“هيومن رايتس ووتش”: حكومة لبنان مسيئة تدوس على حقوق حرية التعبير

انتقدت منظمة “هيومن رايتس ووتش” السلطات اللبنانية على خلفية إلغاء حفل الفرقة الموسيقية المعروفة ب “مشروع ليلى” الذي كان مقرراً في 9 آب / أغسطس 2019، ضمن برنامج مهرجانات بيبلوس الدولية في جبيل.

وقالت المنظمة في بيان اصدرته “ان اللجنة المنظمة للمهرجان ذكرت اعتبارات أمنية وقالت إنها تريد منع “إراقة الدماء”، إثر أسبوع من الضغوط والتهديدات، التي مارسها، بعض الأفراد وبعض المجموعات المسيحية”.

اضاف البيان: “لم ترد وزارة الداخلية على تصعيد التهديدات بالعنف ضد مشروع ليلى، ولا تعهدت بضمان سلامة المهرجان ورواد الحفلات. إنما وفي 24 تموز/ يوليو ، أحالت النيابة العامة اثنين من أعضاء الفرقة إلى الاستجواب، الذي دام 6 ساعات. أجبرهم عناصر “أمن الدولة” على التعهد بإزالة منشورات من مواقع التواصل الاجتماعي، في خرق لحقهم في حرية التعبير”.

وقالت لما فقيه، مديرة قسم الشرق الأوسط بالإنابة في “هيومن رايتس ووتش: “إن إلغاء حفل مشروع ليلى يعكس تزايد اعتماد الحكومة على قوانين فضفاضة ومسيئة لخنق حركة النشطاء والصحفيين والفنانين وفرض الرقابة عليهم. يُظهر قرار الحكومة بالتحرك ضد مشروع ليلى، مع تجاهل التهديدات الخطيرة ضد الفرقة”.

واعتبرت فقيه “أن الحكومة تستخدم قوانين التحقير والتحريض بانتقائية في ممارسة الرقابة على الآراء الخارجة عن السائد”.

اضافت :”ان منظمات حقوقية، منها “هيومن رايس ووتش تلاحظ التزايد الهائل في استخدام القوانين الجنائية التي تجرم التشهير وإثارة النعرات الطائفية في اعتقال واستجواب ومقاضاة الأشخاص الذين يمارسون حقهم في حرية التعبير. وقال صحفيون ونشطاء لـ هيومن رايتس ووتش إن مناخ الملاحقات القضائية القائم على التعبير السلمي عن الرأي له أثر تخويفي كبير. قال البعض إنهم بدأوا في ممارسة الرقابة الذاتية خشية استدعائهم للاستجواب.”

وطكرت بأن “الدستور اللبناني يضمن حرية التعبير “ضمن دائرة القانون”. والمادة 19 من “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية” – الذي صادق عليه لبنان في 1972 – تنص على أن “لكل إنسان حق في حرية التعبير”. لكن قانون العقوبات اللبناني ينص على مواد تجرم حرية التعبير؛ فالمواد 474 و475 تجرّم تحقير الشعائر الدينية وتشويه الرموز الدينية والمقدسة. يُعاقَب على الجريمتين بالسجن من 6 أشهر إلى 3 سنوات. والمادة 317 تجرّم “الحض على النزاع بين الطوائف”، وتعاقب على ذلك بالسجن من سنة إلى 3 سنوات، حتى إذا لم يكن من المرجح أن يؤدي الخطاب المعني إلى التحريض على العنف أو كان هذا هو القصد منه”.

وطالبت “هيومن رايتس ووتش”  السلطات اللبنانية ب”إسقاط الاتهامات الجنائية عن التعبير السلمي عن الرأي”، قائلة انه “ينبغي للبرلمان أن يلغي بشكل عاجل القوانين التي تجرم الخطاب السلمي”.

وقالت “ان القوانين المبهمة إلى درجة عدم فهم الأفراد أي آراء هي التي قد تخالفها تهيئ لمناخ غير مقبول من الخوف من التعبير بحرية عن الرأي، لأن المواطنين قد يتجنبون نقاش أي موضوع يخشى أن يعرضهم للمساءلة. النصوص القانونية الفضفاضة والمبهمة لا تقتصر مشكلتها فقط على عدم وضوحها للمواطنين، إنما تجعل القوانين قابلة لتكون أدوات في يد السلطات بحيث تستخدمها في إسكات المعارضة”.

ورأت “هيومن رايتس ووتش” إن السلطات اللبنانية، وبدلا من ضمانها اتخاذ جميع الاحتياطات الأمنية لكفالة الأمان للحفل، فقد اختارت أن تتعرض لحق مشروع ليلى في حرية التعبير”. 

كما قالت فقيه: “ان هذا التحريض يُظهر كيف تُستغل قوانين التشهير والتحريض والتحقير الجنائية في لبنان من قبل جماعات لها نفوذ كبير، وكيف تترك الأصوات المهمشة وأصحاب الآراء المغايرة بدون حماية. ينضم لبنان إلى صفوف الحكومات المسيئة في المنطقة التي تدوس على حقوق حرية التعبير، وبهذا فهو يستبعد المواهب والنقاشات التي تجعل هذا البلد (على) ما هو عليه”.