مآزق الدولة الضحلة … وفلسفة الخيانات

بِقَلَم العميد مُنذِر الايوبي*

في اليأس حالة من محال تَحَقُق الرجاء او السعي، يرادفه القنوط توأم التحسر مؤداه كثير من اكتئاب واحباط، وصولآ الى حد نحر النفس او انتحار بالجسد.. حزمة مشاعر سلبية ان ترجمت فظاهرها من قنوط علامات تبدو واضحة على المحيا والجسد..! في الخيبة انقطاع الامل هي قبله اما اليأس فما قبل او ما بعد.. الرجاء متوجب الغلبة حتى في الدعوة للخالق سبحانه فأمل الاستجابة رجاء، اذ لا يأس من رحمته..! على ان خير الطمع ابتغاء رضى الله سبحانه بغفران الذنوب ونعمة الراحة الابدية سكنى جنة الخلد، الفوز بها سهل التحقق بالخبز وحده يحيا الانسان وبالخير ليس إلا يكون الفوز، اما ما تبقى فمن نوع الشرور لبوس الخطأة، هو الطمع لبوسه الجشع حافزه الحسد نزوع الى السيء مع كثير من شهوة، رغبة جامحة مطلقة بالحيازة لذات ألأنا ..!

قد “بلغ السيل الزُبى” وهو موضع لا تطاله المياه، جرف اليأس هادرآ اهل البلاد بعيشهم وصحتهم ورزقهم الهباء، فيما بقي كهنة النظام بمنأى، اذ زابَنوا بسياسة مزغولة واعراف مرذولة شعبهم، وفِعلُ المُزابَنَة هنا بيع مستقبل مجهول بمعلوم السطو على اموالهم؛ عرايا من كل حس وندم، ضمائر مُصَحَرة تبيع الرُطَب على رؤوس النخيل سندات دين بلا ضمان Naked Debentures..!
تاليآ؛ بين سد مأرب في اليمن السعيد ومثيله المسيلحة في الوطن الحبيب، مسافة جغرافية تقارب 3000 km والتاريخية منها تحسب بالقرون من الثامن ق.م الى عام 2019.. شبه « حبل السرة » Umbilical Cord مهتريء دون شريان او وريد.. جفاف مشترك ، حرب بالحديد الصدأ والنار الحارقة تطال مملكة سبأ وشواطيء الخليج وبر المملكة،، واخرى بالسياسة والاقتصاد تضرب اسس كيان في مئويته الاولى صار لا دولة مع صفات جرمية ليس اقلها ظلم شر مستطير وفشل في حوكمة ادارة ومؤسسات..!
واذا كان اليمنيون شريحتين بين من مع “هادي” سلطة هشة دكتاتورية وحكم غير صالح، ومن مع “حوثي” حركة مسلحة مذهبية هاشمية زيدية العقيدة لها مرشدها الديني واتباعها فسيان كلاهما غرقى في نزعٍ شديد .. التكابر على حلول سياسية تحقن الدماء فمن صنف
“أخو الشقاوة بالجهالة ينعم”..
اما اللبنانيون ف منقسمين عاموديا وافقيا عشرات الافرقاء مع وضد وفق انتماء في معظمه لا وطني، العمالة وجهة نظر الابالسة، أَكانت لدولة صديقة او شقيقة ام لخصم ولو عدو؛ تدخل في عدة ابواب قباحتها استقواء كبائرها ارتزاق، فلسفة في الخيانة والارتهان والتبعية.. اعتياد خدمة باب عالٍ ذو قنطرة منخفضة تفرض انحناءةً عساها تطال الكراسي والمناصب وراثة او رذالة وتنمر..!

تسيد الكارتيلات من صلب او مآزق الدولة الضحلة، لا عمق في الهشاشة، صنيعة فساد انغماسي من نوع “اوليغارشية” Oligarchy تحالف السلطة والمال.. الانتخابات مأزق جديد تُحسَب نتائجها مسبقآ مع تشحيل ما امكن من معارضين ومترددين… خشية مطروحة لمواكبة او مراقبة خارجية..! “ليلرة الودائع”عنوان مستجد فتوى حرام تبيح سطو المصارف على ما ادخر ودون حبرآ على ورق ..! في القضاء لا تحرر، ارتهان للقدر، بين التجرد والاستنساب الناس رهائن، غضب تجاذب راهن دائم عن حقيقة..! اقتحمت محرابه السياسة قبولآ ضمنيآ او تجاهل علني على نية ضمير الغائب.. أَنَّ احتباس العدالة في يد القاضي لا تكون ضمانآ لحق ولا تأمين لإستيفاء دين..!

الماخور الاستخباراتي محتقن ومطابخه تعمل على نار هادئة، اجهزة تعربد تصنع الحدث ثم تتصنع التعاون لتلملم الشظايا.. ضغوط سياسية دون افق اصلاح حقيقي فاعل ومأمول اما الاقتصادي ففي خانة المأساة.. تفلت الضوابط السياس-امنية في وضوح مثلث الطيونة فَرَض رفع بطاقة حمراء “بنالتي” Penalty فيتو الاقتراب من الشارع.. حرارة اللهب تطال الكل عدم قدرة على وقف التدحرج مع اهتزاز تصادمي لزلزال امني بمقياس المحورين المتضادين المتواجهين.. يبقى الفضاء مفتوحآ مرحليآ على مخاطر “التحويم” Hovering لمسيرات Drones، قاتلة ان لفحت ريح ساخنة شمالية بغدادية التشكل، نتاج ضغط جوي مرتفع كَسْبُ حلول من نوع التنازل على الساخن..!

الاشتباكات السياسية الجانبية المحلية صنو الولوج مذهبيآ الى ساحتي شد العصب او خفض التصعيد السنية والمسيحية تظهر ثبوت بدء المواجهة داخل محرابيهما، تضاد لامبالاة سخافة قِراءَة لمستجدات الاقليم..! تبقى الحكومة بحاجة لصافرة حَكَمٍ مستورد لاعتياد الوصاية.. اذ لا مناص من احتكام عَلَّ مدها بانابيب الغاز المسيل ما يكفل تجاوز الاختناق..!

اخيرآ؛ من حضور رأس المخابرات العامة المصرية اللواء عباس كامل الى بيروت تزامنآ مع سفير الجامعة العربية حسام زكي مساعي وساطة ديبلوماسية لاستقالة او اقالة على حدِ نصلي السيادة والانبطاح ، بالتوازي مع زيارة وزير الخارجية الاماراتي عبدالله بن زايد دمشق مرفقة بختم العودة الى القبيلة العربية بالتوقيع على صك انشاء معمل “كهروضوئي” photovoltaic في ضواحي العاصمة، الى زيارة قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني اسماعيل قاآني لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي مسبغآ لبوس الطمأنة والاطمئنان اثر محاولة الاغتيال الفاشلة، تبدو خيوط الدمى Marionettes تدار من واحد احد بطريقة “دراماتورجية” Dramaturgy بحاجة لفكفكة منعآ لتصادم التفاعلات والتفسيرات او تدجينها..! فيما لوحظ ان مشروع الشام الجديد بات شخوص خيال، لُعْبٌ تمثيلي من الشرق الاقصى الى الاوسط ..! بحاجة لاعادة تهجأة الطريق نفسه المضبوط توقيته من مقتنع ان الولايات المتحدة الاميركية ب “اليأس” ان ظن، تركت خشبة المسرح او نفضت يديها من الاقليم الشرق الاوسطي ..!

—————————

بيروت في 12.11.2021
*كاتب وباحث في الشؤون الامنية والسياسية