مذبحة بود داجو … شاهدة على الجريمة المتمادية بحق مسلمي الفيليبين

 

“الدنيا نيوز” – دانيا يوسف*

“بلدة كاملة لم ينج من أهلها سوى 6 أشخاص قفزوا إلى أطراف فوهة البركان”… هكذا لخص الكاتب والمؤرخ لأحداث الحرب العالمية الثانية، هيرمان هيجدونغ، ما فعلته قوات الولايات المتحدة الأميركية بالمسلمين المورويين في آذار/مارس من عام 1906، حين فتحت البحرية الأميركية النار على سكان قرية جبل داجو، بجزيرة جولو الفلبينية.
أسباب الاعتداء الأميركي كان مطالبة سكان القرية بحكم ذاتي يحافظ على هويتهم المسلمة، والتي أطلقوا لتحقيقها حركة سياسية وثورية كبيرة عُرفت باسم ثورة المورو، الأمر الذي أثار المحتل الأميركي الذي كان يسعى بكل قوة لفرض المذهب الكاثوليكي في أكبر مساحة ممكنة من شرق آسيا، فكان أن أبادت القوات الأميركية القرية عن بكرة أبيها.

خلال المعركة، هجم 970 جندي وضابط أميركي بقيادة العقيد جي دبليو دنكان، على الموريين عند فوهة بركان القرية، حيث يسكن 800 إلى 1000 من القرويين من ضمنهم النساء والأطفال وقتلوهم وأنهوا المعركة بحفر مقبرة جماعية كبيرة ألقوا فيها جميع الجثث، عُرفت باسم “حفرة المورو”.
ورغم ذلك، اعترف هيرمان هيجدونغ بأن مقاومة الموريين كانت الاشد على الإطلاق في الحرب الفليبينية الأميركية، وقد كانت نصرا للأميركيين عسكريا، لكنها كانت انهيارا كاملا في العلاقات بين قبائل الفلبين والأميركيين، لأنها كانت الأشد دموية من بين كل الاشتباكات التي حدثت في تلك الحرب.

من هم المورو؟
المورو، ويسمون أيضا بانجسامورو أو بنغسا مورو، هم السكان المسلمون في الفلبين، والذين يشكلون أكبر مجموعة غير كاثوليكية في البلاد والتي تضم حوالي 5.1٪ من مجموع سكان الفلبين.
هناك نحو 13 مجتمعا من مجتمعات السكان الأصليين غالبيتهم تحولوا إلى دين الإسلام وأصبحوا الآن من المسلمين أو الموروس. والأكثرية من هؤلاء المسلمين من أتباع الإسلام من المذهب الشافعي.
دخل مصطلح مورو (موور) حيز الاستخدام خلال فترة الاستعمار الإسباني من طرف الإسبان، حيث إنه كان يستخدم في الأصل للإشارة إلى المسلمين البربر والعرب الذين حكموا الأندلس، وهي مشتقة من كلمة مارويكوس الإسبانية، بمعنى مغربي، والتي يطلقها الإسبان على العرب بشكل عام حتى اليوم.
يفتخر المسلمون الفلبينيون باسم المورو لأنه يربطهم بالعرب، وعلى كل الإعلانات التجارية بالبلاد، يستخدم الموقعون كلمة “أمة المورو” والتي ترجمت إلى بنغسا مورو.

واقعهم الحالي
تم منحهم حكما ذاتيا في يوليو/ تموز 2018، وذلك بعد نضال طويل استمر عدة قرون، قادتها جماعات ذات نفوذ مثل جبهة تحرير مورو الوطنية (الجبهة الوطنية) التي تبنت هوية المورو من أجل توحيد جميع الجماعات الإسلامية في الفلبين.
وتكمن جذور نضالهم لأجل الحصول على الحكم الذاتي أو الاستقلال عن الحكومة المركزية الفيليبينية ذات الغالبية الكاثوليكية، من خلال مقاومة الحكومة بعد الاحتلال الإسباني والأميركي الذين أجبروهم على التخلي عن نظامهم في الحكم الذي كان عبارة عن سلطنة والاندماج ضمن الجمهورية الفلبينية الحديثة باعتبارها سياسة رسمية.

توزيعهم السكاني الحالي
يعيش معظم شعب مورو في مينداناو، سولو وبالاوان. ويرجع ذلك إلى الحركة المستمرة لشعوبها منذ القرن ال16 حتى الوقت الحاضر بسبب حرب الفلبين – بنغسا مورو، كما أن مجتمعات المورو يمكن العثور عليها في جميع المدن الكبرى في الفلبين، بما في ذلك مانيلا، سيبو ودافاو.
وقد هاجر العديد من الموروس إلى ماليزيا واندونيسيا وبروناي في النصف الأخير من القرن العشرين بسبب الصراع في جنوب الفلبين.
حاليا، يمكن الاطلاع على المجتمعات الحديثة اليوم في كوتا كينابالو، سانداكان، سيمبورنا في صباح (ماليزيا)، شمال كاليمانتان المجاورة في إندونيسيا، وكذلك في بندر سيري بيغاوان بروناي.

وأيّا ما يكن، فإن تلك المذبحة ستظل شاهدة على الإجرام الأميركي بحق المسلمين عموما، وشعب الفلبين خصوصا. لكن الطريف في التاريخ أن المشهد الأخير يكون دائما من نصيب الشعوب الثائرة، فقد نال المورو مطلبهم بالحكم الذاتي أخيرا، وتُحكم منطقتهم اليوم بأعراف الشريعة الإسلامية.