وَقفُ الله على ألأرض..!

بقلم العَميد مُنذِر الايوبي*

في تغريدة للإعلامية سمر ابو خليل : “كانت تسمى فلسطين .. صارتْ تسمى فلسطين هذه الأرض هي وقفُ الله .. وعصيّةٌ على كل خائن”..
هذه مقدمة ألمقال ولفلسطين المقام :
في هروب الى الامام لم يتوقف أو يبالي “جاريد كوشنر” Jared Kushner مستشار الرئيس الاميركي أمام مقاطعة وعدم مشاركة السلطة الفلسطينية وأطرافها لورشة العمل الاقتصادية التي عقدت أواخر الشهر الماضي في “المنامة العاصمة البحرينية كذلك لم يعنِ شيئآ للدول العربية المُشارِكة في المؤتمر الغياب الفلسطيني..
هذا في الشكل، وهو مُتسق مع ألجوهر، أما المضمون فَالأمور مكشوفة لا تحتاج لتفاسير أو براهين “صفقة القرن”.. يعتبر القادة الصهاينة منذ “تيودور هرتزل” حتى بنيامين نتنياهو ان “صك الشرعية” الكامل ألأبدي هو ما تحتاج اليه اسرائيل، فَمهما امتلكت ألدَولَة من أسلحة متطورة وسواءً اجتاحت أو قتلت و شردت فأن التنازل عن الارض والاعتراف بالكيان الغاصب و الإذعان ألعربي ألنهائي هو ألأمر الضروري ألأساسي الذي ينهي القضية ويشرع الدولة القومية اليهودية، وعلى هذا الوتر عزف ألرئيس الاميركي دونالد ترامب عندما اتخذ قراري نقل السفارة الاميركية الى القدس وضم هضبة الجولان المحتلة إلى الكيان العبري ضامنآ بذلك ولايته الثانية أو على الأقل تأييد أللوبي أليهودي له، كما أن نموذجي إتفاق كمب ديفيد ووادي عربة ماثلين ..

في نفس السياق ومنذ إقالة وزير الخارجية الاميركية السابق “ريكس تيلرسون” Rex Tillerson على خلفية شهادته أمام لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس ألمتضمنة أن المستشار السياسي Kushner كان يحضر لصفقة القرن مع دول الخليج دون علم دوائر وزارتي الخارجية و الدفاع. حَسم أو ربما إعتقد إستراتيجيي ومُخططي البيت الأبيض ان فلسطين وأقداسها ، أرضها واَهلها أصبحت سطرآ ضوئيآ يَمُر كل دقائق على شاشة البورصة في “وال ستريت” NY Stock Exchange ومن هذا المنطلق سُميَت الصفقة .. صفقة ألخمسين مليار دولار “بازار الخيانة”.

أتى العرض وألتسويق للمشروع من الصهر الاميركي أمام وزراء مالية الدول الخليجية ولفيفها و وزير الخزانة الاميركية “ستيفن منوتشين” Steven Mnuchin إضافةً الى المديرة العامة لصندوق النقد الدولي “كريستين لاغارد” Christine Lagarde منفصلآ عن ألواقع لا وجود فيه لِكلمة “إحتلال” في ألمُطلق ، إستطرادآ و غلوآ في الازدراء و ضمن منطق التسويق ألمُتقن لِسمسار البورصة الشاطر قال “كوشنير” للمؤتَمِرين انها ليست الصفقة فقط بل هي “الفرصة” – (فرصة البيع ، بيع فلسطين)..!
ثم تمادى بإبراز احلام ازدهار اقتصادي قروض ، منح ، استثمارات ، تأمين فرص عمل ، بُنى تحتية ووسائل نقل حديثة متطورة ..إلخ. مستفيضآ في كلمته معلنآ عن قناعته انه “عندما يتم الازدهار الاقتصادي في غزة سيتجه الأمر نحو الاستقرار وسيمنع القوى المتطرفة من الاستحصال وحيازة الصواريخ أو مواجهة جيش إسرائيل”…

