بالسليقة، يؤدون ادوارآ لاحداث غير متوقعة -ليس أسوأها رفع الستارة عن فصل “أصفار الليرة”- من مسرحية اقليمية ضمن مسرحية دولية تتجاوز عقل او خيال الجالسين على مقاعد الصف الامامي المزدحم باوهام الكرسي الاول على ترتيب من ثلاث..!

في سياق متصل؛ تعتبر “استراتيجية الانهاك” Exhaustion Strattegy اختصارآ من نوع حروب الجيل الرابع 4th Generation Warfare التي تهدف أساسآ الى اسقاط الدولة العدو او الخصم دون قتال، من خلال زعزعة الاستقرار بطريقة “الخراب المتدرج” عبر زرع الفوضى مع تأمين ظروف إستشرائها واستمراريتها في ثبات تآكل المؤسسات سواء بالفساد او بآفات أُخَر. هذه الاستراتيجية مورست على لبنان من قبل العدو ومع الاسف من الصديق ايضآ في تحالف ارادي او لا ارادي مفتعل سواءً عن وعي او عن غباء، بالتعاون مع عدد من الشرائح السياسية المؤثرة الباحثة ابدآ عن البقاء في مواقعها و البعيدة عن المفهوم البيولوجي لنظرية تشارلز داروين C.Darwin “الانتقاء او الاصطفاء الطبيعي” في تعارض مع مصطلح “البقاء للأصلح” Survival of The Fittest. وإذ اعتمد “هربرت سبنسر” Herbert Spencer اشتقاقآ مفهوم “الداروينية الاجتماعية” بمعنى البقاء للاصلح في الشأن السياسي والاجتماعي فإن ما طبق ويطبق في لبنان هو عكس الاصل تمامآ..

توازيآ؛ اذا كان الانهيار رديف الفوضى فالتفاوت واضح بين حجم الانهيار الكبير البليغ الاثر وبين ضآلة حجم الفوضى التي ما زالت تقتصر على صرخات احتجاج بوجه حكم جائر. لكن الفوضى الشاملة القادمة في ظل الانسداد السياسي والاختناق المعيشي ستنزلق بالبلاد نحو فتنة مذهبية او طائفية متزامنة مع ضغط جنوني على سعر الدولار الاميركي، تاليآ لا تحتاج “الفوضى الخلاقة” لتندلع على النسق البولندي لصاعق تفجير من نوع عملية اغتيال شخصية حزبية او طائفية هامة فهي حاليآ لزوم ما لا يلزم لمسرح ملتهب اساسآ، اللهم الا اذا اُريدَ صهر المنطقة في اتون التقسيم الضخم الارتدادات على مرجل نووي مرتفع التخصيب بعد عودة الى اتفاق مريب..!

ختامآ؛ ماذا عن الحكومة المنتظرة وعملية الانعاش الدولي الاقتصادي و المالي والسير في التدقيق الجنائي واستعادة الاموال المنهوبة والمحولة الخ…؟
إن ابتعدنا عن مدينتي مأرب ودير الزور وما بينهما من فواصل او جسور، و اذا اعتبرنا زيارة الجنرال ماكنزي M.McKenzie اليرزة والحاج محمد رعد موسكو وما تلاهما وعلى وقعهما من اجتماعات لاطراف اقليمية خارج ضرورات البوم الصور وهما حتمآ كذلك؛ فمن الواضح ان مسودة التشكيل على نسخها المتضاربة المقدمة التي قبع بعضها في الادراج وأُخَر سُرِبت واودعت السفارات، جعل الولادة تحتاج لتسعة اشهر كاملة مع اعتماد الحاضنة Couveuse لاحقآ.. وإذ تم حجز غرفة عمليات جراحية تضم اشهر الاطباء الروس والفرنسيين باشراف البروفسور الاميركي مع ممرضين ايرانيين وخليجيين، إلا ان اختلاف اللغات واساليب العلاج وجرعة Dose البَنج في عالم الطب قد يؤدي الى تضارب وتناقض يتسبب بالموت الفجائي؛ لذلك وعلى امل ان يأتي الجنين الحكومي غير مشوه، فالاشهر المعدودات الخمس القادمة ستكون حبلى بألام المخاض و الخشية إحتياطآ من عدم او تلافي الاجهاض الارادي امر مباح عاقل..!

—————–

بيروت في 18.03.2021