من ألواضح أن الرجل في خطته بدأ من الآخر دون التطرق الى خطوط الاتفاق السياسي ألمُحَضَر الخالي من شكل دولة و سياج حدود Plan B ، سلام الاذعان المعروض ، التنازل المفروض والتوقيع المرفوض مُسْبَقآ أما “المكتوب فيقرأ من عنوانه”.. تاليآ لم تكن الورشة او المؤتمر بغاية و لضرورة مناقشة حلول سياسية أو مرحلية كذلك لا تبادل لأفكار او مناقشة معطيات تاريخية محسوسة وجيو سياسية حساسة تنحو بإتجاه حل الدولتين و مبادرة بيروت العربية لِلسلام ، بل كان الأمر اشبه بألمزاد – المناقصة جمع المال و التبرعات ، فرض الخوات بُقَجٌ من الدنانير خمسون من العار .. لاحقآ أوساط القرار الاميركي أعلنت ان جوانب الاتفاق السياسي المفترض لحل النزاع و ملحقاته سيعلن في تشرين ألأول ألمقبل وذلك “حرصآ منها على ماء الوجوه الكالحة و مراعاةً للحاضرين”.
لافتآ و مُختَصِرآ كل تقييم أو تعليق على الحدث وصف أمين عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأسبق محمد البرادعي المؤتمر إنه : “درس لمن يتصور ان تقديم حوافز اقتصادية سوف يؤدي الى تنازل الشعب الفلسطيني عن حقوقه المشروعة” إنها عملية خداع مكشوفة …

في نفس السياق العقيم لأية نتائج سياسية و قرار رفض قاطع من وزارة الأوقاف الأردنية و البطريركية الأرثوذكسية الروسية عَرَض “كوشنير” نقل الوصاية على المراكز و المؤسسات الإسلامية كذلك المسجد الأقصى المبارك و قبة الصخرة الى الوزارة الدينية السعودية بدل الوصاية الهاشمية التاريخية ، أيضاً تسليم البطريركية الأرثوذكسية اليونانية المراكز المسيحية و الأديرة و كنيسة القيامة ..
توازيآ ، بألرغم من أن حراك الشارع العربي و الرد على ما يجري خَمود دون المَعهود و هذا أمر مفهوم ، إذ أن الطوق كُسِر منذ زمن عن كيان العدو “دول الطوق” و دول الدعم انهارت في ربيع كاذب قاتل منذ عقد من السنين و لا تزال فإن ألمراهنة على ألسير بالصفقة تحت ظلال جدولة أو إلغاء ديون ألأردن و تصفير ألمئة مليار دولار للبنان قد سقط ، كما وفق تعبيره فأن “الفرصة” التي منحها السيد الاميركي ضاعت أو ستضيع ..!

ألثابت ألباقي الى يوم يُبعثون هو “وَقف الله على ألأرض” كنيسة القبر المقدس و نورها الفائض ألسَيد الذي حقق الفداء للعالم ؛ مَسرى الرسول إلى السماء قبة الصخرة و الذي بورك حوله توأم ألجلجلة المسيحية ..! هُم الذين يكتبون الصفقات بحبر دماء الأبرياء لم يقرأوا في “مغارة ألكنوز” و “إنجيل برتلماوس” و “صراع آدم” و “ألعهدة ألعُمَريَة” و ليسألوا صلاح الدين عن حفظِ مفتاح الكنيسة المقدسة منذ عام 1187 و هو اليوم بعهدة ألمُسلِم الفلسطيني أديب جودة يهرع كل فجر لفتحها بفخر و خشوع … هي “قُدسُ – أطفال ألحجارة” عَصيَة على كل خائن …

*عَميد مُتقاعِد .
بيروت في 01.07.2019